تَساوَى العيدُ في المنفَى وحزني
فمــا أَدري أَأَبـــكـي أَمْ أُغـنّــي ؟
أَرَى الأَيَّــامَ قد صارتْ سهامــاً
وصـرتُ لرميهـــا مثــلَ المِجَنِّ
ومـاغطَّيــتُ وجهي في قنــــاعٍ
ولاغيَّــرتُ كالحــربـــاءِ لــوني
يُكذِّب بالصيـاحِ الديـــكُ صبحاً
فمـا يـومي سـوَى ظلمــاءَ دَجْنِ
أُوفّـي الدَّيـنَ بالدَّيـنِ اقتـراضــاً
وأَرجـــعُ مُوفيـــاً دَيــني بدَيــنِ
أُجـاهــدُ كادحـاً صبحـاً وليـــلاً
وإِنّي ــ رغم ذا ــ صفرُ اليدينِ
ظننتُ المــالَ بالجــدِّ اكتسـابــاً
وكـمْ قـد كـذَّبـتْ يمنــايَ ظنِّي !
وكيـف بجمعِــه سَطواً بغــابٍ
ومامِنْ مخلـبٍ عنــدي وقـرنِ ؟
أَرَى كـلَّاً يُريـــدُ دمي ولحمي
ولا أَقــوَى عليـــه.فيـالَـوهْني !
أَأَبْــدِلُ كَونيَ البشـريَّ وحشــاً
وأُغْرَى بالدمـاء لشـبْعِ بطني ؟
وأَشري صــدقَ أَفعالي وقولي
بتــدليــــسٍ لتُـجَّـــــارٍ ومَيـنِ ؟
أَلا ياقلبُ ســـاعـدْني ثبــاتــــاً
ولاتسـمـعْ إِلَى ما قـــالَ جُبني
ولاتَبِعِ الضميـرَ بكسبِ سُحتٍ
ولا حُبَّـــاً لإيــثـــــارٍ بضِغـنِ
مُحيــطٌ بي ذوو الأَمـوالِ لكنْ
غريـبٌ بينهـمْ مثل (الحسينِ)*
لصوصٌ ماعليهــم من رقيبٍ
وكــمْ عَيـنٍ علَى عَفٍّ وأُذنِ!
شِباعٌ بـــاركَ الرزَّاقُ فيهـــمْ
بحفظٍ منه في الدنيــا وصونِ
أَيـــــا أَلله! مــاهـــــذا بعـــدلٍ
فنشكـــرَ نعمةً وعليـــكَ نُثني
أَســـارقُ أُمّــةٍ يَبـقَى طليقـــاً
وســارقُ خبزةٍ يُلـقَى بسجنِ ؟
أَقــمْ بالقسطِ وزنَـك في عبـادٍ
ولاتنقـصْ لهــــمْ حقّـاً بــوزنِ
وهَبْ ياربّ مأوىً لي بأَرضٍ
فلستُ أُريد منــكَ جنـانَ عَدْنِ
وأَمْنـاً أَعطِني فيهــــا وعـدلاً
وغيرهماــ لغيري ــ من تَمَنَّ
إِلَى مَ أَظلُّ (سيزيفَ) المُعنَّى
أَنوءُ بصخرةٍ لي فوق متني**
وفـي كفـيَّ أَغـــــلالٌ لعَسْـفٍ
وفي قدميَّ ســلسـلـــةٌ لغَبـنِ؟
أَهُـزْءُ الأَبيـضِ العاتي بلـونٍ
لنـــا أَمْ هُـزْءُ نَخَّـــاسٍ بقِـنِّ ؟
أَجاب بداخلي الإِنسانُ: قـاوِمْ
ولاتَــخضـــعْ لإِذلالٍ وهَــونِ
وقفْ جبــلاً بمعُتـركٍ لفكــــرٍ
وضِئْ نجـمـــاً بـآفــــاقٍ لفــنِّ
ولاتطمـعْ بعيـشِك فـوق زهـدٍ
فإِنْ تقنــعْ فإِنَّ الزهــدَ يُغـنـي
فكـمْ مُثرٍ تَسـجَّى قبــل موتٍ!
وذي ترَفٍ تَـوارَى قبـل دفنِ !
إِذا رضيتْ عقـولُ المالِ يوماً
عليـكَ فلستُ منكَ ولستَ منّي..
فيـاليـت التجــــارةَ مَعْ كـلابٍ
فتُخلصَ لي الــودادَ ولــم تَخنِّي
أَلـوذُ بـصدقِهـا من كذبِ إِنْـسٍ
فتغمـــرُنـي بــألـــــطافٍ ومَـنِّ
فما لربيــــعِ حُبِّي مِن غَمــــامٍ
لدَى جِنْسي,ومِن روضٍ أَغـنّ
تَشــوَّهَ طيـنُ آدمَ مـن صــراعٍ
لــه نَــزفٌ يسـيـــلُ بكـلِّ ركـنِ
أَلا هل يَرعوي الخصمانِ يوماً
ويَنعـــمُ مَـن أَخــافـــــاه بأَمـنِ؟
ويُلقي المديَــةَ الجــــزَّارُ سلماً
ولايَـلـقَى لحـــقـدٍ مِـن مِســنِ ؟
وتُمسي الأرضُ آمنــةً كطيــرٍ
طليـقِ الجنـــحِ راضٍ مُطمئِنِّ
ويَغسـلُ قبـحَ ماضيهـا ســـلامٌ
بــإِبــــداعٍ لإصلاحٍ وحُســــنِ
ـــــــــــــــــــــــــــ
*هوالحسين بن علي بن أبي طالب.رفض أن يبايع يزيد,وأبَى أن يستسلم للجيش الأمويّ؛فقُتل في 10 محرم 61 هـ.
**سيزيف هو رمز الشقاء الإنسانيّ في الميثولوجيا الإغريقية .