تركنّا السيارة أمام بيت مضيِّفنا.. لاحظنا بقايا نخل وبيوت فقيرة وجامع، ومع رجل من أهل القرية إهتديت إلى تلك الأيام البعيدة تمكنت أخيراً من إقتفاء الأثر ومعرفة الجامع الذي بناه ( أسطة بدرعطية ) في الستينات من القرن الماضي، وقتها كانت ( الدورة ) شمساً وبستاناً يلتصق بها أهلها بصدق وحين إنتابتها المحن فرّ أهلها بعد أن أكل بعضهم الرصاص وإغتالتهم أيادي الغرباء !.
تلك هي دورة ( آل إبراهيم ) والتي أُطلَق عليها أسماً آخر فيما بعد .
كانت حركة أمواج النهر الواهب الخير والعطايا وكان الأنسان.. الأنسان الذي حمل التراب ليلتحم بالماء ولينجبا حقولاًـ تضاهي حقول الضفة الأخرى ـ لتنجب هي الأخرى نخيلاً باسقاً وأشجاراً لفاكهةٍ مستطابة .
أما اليوم فقد ماتت المدينة بعد أن أجهز عليها مَنْ يكره البشر والضرع والشجر.
في السبعينات من القرن الماضي كان الشاعر( مصطفى عبدالله ) مدرساً للطبيعيات في ( ثانوية البحار ) وقد أرتأيت أن أدرج القصيدة إعتزازاً بالشاعر وإتماماً للفائدة .
دورة آل إبراهيم*
للشاعر
مصطفى عبدالله
نائمة على ذراع البحر
محنية تحت سهام الريح والغبار
تصدّر البرسيم للمدينة
وتشتري الخضار..!
***
عباسُ ليس جائعاً
ولم يكن لسانه ممدّداً في الباب
لكنه منقطع بين الدكاكين التي أقفلها حياؤه والمسبحة.
***
كانوا بظل الجامع الصامت والجسر
منذ طلوع الفجرِّ
منذ زمان البحر، جالسين،
هادئةٌ
يا دورة إبراهيم
ضاربة ما بينهم والملح
يا دورة إبراهيم
لو تنزلين بينهم في الصبح..!
ـــــــــــــــــــــــ
*ـ ناحية البحار