الشاعر الحريب

2020-06-02

تَساوَى العيدُ في المنفَى وحزني

فمــا أَدري أَأَبـــكـي أَمْ أُغـنّــي ؟

أَرَى الأَيَّــامَ قد صارتْ سهامــاً

وصـرتُ لرميهـــا مثــلَ المِجَنِّ

ومـاغطَّيــتُ وجهي في قنــــاعٍ

ولاغيَّــرتُ كالحــربـــاءِ لــوني

يُكذِّب بالصيـاحِ الديـــكُ صبحاً

فمـا يـومي سـوَى ظلمــاءَ دَجْنِ

أُوفّـي الدَّيـنَ بالدَّيـنِ اقتـراضــاً

وأَرجـــعُ مُوفيـــاً دَيــني بدَيــنِ

أُجـاهــدُ كادحـاً صبحـاً وليـــلاً

وإِنّي ــ رغم ذا ــ صفرُ اليدينِ

ظننتُ المــالَ بالجــدِّ اكتسـابــاً

وكـمْ قـد كـذَّبـتْ يمنــايَ ظنِّي !

وكيـف بجمعِــه سَطواً بغــابٍ

ومامِنْ مخلـبٍ عنــدي وقـرنِ ؟

أَرَى كـلَّاً يُريـــدُ دمي ولحمي

ولا أَقــوَى عليـــه.فيـالَـوهْني !

أَأَبْــدِلُ كَونيَ البشـريَّ وحشــاً

وأُغْرَى بالدمـاء لشـبْعِ بطني ؟

وأَشري صــدقَ أَفعالي وقولي

بتــدليــــسٍ لتُـجَّـــــارٍ ومَيـنِ ؟

أَلا ياقلبُ ســـاعـدْني ثبــاتــــاً

ولاتسـمـعْ إِلَى ما قـــالَ جُبني

ولاتَبِعِ الضميـرَ بكسبِ سُحتٍ

ولا حُبَّـــاً لإيــثـــــارٍ بضِغـنِ

مُحيــطٌ بي ذوو الأَمـوالِ لكنْ

غريـبٌ بينهـمْ مثل (الحسينِ)*

لصوصٌ ماعليهــم من رقيبٍ

وكــمْ عَيـنٍ علَى عَفٍّ وأُذنِ!

شِباعٌ بـــاركَ الرزَّاقُ فيهـــمْ

بحفظٍ منه في الدنيــا وصونِ

أَيـــــا أَلله! مــاهـــــذا بعـــدلٍ

فنشكـــرَ نعمةً وعليـــكَ نُثني

أَســـارقُ أُمّــةٍ يَبـقَى طليقـــاً

وســارقُ خبزةٍ يُلـقَى بسجنِ ؟

أَقــمْ بالقسطِ وزنَـك في عبـادٍ

ولاتنقـصْ لهــــمْ حقّـاً بــوزنِ

وهَبْ ياربّ مأوىً لي بأَرضٍ

فلستُ أُريد منــكَ جنـانَ عَدْنِ

وأَمْنـاً أَعطِني فيهــــا وعـدلاً

وغيرهماــ لغيري ــ من تَمَنَّ

إِلَى مَ أَظلُّ (سيزيفَ) المُعنَّى 

أَنوءُ بصخرةٍ لي فوق متني**

وفـي كفـيَّ أَغـــــلالٌ لعَسْـفٍ

وفي قدميَّ ســلسـلـــةٌ لغَبـنِ؟

أَهُـزْءُ الأَبيـضِ العاتي بلـونٍ

لنـــا أَمْ هُـزْءُ نَخَّـــاسٍ بقِـنِّ ؟

أَجاب بداخلي الإِنسانُ: قـاوِمْ

ولاتَــخضـــعْ لإِذلالٍ وهَــونِ

وقفْ جبــلاً بمعُتـركٍ لفكــــرٍ

وضِئْ نجـمـــاً بـآفــــاقٍ لفــنِّ

ولاتطمـعْ بعيـشِك فـوق زهـدٍ

فإِنْ تقنــعْ فإِنَّ الزهــدَ يُغـنـي

فكـمْ مُثرٍ تَسـجَّى قبــل موتٍ!

وذي ترَفٍ تَـوارَى قبـل دفنِ !

إِذا رضيتْ عقـولُ المالِ يوماً

عليـكَ فلستُ منكَ ولستَ منّي..

فيـاليـت التجــــارةَ مَعْ كـلابٍ

فتُخلصَ لي الــودادَ ولــم تَخنِّي

أَلـوذُ بـصدقِهـا من كذبِ إِنْـسٍ

فتغمـــرُنـي بــألـــــطافٍ ومَـنِّ

فما لربيــــعِ حُبِّي مِن غَمــــامٍ

لدَى جِنْسي,ومِن روضٍ أَغـنّ

تَشــوَّهَ طيـنُ آدمَ مـن صــراعٍ

لــه نَــزفٌ يسـيـــلُ بكـلِّ ركـنِ

أَلا هل يَرعوي الخصمانِ يوماً

ويَنعـــمُ مَـن أَخــافـــــاه بأَمـنِ؟

ويُلقي المديَــةَ الجــــزَّارُ سلماً

ولايَـلـقَى لحـــقـدٍ مِـن مِســنِ ؟

وتُمسي الأرضُ آمنــةً كطيــرٍ

طليـقِ الجنـــحِ راضٍ مُطمئِنِّ

ويَغسـلُ قبـحَ ماضيهـا ســـلامٌ    

بــإِبــــداعٍ لإصلاحٍ وحُســــنِ

ـــــــــــــــــــــــــــ                             

*هوالحسين بن علي بن أبي طالب.رفض أن يبايع يزيد,وأبَى أن يستسلم للجيش الأمويّ؛فقُتل في 10 محرم 61 هـ.

**سيزيف هو رمز الشقاء الإنسانيّ في الميثولوجيا الإغريقية .

 

 

 

 

عبدالإله الياسري

 شاعرٌ وكاتب عراقيٌ وُلِدَ في مدينةِ النجفِ في العراق عام 1950 له كتابات وقصائد في الشعرِ العَموديِّ وفي الشِعرِ الحر. تتمحور قصائده حول الحرية والمرأة والوطن وهي قصائد يغلب عليها طابع الثورية وكسر القيود نَحوَ التغيير. في كتاباتهِ لَهُ حسٌّ عاطفيٌ يختلطُ معَ صورِ الطبيعةِ في ظل مرحلتين من حياتهِ (الوطن والغربة) حيث ابتدأت غربته خارج الوطن عندما كان في التاسعة والعشرين من عمره. لم يكتبْ هذا الشاعِرُ شعراً في مدح حاكمٍ أو مسؤول بل على العكس نجد في اشعاره التمرد على السلطة حَدّ الإستِهجانِ وفضحِ العِيوبِ لكنَّ احتوت قصائدُهُ على تخليد لِمواقفَ ضِدَّ السلطة تَدعو إلى القدوم بالتجديد وتُشيرُ إلى سِلبياتٍ اجتماعيةٍ يَعتَقِدُ الشاعِرُ أَنَّ على المُجتَمعاتِ الانتباهَ لِخَطَرِ وِجودِها .

لم يتم تسليط الضوء كثيراً على هذا الشاعر بسبب ابتعاده عن الاضواء من جهة واختلافه مع التوجهات السياسية في بلدهِ آنذاك من جهة أخرى بالإضافة إلى اختلافهِ مع التوجهات السياسية الحالية أيضا. تم مؤخراً وضع الاعمال الشعرية للشاعر عبد الإله الياسري قيد البحوث الاكاديمية في العراق وبالاخص في جامعة كربلاء كلية التربية في قسم اللغة العربية وتم جمع مخطوطات شعرية قام الشاعر بكتابتها على مدى السنوات الممتدة من 1965 وحتى الان وتمت طباعة ونشر سبعة دواويين منها وحالياً يتم من خلال دراسة تلك المخطوطات رصد مراحل تاريخية مهمة مر بها المجتمع العراقي وهي قصائد يشار اليها على انها كانت مكتوبة بعيداً عن تأثير السلطة الحاكمة وأنها كانت تتمتع بنوع من الاستقلالية في التعبير والوصف.

ديوان جرح ومنفى، مجموعة شعرية عن دار الرواد للطباعة والنشر اغلبها من الشعر الحر تمثل الانفعالات العاطفية للشاعر بين الوطن وذكريات الحب والطموح لغد أفضل على المستوى الوطني والاجتماعي والفكري

ديوان جذور الفجر، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية تمت كتابتها خلال المدة التي سبقت هجرة الشاعر إلى خارج العراق عام 1979 و فيها الكثير من حس الثورة والتوق إلى فجر الحرية والتغيير

ديوان اجراس البقاء، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية وهي قصائد يجسد الشاعر من خلالها استقلاله عن السلطة والمال و لكنه كان من خلالها يجسد اعتزازه بشخصيات عامة رحلت عن المجتمع فتركت ارثاً يحتذى به فيتنبأ ببقاءهم خالدين في تاريخ الإنسانية وهذا الديوان يتضمن قصيدة عمودية تقرب المائتين وخمسين بيتاً شعرياً عن مثال ثورة الحسين بن علي وما يمكن مقارنته بما يحدث اليوم من اضطهاد للشعوب

ديوان أشرعة بلا مرفأ، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية وهي قصائد كتبها الشاعر خلال فترة غربته خارج العراق بكل ما فيها من احاسيس قد تتكون لدى من هو بعيد عن الوطن من حنين وضياع و اصطدام للثقافات والعادات

ديوان في ظل حواء، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية كتبها الشاعر ما بين عامي 1968-1972 خلال دراسته الجامعية في بغداد وكانت قصائد ذاتية دارت في مواضيعها حول المرأة في ظل ما يعتقده الشاعر السلطة الذكورية للمجتمع.

ديوان أرق النجم، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية وهذه المجموعة الشعرية تضم القصائد التي قيلت ما بين عامي 1966-1969

ديوان رغم الثلج والرماد، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية تتضمن قصائد حديثة للشاعر بعد عودتهِ إلى وطنه ورؤيتهِ ما آلت اليه الامور في العراق بعد عام 2009 و رغبته في وصف احداث العراق واحوال الناس

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved