بركة ريح مترعة بالحسرات

2017-11-02
كمْ هوَ صعبٌ  يا روح ُ
فراقُ أمومةِ هذي الدارْ !   
 
كم هوَ مرٌّ أن تبكي غربةَ روحكَ
                     بينَ العفّةِ والفاقه !
آهٍ يا قلباً مجروحاً حتى الموتِ
 تعالَ إلى حقلِ الحنطةِ
وأرحْ روحكَ من آلامِ الحزنِ المرّةِ
                          في هبّاتِ الريحِ
                  وموجاتِ  القمحِ الرقراقه !
 
للحنطةِ ( مائةُ ) صوتٍ مرتعشٍ
تتناقلهُ في حقلِ الآهاتِ المكسورةِ
حنجرةُ الحسراتِ المحترقه !
 
للمغربِ ( مائةُ ) عينٍ باكيةٍ
تتباكى كمصابيحِ الدمعِ المجروحةِ
من أولِ دارٍ في الليلِ إلى آخر دارْ !
 تتغرغرُ بالدمعِ كينبوعِ حليبٍ حارْ !
 
آهٍ كم هوَ مرٌّ رجعُ حفيفِ الحنطةِ
ياروحُ
وكم هوَ رجعُ عواءِ الليلِ
حزينٌ في الوادي
ونواحُ القصبِ المبحوحِ
يثيرُ الشفقه !
 
آهٍ ياقلباً مجروحاً حتى الموتِ
لماذا نتمنّى أن نبكي بقلوبِ
             جميعِ الناسِ  الثكلى
وبصوتٍ يتدفّقُ بالدمعِ
الساخنِ أوقات فراقٍ صعبه ؟
 
ولماذا نجعلُ من أعيننا  أعشاشَ دموعٍ
تقطرُ كلَّ غروبٍ
عبراتِ الجمرِ الحارْ ؟
آهٍ يا سكينَ  دموعٍ مغروساً في صدرِ الغيتارْ
للصفصافةِ ( مائةُ ) أغنيةٍ
تتغناها بحناجرها المخنوقةِ
جوقاتُ طيورٍ مثخنةٍ بعذاباتِ الغربه !
 
للوحشةِ( مائةُ )فأسٍ
تتردّدُ فوقَ الصخرِ الصامتِ أصداءُ 
مصائرنا
في ضرباتٍ ضائعة ٍصلبه !
 
فتعالَ وحيداً يا قلبي الميتُ
وخبّأْ حزنكَ في أعشاشِ الحنطةِ
حيث تهدهدُ راحاتُ الريحِ
صغارَ الحقلِ الرضّعَ
للغفواتِ العذبه !
 
عبر براري الريحِ
      تسافرُ أوتارُ الغيتاراتِ المنتحبه
 
عبر براري الحنطةِ والريح
تجيشُ بإحساسٍ باكٍ أنفسنا المسكونةُ بأمومةِ آلامٍ
               وأبوّاتٍ ضائعةٍ مغتربه
عبرَ براري الريحِ يجوبُ عويلُ الليلِ
الموحشُ شطآنَ نحيبٍ  عمياءَ
ويملأُ كلَّ الليلِ بكاءً وكآبه !
 
عبرَ سهولِ الريحِ
يكوّرُ حقلُ الحنطةِ أرغفةَ الخبزِ
وتنقلها راحاتُ الموجِ
كأقراصِ الشمسِ إلى شتويةِ غابه
 
فالحنطةُ بحرٌ  لسباحةِ
أجنحةِ الأحلامِ المفتوحةِ
وهي تحلّقُ فوق سعادةِ هذي الأرضِ
مغنّيةً أغنيةَ الموتِ المقتربه
 
والحنطةُ بركةُ ريحٍ مترعةٌ بالحسراتْ
 
الحنطةُ نهرُ حفيفٍ يترخّمُ مجروحاً
بمراثي الأرواحِ المهجورةِ
وأناشيدِ الهجراتْ
 
آهٍ يا قلباً يغرقُ في بئرِ العزلةِ
أنتَ تغوصُ وحيداً وكئيباً
في طمي الدمعِ
وترتحلُ الغيماتُ المرّةُ
غارسةً إبرَ الدمعِ على طرقِ الأعمارْ!
آهٍ يا غربه !!!
آهٍ من شيخوخةِ هذا العمرالمحفورِ
على جدرانِ الدارْ !
 
للحنطةِ ( مائةُ ) قلبٍ مرتعشٍ
في بريّةِ هذي الريحِ المنتحبه .
 
 
طالب همّاش
 
talebhammash@gmail.com
سوريا –حمص 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved