المعرض الّذي أقامته البلديّة

2021-03-24


كلّ سنة تدعو البلديّة التّجار من خارج الأهواز، ليقيموا معرضا للمأكولات والبضائع والكتب في المحمّرة وباقي مدن الأهواز .
وفي هذا العام أقيم المعرض في أكثر من ستّين حجرة جنب الجّسر القديم، زرته في أوّل يوم عرضه؛ ولفتت انتباهي حجرة الكتب فحنفتُ صوبها .
كان البائع شابّا ثلاثينيّا سمينا يرتدي قميصا أسود، سألته بلغته إن كان لديه كتب عربيّة؛ فقال لا.
اقترحت عليه بعد أن تكلّمنا قليلا أن أجلب له كتبا عربيّة يكسب من بيعها 30 بالمئة، فقبل مكرهًا، وكأنّي جعلته في موقف حرج خلال محادثتي معه فصعب عليه الرّفض .
وحسب تجربتي من بيع الكتب، لم أحضر له سوى 10 نسخ من كتبي، وطلبت منه أن يتّصل بي فور نفادها .

زرته بعد ثلاث ليال فقال: لقد نفدت الكتب في نفس الّليلة الأولى. ونظراً للاستقبال المكثّف على المعرض كان من الطبيعي أن تنفد بسرعة .
خاطبته معاتبا : ولمَ لم تتّصل بي لأزوّدك بنسخ أخرى ؟!
فقال : كنت مشغولا جدّا !
استغربت وكان المعرض يستقبل الزوّار عصراً وليلاً، ولدى الرّجل الصّباح بأكمله ليتّصل إذا كان يريد الاتّصال حقّا .

زوّدته بعشر نسخ أخرى؛ لكنّه تململ وقبلها في إكراه ثانية .
وعندما رحت أتفقّد الكتب بعد ليلتين، لم أجدها على بساطه، وهذا يعني أنّها بيعت، ولم يتّصل بي !
في المرّة الثّالثة ورغم أنّ المعرض أقيم لأسبوعين كاملين، رفض أن يتقبّل الكتب ! واستغنى عن الثّلاث مئة ألف ريال الّتي يستطيع أن يكسبها في ليلة واحدة وقال معتذراً :
البساط لا يكفي لعرض الكتب . بينما كنت أرى مساحة شاغرة تتّسع لكتبي وكتب غيري أيضاً !

لا أريد أن أتّهم الرّجل بالعنصريّة وكره لغتنا؛ والحقيقة أنّ رفضه لعرض الكتب العربيّة يأخذك إلى حدود اليقين في هذا الادّعاء؛ وإنّما أريد أن أؤكّد على أهمّية وجود المعارض للكتب العربيّة في المحمّرة وفي باقي محافظاتنا والّتي نفتقر إليها فقراً مدقعا .
ففي غياب هذه المعارض كيف يستطيع الكاتب أن يبيع كتبه ؟! ودور النّشر في الأهواز لا تسوّق كتب الكتّاب .
وكيف يستطيع القارئ الأهوازيّ أن يعثر على الكتب الّتي يريد ؟! ومدينة المحمّرة محرومة من أيّة مكتبة عربيّة أدبيّة .

وإقامة المعارض للكتب مسؤوليّة تقع على عاتق دائرة الإرشاد بالدّرجة الأولى، وعلى عاتق الشّباب المثقّفين المهتمّين بالدّرجة الثّانية، شرط أن تتعاون دائرة الإرشاد معهم فتغلق الأبواب الّتي تهب منها ريح العنصريّة والحقد للغة الضّاد، وتفتح لهم المجال وتهيّئ المكان وتدعمهم بالمال . ولا شكّ أنّ هناك ميزانيّة لدى دائرة الإرشاد مخصّصة لمثل هذه الأغراض .
أقول هذا لأنّ في العام الماضي  أقيم معرض للكتاب في مدينة عبّادان من قبل المنطقة التّجاريّة ودائرة الإرشاد، فاتّصل بي أحد الأصدقاء لأعرض كتبي هناك؛ لكنّ شخصا غير عربيّ يدعى قنواتي ويبدو أنّه رئيس قسم الإرشاد في المنطقة التّجاريّة مانع عرض الكتب العربيّة في المعرض لأسباب عنصريّة ليست إلّا .

سعيد مقدّم أبو شروق

 مدرس فرع رياضيات

يسكن  الأهواز

نشر قصصه في العديد من المواقع

نُشرت له مجموعة من القصص القصيرة جدا

saeed135057@gmail.com

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved