في الفترة التي أعقبت إنتهاء الحرب العالمية الثانية حدثت أشياء شجعت علي نمو السياحة منها النمو المذهل في عدد وكلاء السفر في العالم، وزيادة حقوق العمال بسبب نشاط النقابات العمالية،كما أن تعافي الإقتصاد العالمي ساهم في زيادة القدرة لدي راغبي السفر في تحمل تكاليف السفر .
ومع وجود زيادة ملحوظة في أعداد راغبي السفر ظهرت الحاجة الي طلب مشورة الخبراء أو المختصين(وكلاء السفر)،وأصبح المسافر يلجأ الي وكالات السفر لإستشارتها والتعرف علي الخدمات التي تقدمها .
أول ظهور لوكالات السفر كان في بدايات القرن العشرين، وكانت مجرد مكاتب صغيرة داخل الفنادق ويزودها موظفوا السكك الحديدية بالتذاكر علي أن يحصل الفندق علي عمولة مقابل كل تذكرة يتم بيعها.
ثم تزايد الإهتمام بالتسويق السياحي وتصنيفه كعنصر من عناصر تنشيط السياحة حيث ان من ضمن مهام التسويق هو ضرورة الوصول الي أكبر عدد ممكن من العملاء المحتملين .
وإختلفت وسائل الإعلان والتسويق بإختلاف ثقافة العميل ودوافعه الثقافية.
وهناك عدة حملان تسويقية اكتسبت شهرة واسعة قياسا الي معطيات الفترة التي حدثت فيها وبالعودة الي واحدة من أشهر هذه الحملات التسويقية العالمية نتذكر حملة (الهند المدهشة) والتي كانت من أوائل الحملات التي إستخدمت الإعلانات المطبوعة والتلفزيونية حيث يظهر في كل إعلان سائح يستمتع بأحد المعالم الفريدة في الهند .
في أحد هذه الإعلانات يظهر سائح يتلقي العلاج وفق تقاليد الايورفيدا الهندية، وفي إعلان آخر يظهر سائح وهو يركب فوق ظهر أحد الأفيال الهندية .
وقد نجحت هذه الحملة التسويقية في جذب الأنظار الي الهند بصفتها واحدة من أهم مناطق الجذب السياحي في العالم.
وكان يجب علي صانعي هذه الحملة أن يبحثوا عن جمل أو عبارات ترتبط بوجدان السائح وتظل عالقة في ذهنه لزمن طويل بحيث تتشكل علاقة إنسانية بين السائح وبين المكان المراد زيارته بحيث يصبح المكان رمزا بالنسبة للعميل .
لا يمكن نسيان دور الثورة المعلوماتية وظهور الإنترنت وبالتحديد وسائل التواصل الإجتماعي في التسويق للمنتج السياحي حتي وصل إعتماد المنتج السياحي علي هذه الوسائل الي أكثر مما كان يتوقعه خبراء الإتصالات وتقنية المعلومات مما جعل كافة وكلاء السياحة تفكر في التسويق والبيع الإلكتروني الذي وصلت نسبته الي أكثر من ٧٠% من إجمالي الحجوزات السياحية عالميا .
فالدول التي إنتبهت مبكرا الي أهمية التسويق الالكتروني فازت بنصيب وافر من الحجوزات وحظيت بفرص افضل من غيرها وخطت خطوات سريعة نحو الأمام .
وأدركت معظم الدول ذات السبق أهمية معرفة هوية الجمهور المستهدف،فتلك أهم مرحلة من مراحل التسويق للمنتج السياحي مع إستغلال كل الأفكار الممكنة لإقناع الجمهور المستهدف بالحصول علي اجازة عبر أحد وسطاء السياحة .
وبذلك تحول التسويق الي تحد كبير بين عارضي المنتجات وبين المستهلك للخدمة واصبح لزاما علي كافة مقدمي الخدمة السياحية الوفاء بوعودهم لضمان إستمرار تدفق الرغبات وعدم اللجوء إلي وسائل بديلة للحصول علي الخدمة.
من هنا نشأت فكرة الإقناع عبر التحفيز المباشر للعميل المستهدف عن طريق إعطاءه حزم متنوعة من المزايا الحصرية التي لا تنحصر في تخفيض الأسعار فقط بل تمتد الي كثير من المزايا المتجددة بتجدد العميل .
كان كل ذلك يتم في تناسق تام مع الصحافة السياحية التي كانت تقف خلف الصناعة بشكل مباشر،تدعمها وتقدم لها كل أشكال المساندة والدعم .
ولكن الفضل الكبير في نهضة السياحة يعود إلي الطيران الذي أنعش الصناعة وجعلها تحلق الي آفاق بعيدة،فالطيران وفر الجهد والوقت والمال،وأتاح لكل راغبي السفر الفرصة لمشاهدة المعالم التاريخية في بلدان بعيدة جغرافيا حتي تحولت العلاقة بين السياحة والطيران إلي علاقة أبدية يعتمد كل منهما علي الآخر ويستفيد كل منهما من الآخر.
حفظ الله مصر جيشا وشعبا .
