رائحة المشمش في الدنيا البيضاء

2008-09-06

رُدَّ على السهرةِ بابَ الدارْ !
يتملّى العاشقُ في الليل جمالَ الينبوعِ
ويغرقُ في الأعماقْ .
تتطلّعُ عاشقةٌ بجمالٍ في الأقمارْ .

جهجهَ صبحُ الليلِ
وفاحتْ رائحةُ المشمشِ في الدنيا البيضاءِ
وأشرقَ بالزهرِ الدراقْ ..

والبحرُ مضاء ٌبالأزرقِ والأخضرِ والموسيقى
يتألقُ تحتَ غصونِ الضوءِ غديراً
أبديَّ الدمعِ لتحديقِ العشاقْ .

هبّتْ نسماتٌ عاطرةٌ من روحِ الجنّةِ
فامتلأَ الجوُّ فراشاتٍ من صدرِ المرأةِ
وارتعشت
تحسو قطراتِ السُّكَّرِ من دمعاتِ عيونِ المشتاقْ .

فتأملْ خمسَ ( نوافيرٍ) تتوالدُ في هدآتِ الليلِ
كخمسِ صبيّاتٍ يرقصنَ على إيقاعِ غنائيّاتِ الماءِ ..
تأمّلْ خمسةَ أقمارٍِ تلعبُ بالبركِ الزرقاءِ
تأمّل سربَ طيورٍ
يدفعُ بالزقزقةِ الشمس َإلى الإشراقْ !

لكأنَّ ( فراديساً )خضراءَ
تضيءُ خيالَ العاشقِ بامرأةٍ قمراءَ
تشدُّ غزال َالصبحِ إلى عرباتِ الليلِ
وتعدو فوق سهولِ المشرق ِ بالأشواقْ .

فاغمسْ ريشةَ حزنكَ في دمعةِ عصفورِ الليلِ ،
وخطّ على البرديّةِ سطرينِ من الحزنِ الصبحيِّ
وصبوةَ ظبيٍ في الأسحارْ !

راقَ خيالُ العاشقِ بالعشق ِ
ولكن كأس الدمعةِ ما راقْ !

ردَّ على الوحشةِ بابَ الدارْ !

بعدَ المغربِ غنّيتُ حزيناً
لا رقَّ لحزني العودُ
ولا رافقَ صوتي الموجعَ ترجيعُ المزمارْ !

يا من نمتَ قريرَ العينِ
وخلّفتَ بكأسي كلَّ الليلِ فما أسكرني
أَوَلا تُسكرني في الحزنِ جرارْ ؟

يا من سُكرُكَ ممتزجٌ بعصارةِ قلبكَ
والخمرةُ تقطرُ من صدركَ
كالجمرِ الأبيضِ في قدحي الظمآن فلا تدفئني
أفما تدفىءُ روحي البردانةَ أختي النارْ ؟

ردَّ البابَ لأغمدَ في غفواتِ العتمةِ قلبي
فالريحُ حناجرُ متوحّشةٌ
وجراحُ الجيتاراتِ ترنُّ على كل جدارْ !

نمتَ قريرَ العين وما قرّتْ روحي
أصرخُ : يا أحباب أضيئوا الليلَ
لأركضَ تحت المطرِ الهاطل مغتبطاً سكرانْ !

فالكونُ سماويٌّ ، لألاء ٌ
والعتمةُ شلالُ سوادٍ صافٍ في عينيّ
وفوقَ سياجِ الغيمِ يحطُّ البجعُ الأبيضُ كالرهبانْ .

هوذا قلبُ المرأةِ يعدو فوق مروجِ المتعةِ كالمهرِ
وقلبُ الشاعر
يتدحرجُ كالتفّاحةِ خلف المرأةِ في البستانْ .
ما أجملَ ركضَ الظبيِ وراءَ الظبيةِ في البستانْ !

فاحَ شذا الليمونِ الذهبيّ
وهاجتْ بالشهوةِ رائحةُ المشمشِ
والشجرُ العطريُّ على الشبّاكِ يفوّحُ ريحاناً ريحانْ !

فلماذا لا تتقرّب روحٌ من روحٍ
ولماذا لا يتفجّرُ قلبُ الصبحِ شهيّاً كالرمّانْ ؟
وا أسفاهُ على السمّارِ
غريباً إثرَ أخيهِ انصرفوا
وتدلّى الصمتُ ثقيلاً كسؤالٍ مشنوق ْ .
عمتَ مساءً يا جارْ ،
يا من يسكنُ فوقْ !
هل تسمعُ صوتي المتألّمَ وهو يصبُّ الزيتَ على النارْ ؟
ما جئتُ المرأةَ من بابِ الشوقْ
إلا ذابتْ في العزلةِ موسيقى الغيتارْ !

ردّ على الوحشةِ باب الدارْ !

يا غفوةَ إمرأةٍ طافية
كالغيمةِ فوق سريرِ العرس ِ
وسارحة في النومِ
كساقيةٍ ملآى بزنابقَ سكرى
وحليب زهورْ !
يا امرأةً تغفو كالبلبلِ في سلّةِ نورْ !
من أيّ سماءٍ تتنزّلُ فوق محيّاكِ العذبِ
بيوضُ الضوءِ البيضاءْ ؟

ما أحلى الغفوةَ بعد رحيقِ الخمرةِ
روحٌ راضيةٌ ، وطيوفٌ سكرى
وعلى الأهدابِ ترفرفُ أزواجُ ( حساسينٍ ) و سنونو
ونسورْ ..
وعلى خدّيها الخوخيينِ يلاعبُ سنبلةً عصفورْ ..
وتلامسُ أثداءٌ أثداءْ .
يا امرأةً فمها واوٌ
ويداها لاماتُ اللوزِ
وقامتها ألفٌ من بلّورْ !
رشّي ماءَ الزهرِ على الفجرِ
وقومي للرقصِ على إيقاعِ نوافيرِ الماءْ !

كي أبصرَ هذا الجسدَ المخلوقَ من العطشِ الإيقاعيِّ
إلى النومِ على أمواجِ بحيراتٍ زرقاء ْ .

يا امرأةً ترقصُ في جمّارِ القلبِ المحروقْ !
والقلبُ من الحسرةِ والوجدِ
كمانٌ يتعذّبُ في نغمةِ شوقْ !
من أيّ خصورٍ
يتساقطُ وردُ الحزنِ الأحمرُ طوقاً طوقْ ؟
من أيّ عليلٍ
هبّتْ نسماتُ شمالِ الليلِ رخاءً يا روحُ
فسالَ الحزنُ الأزرقُ
في جدولِ خمرٍ رقراقْ ؟

وأفاقَ العاشقُ يرقصُ مثل غزالٍ
رقصَ العاشقِ للمعشوقْ ..
وامتزجت رائحةُ الخمرِ برائحةِ الأمطارْ .

فلماذا ينسابُ هلالُ السّكْرِ زلاليَّ اللونِ
وكأسي في خمسينِ العمرِ الغاربِ ما راقْ ؟

ولماذا يستسلمُ للنومٍ جمالُ الكونِ
وشمسُ الخمرةِ تشرقُ رائعةَ الإسكارْ ؟

ولماذا يرتفعُ الشاعرُ منفرداً
كي يرقصَ فوق حقولِ القشِّ المحروقْ ؟

ردَّ على الوحشةِ بابَ الدارْ !

يا بوّابَ العزلةِ ردَّ البابَ
لقد رحلَ الأصحابْ !

أسمعُ أبواقَ الحزنِ البحَّاءَ
تهبُّ على حقلِ كمنجاتٍ ،
ورياحَ قلوبِ اليتمِ الثكلى
تتمزّقُ في ألفِ غرابْ !

... ناديتُ وسبعُ رباباتٍ تتحطّمُ في الصدرِ
فما حملَ القصبُ المُوجعُ بالناياتِ صدايَ
ولا وصلت أوتارُ غنائي للأحبابْ !

غابتْ شمسُ الصيفِ
ولاحَ خريفُ الهجرةِ أسراباً أسرابْ !

يا ليلُ
لقد راقتْ رؤياكَ
وراقَ جمالكَ معكوساً في قدحِ الرمّانِ
ورقَّ الكاسْ !
بين زهورِ المشمشِ والغسقِ اللوزيِّ بكتْ نفسي
وسَرَتْ من طيبِ العطرِ إلى روحي
أنفاسُ الآسْ .


دقّتْ ساعةُ موتكَ منتصفَ الليلِ
وسالَ سكونُ الكونِ
على سكتاتِ الأجراسْ ..
لم يبقَ سوى شباكٍ مفتوحٍ
لغروبِ البحرِ
ورائحةِ الملحِ الميتِ
وقبرٍ مفتوحٍ ينفخُ في الريحِ الميتةِ رائحةَ الأمطارْ .

كم كانَ جميلاً أن تغرقَ بالذهبِ الورديِّ شبابيكُ الدارْ !

كم كانَ جميلاً أن يتقطّرَ صمتُ العاشقِ شفّافاً
كالدمعةِ في عينِ المشتاقْ !

غرقَ المشهدُ في الصمتِ
وصارَ جمالُ العتمةِ منحوتةَ موسيقى ،
والصمتُ جمالاً في الأعماقْ

talebsyr@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved