يقول أبي : إنّ عمدة مستبدا كان في عهد الشاه البهلوي يحكم الفلاحيّة بأسرها، ويُدعى العابدي .
كان العابدي يتجوّل في السّوق كلّ يوم، فيستطيل على العرب ويستخفّ بلغتهم ويهينهم ويضربهم بسبب تافه يختلقه، أو من غير سبب .
وذات يوم صفع هذا العابدي الظّالم شيخاً كبيراً في السّن وسط السّوق؛ فرآه شاب شجاع من أهل الفلاحيّة، ففار دمه وهجم نحوه فاقتحم حمايته ولطمه صفعة أطارت الشرر من عينيه وأسقطته على سلات النّساء البائعات .
حاول (نشبرة) الشّجاع أن يفرّ من حماية العمدة، لكنّهم أحاطوا به؛ تضارب معهم باللكمات والصفعات، ولم يطل العراك كثيرا فقبضوا عليه .
أمرهم العابدي أن يوثقوا رجليه ويديه بحبال مفتولة ففعلوا، ثمّ أمرهم أن يجمعوا السّعف ليحرقه حياً في وسط السّوق، ليجعله عبرة لمن قد تسوّل له نفسه أن يتطاول على رجال الحكومة .
كان أهل السّوق قد تركوا بضاعاتهم وتجمّعوا ليروا الحدث عن كثب .
وسرعان ما جمع رجال العابدي سعفا وجذوعا كثيرة ورموا نشبرة في وسطها، وأضرم العابدي النّار بالسّعف .
لم يترك أهل الفلاحيّة بطلهم الشّجاع لتحرقه النّار، بل هبّوا جميعهم لنجدته فأخرجوه من وسط النّيران .
هرب العابدي وجنوده من الحشّود الغاضبة ونجى البطل؛ وفي نفس اليوم هاجر إلى قرية أخرى حيث لا تصله يد العابدي الجائر .
لم يبق العابدي في الفلاحيّة طويلاً، قيل إنه تحرّش بعربيّة في الملأ العام، فبيّت شباب الفلاحيّة قتله .
يقول أبي : إنّ الشّباب كتبوا عريضة وطلبوا من الجّنود لقاء العابدي، وأنّهم مساكين قد تعرّضوا للظّلم من طاغية ما .
عندما فتح العابدي الباب وتناول العريضة ليقرأها، لم يمهله الشّباب، وثبوا عليه بغتة وأثخنوه جراحاً بالخناجر أدّت إلى هلاكه؛ ثمّ فرّوا .
وهكذا انتهى عصر العابدي الظّالم في الفلاحيّة .
وإنّ الخناجر قد تكون أبلغ من التظلّم والشكاوي، وأجدى .
بطل من الفلاحيّة