اليوم وكدأبي في كل يوم، استيقظت مبكرا. المناخ رطب وحار، بعد شروق الشمس بساعة، سمعنا صوت (الدائرة) . والدائرة تطلق هنا على مسرحية الإمام الحسين عليه السلام في الطف . تقام هذه الدائرة بالقرب من حي بستان في المحمرة، كما أنها تقام في مثل هذا اليوم في كل محافظاتنا الأهوازية في العاشر من محرم .
اقترحت أم شروق أن نذهب لنلقي نظرة على هذه المسرحية التي تقام على شكل دائرة، أسامة لم يزل نائما، وماجد رفض الذهاب معنا ! قال إنه رآها في العامين الماضيين وإنها مكررة ومملة !
فجلبنا فاروقا ذا العامين وركبنا سيارتنا - رغم قرب المسافة - وسرنا نحو الساحة الترابية التي بنوا فيها الخيم قبل أيام ليراها الناس فيعلموا أن الدائرة ستقام هنا .
ركنت السيارة على بعد 100 متر من الدائرة وترجلنا لندخل الساحة التي تقام فيها المسرحية، كانت الشمس على يميننا، فمسكت يد فاروق بيدي اليسرى لأقيه حرارة الشمس .
لم نجد إلا القليل من المتفرجين، وكأن ماجدا كان محقا والناس سئموا الحكايات المكررة .
كنت قد حضرت نفس الدائرة التي يبلغ شعاعها 20 مترا قبل أعوام، والحقيقة أن تمثيل فنانيها ضعيف، بل ضعيف أشد الضعف .
والدليل أنهم لم يدخلوا دورة تدريبية للمسرح، واسألني هل توجد دورات تدريبية للمسرح في الأهواز؛ لأجيب : كلا .
يرتدي جيش يزيد بن معاوية ملابس حمراء، وجيش الحسين ملابس خضراء، يتحاورون عبر مكبرات الصوت بنصوص فصيحة ودون مراعاة قواعد النحو طبعا، (ولا ألومهم لضعفهم هذا، هذا لأنهم لم يدرسوا في مدارس عربية)، وينشدون أشعارا حماسية دارجة، ويتحاربون بالسيوف، ويبلغ عددهم خمسين ممثلا، وتستغرق المسرحية ثلاث إلى أربع ساعات .
وقفت مع المخرج بضع دقائق وسألته عن غياب الساحة من الخيول فقال :
تأجير الخيول يتطلب مالا، ونحن أقمنا هذه الدائرة من تبرعات الممثلين ! وغايتنا كسب الثواب والأجر ليس إلا .
ثم قال وهو يهز يده ويراقب الممثلين الذين يركضون يمنة ويسرة فيحدثون ضجة بصليل سيوفهم :
ذهبت إلى المندوب في مجلس الشورى أطلب دعمه، فرفض !
سألته : لماذا لا تُفعّلون المسرح العربي في المحمرة ؟!
فقال : لا تدعم دائرة الإرشاد المسرح العربي !
أردت أن أشجعه وأقترح عليه بعض الطرق لتفعيل المسرح، بيد أن خمسة من الممثلين جاؤوا وطلبوا منه الإنصراف لشدة الحرارة، فقام يصبرهم ويطلب منهم البقاء حتى حملة العباس، لكن بعضهم خلع خوذته الحديدية وملابسه الحمراء ولم يذعن له !
وكيف يذعنون وهم لم يتقاضوا أية مبالغ، بل كانوا هم المتبرعين !
لم يمهلنا المناخ الرطب الحار لنتفرج أكثر، خاصة وأن فاروقا بدأ يتذمر؛ فودعت المخرج ومعاناته وفقره وعدم رضاه من كل ما يجري، ورجعنا .
20-9-2018