ثمّة مدارس تقع في الحواشي، طلّابها لا يدرسون جيّداً، أولياء أمورهم فقراء؛ فقراء مالاً وثقافة، وهل يثمر الفقر سوى الأميّة والتخلّف ؟!
ولهذا لا يعلّق أولياء هؤلاء الطّلبة أهميّة لدراسة أبنائهم . فتجد بعض الأبناء يعملون في الأسواق في مهن لا تناسب أعمارهم وبرواتب زهيدة، وبعضهم ينحرفون إلى ممارسة مهن مضرّة وخطرة .
ينقل لي أحد الزّملاء الّذين يدرّسون في إحدى هذه المدارس إنّ طالباً قال له إنّه تاجر!
سأله الزّميل مستغربا مهنته وهو في هذه السّن المبكرة :
تاجر؟! وبماذا تتاجر؟!
قال: بالسّلاح، وتحديدا بالمسدّسات .
- ومن أين تأتي بها ؟!
- لديّ واسطات يهربونها لي من العراق!
- وكيف تعرف أنّها جيّدة وليست معيوبة ؟!
- أمتحنها .
- كيف؟!
- أرمي بها .
- لكنّك ما زلت حدثا ! ألا تخاف أن تؤذي نفسك ؟!
يقول الزّميل إنّ الطّالب قهقه فقال :
أتريد أن أحضر (فرخ الطّوب) غدا فأرمي به أمامك ؟
- لا، لا، لا؛ أرجوك ألّا تسبب لنفسك الأذى وتجلب لي المشاكل !
يضيف الزّميل : في اليوم الثّاني فتح الطّالب حقيبته وأراني مسدّسا فخما وقال: هذا هو (فرخ الطوب) جلبته لأريك إيّاه !
ثمّ أضاف : أتدري لماذا يقال له فرخ الطّوب ؟
يقول : أجبته لا أريد أن أعلم. خبّئ مسدّسك لا يراك أحد الطّلبة، أم أنّك لا تخاف من الوقوع في المشاكل ؟!
ودون أن يلتفت لقولي استمرّ يوضّح سبب تسمية المسدّس بابن الطّوب :
سبب تسميته بابن الطّوب هو تشابه صوته المدويّ عند الإطلاق بالمدفع .
ثمّ أضاف مستفهما :
هل تريد أن أطلق الآن رصاصة لتسمع صوته ؟
قلت : يا ابن النّاس، اكفني شرّك .
ولكنّه خرج من الصّف وتوسّط ساحة المدرسة وأطلق طلقة هزّت المدرسة ! وملأ بارودها الصّفوف !
ثمّ دخل وقال : هل سمعت الصّوت جيّداً ؟ وهل يشبه صوت المدفع أم لا ؟