كان لي ميعاد مع صديقي قاسم أبي مريم، نسّقنا أن نتمشّى ساعة ليلة الثّلاثاء؛ وفي السّاعة المحدّدة مطرت السّماء واشتدّ المطر، لكنّنا لم نلغ الميعاد .
فخرجت من حيّ بستان واتجهت نحو بيت أبي مريم الّذي لا يبعد عن بيتنا سوى عشر دقائق . ورحنا نتمشّى والسّماء تمطر وابلاً .
جذبنا صوت أمّ كلثوم من محلّ يبيع الفلافل، الذي يقع بالقرب من المكتبة العامّة، فجنحنا صوبه رغم أنّنا لم نكن جائعين؛ واستقبلنا الرّجل وهو يدندن مع صوت أمّ كلثوم، وبدأ يدردش مع أبي مريم حتّى ظننت أنّهما يعرفان بعضهما حقّ المعرفة !
ثمّ سألنا الرّجل : ماذا تأمران ؟
وطلب أبو مريم عصيرين ولفّة فلافل قسّمناها إلى نصفين .
وأنا آكل نصف اللفة وصوت السيّدة يصدح، رحت أفكّر بالموسيقى العربيّة وما يمنع العرب الأهوازيين من بثّها والإستماع إليها !
صحيح إنّها كانت ممنوعة في بدايات الثّورة وطيلة فترة الحرب؛ لكنّي لا أراهم يؤاخذون أحدا بعد تلك الحقبة السّوداء، بجريرة الإستماع إلى موسيقاه العربيّة !
أم أنّنا تطبّعنا بسهولة وفي فترة قصيرة؛ وأمسينا ننفّذ المخطّطات الّتي حيكت ضدّنا دون أن يراقبنا أحد ؟!