رُدَّ على السهرةِ بابَ الدارْ !
يتملّى العاشقُ في الليل جمالَ الينبوعِ
ويغرقُ في الأعماقْ .
تتطلّعُ عاشقةٌ بجمالٍ في الأقمارْ .
جهجهَ صبحُ الليلِ
وفاحتْ رائحةُ المشمشِ في الدنيا البيضاءِ
وأشرقَ بالزهرِ الدراقْ ..
والبحرُ مضاء ٌبالأزرقِ والأخضرِ والموسيقى
يتألقُ تحتَ غصونِ الضوءِ غديراً
أبديَّ الدمعِ لتحديقِ العشاقْ .
هبّتْ نسماتٌ عاطرةٌ من روحِ الجنّةِ
فامتلأَ الجوُّ فراشاتٍ من صدرِ المرأةِ
وارتعشت
تحسو قطراتِ السُّكَّرِ من دمعاتِ عيونِ المشتاقْ .
فتأملْ خمسَ ( نوافيرٍ) تتوالدُ في هدآتِ الليلِ
كخمسِ صبيّاتٍ يرقصنَ على إيقاعِ غنائيّاتِ الماءِ ..
تأمّلْ خمسةَ أقمارٍِ تلعبُ بالبركِ الزرقاءِ
تأمّل سربَ طيورٍ
يدفعُ بالزقزقةِ الشمس َإلى الإشراقْ !
لكأنَّ ( فراديساً )خضراءَ
تضيءُ خيالَ العاشقِ بامرأةٍ قمراءَ
تشدُّ غزال َالصبحِ إلى عرباتِ الليلِ
وتعدو فوق سهولِ المشرق ِ بالأشواقْ .
فاغمسْ ريشةَ حزنكَ في دمعةِ عصفورِ الليلِ ،
وخطّ على البرديّةِ سطرينِ من الحزنِ الصبحيِّ
وصبوةَ ظبيٍ في الأسحارْ !
راقَ خيالُ العاشقِ بالعشق ِ
ولكن كأس الدمعةِ ما راقْ !
ردَّ على الوحشةِ بابَ الدارْ !
بعدَ المغربِ غنّيتُ حزيناً
لا رقَّ لحزني العودُ
ولا رافقَ صوتي الموجعَ ترجيعُ المزمارْ !
يا من نمتَ قريرَ العينِ
وخلّفتَ بكأسي كلَّ الليلِ فما أسكرني
أَوَلا تُسكرني في الحزنِ جرارْ ؟
يا من سُكرُكَ ممتزجٌ بعصارةِ قلبكَ
والخمرةُ تقطرُ من صدركَ
كالجمرِ الأبيضِ في قدحي الظمآن فلا تدفئني
أفما تدفىءُ روحي البردانةَ أختي النارْ ؟
ردَّ البابَ لأغمدَ في غفواتِ العتمةِ قلبي
فالريحُ حناجرُ متوحّشةٌ
وجراحُ الجيتاراتِ ترنُّ على كل جدارْ !
نمتَ قريرَ العين وما قرّتْ روحي
أصرخُ : يا أحباب أضيئوا الليلَ
لأركضَ تحت المطرِ الهاطل مغتبطاً سكرانْ !
فالكونُ سماويٌّ ، لألاء ٌ
والعتمةُ شلالُ سوادٍ صافٍ في عينيّ
وفوقَ سياجِ الغيمِ يحطُّ البجعُ الأبيضُ كالرهبانْ .
هوذا قلبُ المرأةِ يعدو فوق مروجِ المتعةِ كالمهرِ
وقلبُ الشاعر
يتدحرجُ كالتفّاحةِ خلف المرأةِ في البستانْ .
ما أجملَ ركضَ الظبيِ وراءَ الظبيةِ في البستانْ !
فاحَ شذا الليمونِ الذهبيّ
وهاجتْ بالشهوةِ رائحةُ المشمشِ
والشجرُ العطريُّ على الشبّاكِ يفوّحُ ريحاناً ريحانْ !
فلماذا لا تتقرّب روحٌ من روحٍ
ولماذا لا يتفجّرُ قلبُ الصبحِ شهيّاً كالرمّانْ ؟
وا أسفاهُ على السمّارِ
غريباً إثرَ أخيهِ انصرفوا
وتدلّى الصمتُ ثقيلاً كسؤالٍ مشنوق ْ .
عمتَ مساءً يا جارْ ،
يا من يسكنُ فوقْ !
هل تسمعُ صوتي المتألّمَ وهو يصبُّ الزيتَ على النارْ ؟
ما جئتُ المرأةَ من بابِ الشوقْ
إلا ذابتْ في العزلةِ موسيقى الغيتارْ !
ردّ على الوحشةِ باب الدارْ !
يا غفوةَ إمرأةٍ طافية
كالغيمةِ فوق سريرِ العرس ِ
وسارحة في النومِ
كساقيةٍ ملآى بزنابقَ سكرى
وحليب زهورْ !
يا امرأةً تغفو كالبلبلِ في سلّةِ نورْ !
من أيّ سماءٍ تتنزّلُ فوق محيّاكِ العذبِ
بيوضُ الضوءِ البيضاءْ ؟
ما أحلى الغفوةَ بعد رحيقِ الخمرةِ
روحٌ راضيةٌ ، وطيوفٌ سكرى
وعلى الأهدابِ ترفرفُ أزواجُ ( حساسينٍ ) و سنونو
ونسورْ ..
وعلى خدّيها الخوخيينِ يلاعبُ سنبلةً عصفورْ ..
وتلامسُ أثداءٌ أثداءْ .
يا امرأةً فمها واوٌ
ويداها لاماتُ اللوزِ
وقامتها ألفٌ من بلّورْ !
رشّي ماءَ الزهرِ على الفجرِ
وقومي للرقصِ على إيقاعِ نوافيرِ الماءْ !
كي أبصرَ هذا الجسدَ المخلوقَ من العطشِ الإيقاعيِّ
إلى النومِ على أمواجِ بحيراتٍ زرقاء ْ .
يا امرأةً ترقصُ في جمّارِ القلبِ المحروقْ !
والقلبُ من الحسرةِ والوجدِ
كمانٌ يتعذّبُ في نغمةِ شوقْ !
من أيّ خصورٍ
يتساقطُ وردُ الحزنِ الأحمرُ طوقاً طوقْ ؟
من أيّ عليلٍ
هبّتْ نسماتُ شمالِ الليلِ رخاءً يا روحُ
فسالَ الحزنُ الأزرقُ
في جدولِ خمرٍ رقراقْ ؟
وأفاقَ العاشقُ يرقصُ مثل غزالٍ
رقصَ العاشقِ للمعشوقْ ..
وامتزجت رائحةُ الخمرِ برائحةِ الأمطارْ .
فلماذا ينسابُ هلالُ السّكْرِ زلاليَّ اللونِ
وكأسي في خمسينِ العمرِ الغاربِ ما راقْ ؟
ولماذا يستسلمُ للنومٍ جمالُ الكونِ
وشمسُ الخمرةِ تشرقُ رائعةَ الإسكارْ ؟
ولماذا يرتفعُ الشاعرُ منفرداً
كي يرقصَ فوق حقولِ القشِّ المحروقْ ؟
ردَّ على الوحشةِ بابَ الدارْ !
يا بوّابَ العزلةِ ردَّ البابَ
لقد رحلَ الأصحابْ !
أسمعُ أبواقَ الحزنِ البحَّاءَ
تهبُّ على حقلِ كمنجاتٍ ،
ورياحَ قلوبِ اليتمِ الثكلى
تتمزّقُ في ألفِ غرابْ !
... ناديتُ وسبعُ رباباتٍ تتحطّمُ في الصدرِ
فما حملَ القصبُ المُوجعُ بالناياتِ صدايَ
ولا وصلت أوتارُ غنائي للأحبابْ !
غابتْ شمسُ الصيفِ
ولاحَ خريفُ الهجرةِ أسراباً أسرابْ !
يا ليلُ
لقد راقتْ رؤياكَ
وراقَ جمالكَ معكوساً في قدحِ الرمّانِ
ورقَّ الكاسْ !
بين زهورِ المشمشِ والغسقِ اللوزيِّ بكتْ نفسي
وسَرَتْ من طيبِ العطرِ إلى روحي
أنفاسُ الآسْ .
دقّتْ ساعةُ موتكَ منتصفَ الليلِ
وسالَ سكونُ الكونِ
على سكتاتِ الأجراسْ ..
لم يبقَ سوى شباكٍ مفتوحٍ
لغروبِ البحرِ
ورائحةِ الملحِ الميتِ
وقبرٍ مفتوحٍ ينفخُ في الريحِ الميتةِ رائحةَ الأمطارْ .
كم كانَ جميلاً أن تغرقَ بالذهبِ الورديِّ شبابيكُ الدارْ !
كم كانَ جميلاً أن يتقطّرَ صمتُ العاشقِ شفّافاً
كالدمعةِ في عينِ المشتاقْ !
غرقَ المشهدُ في الصمتِ
وصارَ جمالُ العتمةِ منحوتةَ موسيقى ،
والصمتُ جمالاً في الأعماقْ
talebsyr@yahoo.com