شجن الطرقات*

2016-10-19
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/becd2922-6754-4df2-9304-bdebb0ac67b0.jpeg
مع هموم النهارات البصرية وطرقها المتشعبة وظروفها التي تضم كافة الإحتمالات تعرفت عليه !، بعد سنين عديدة فاجأني صوته.. عدت إلى الذاكرة.. تذكرت السيكارة والمقهى الفقير والرجال الغارقين بالتأمل ثم كان اللقاء والكلمات .
حدثني عن أمور لا يحتمل نسيانها.. السوق الذي ضمّه أيام الحرب والدمار والحصار حيث إعتاد وبكل حزم وهدوء أن يحصل على ما يسد جزء من حاجة العيال والرغبة في الحصول على ما يغني الفكر وتلك معادلة صعبة، ومع ذلك فقد إستمر!.
صاحبه الشاعر وجلوسه بهدوئه المعتادعلى علبة حليب النيدو الفارغة على رصيف خضارة العشار.. زياراته القصيرة  والمتكررة له، حديثه الهادئ وسط الضجيج والحركة سكونه حتى لحظة المصير! .
في القصة لا ذكر للأسماء، بدأت: بالمتسكع [ كالغجري الذي يحمل جرابه على كتفه وهو يمر بالمدينة مبهوراً بمعالمها بعد طول غياب] متوقفاّ لحظات ومحاولاّ الولوج لمعرفة أسرار مدينته من جديد حيث تبدأ الرحلة بين عالمين : الفندق المنزوي والمقهى الحاشد، لعل هدفه كان أن يجد نفسه فالحياة لم تعد كما كانت، لكنه يعلم إنّ كل خطوة يخطوها في هذه المدينة تكلفه الكثير[ وجهك وجه عامل مفصول ]
ـ [ أشْ..! بهدوء ] رماها بوجه صاحبه المخرج والذي وجد في ملامحه ما يناسب الدورفي النص الذي سيخرجه للمسرح المدرسي .
ومع عجلة القص التي تدور من خلال الحوارات أو المنولوج الداخلي[ زيارة الأسير العائد ] أو [ التساءل بخاطر مثلوم ]، ثم هذا الدفق من الذكريات والتي لا فكاك منها ولا خلاص من أسرها: [ نشوة المطر، قبلات عشق نظيف، الطست الممتلئ بالحالوب  وماء المطر، قنطرة النهر الضيقة الإتساع ] ومع أحاسيسه التي تتنفس يسهب في الحديث ويخلط الحلم بالواقع [ كاترينا ماكسيموفا راقصة الباليه في مسرح البولوشوي ولوحة المعيدية المعلقة على جدار المقهى ] ليعود بعدها إلى واقع مدينته الموعودة بالخراب [ كم كنت مدهشة يا كاتيا في الوقت الذي غزا المدينة الجدري وشوه الوجوه والجمال ] .
ليصل إلى النتيجة الحتمية والتي أوجدتها الحروب  وساهمت ـ وما زالت ـ فيها مجاميع الجراد المنتشر والذي حمل لمدينته الطيبة الخيرة الجميلة والمتسامحة الزيف والدنس والتخلف والسقوط .
وفي مواجهة مكشوفة عن التمييز الذي تمنحه دولة ميزانياتها بالمليارات لأطفالها ناهيك عن شيوخها !، يختم القاص نصه بالقول:[ أولئك الصغار هنا وهناك اللذين لم تلامس أصابعهم الأقلام والدفاتر والطباشير، ربما في الأحلام فقط .. ربما، وهم يرتجفون برداً والمطر يواصل بلله لثيابهم المهلهلة قرب قمامات المطاعم في ساحة أم البروم  وأرصفة كاراكاس، فالبائسون في كل أنحاء العالم متشابهون ] .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ــ
عنوان قصة قصيرة للقاص عبد
 الحسين العامر.
ـ القاص عبد الحسين العامر من مواليد
 البصرة ـ قضاء الفاو 1943.
ـ عضو اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين .
نشر في الصحافة والدوريات العراقية
ـ صدر له ( مرزوك.. ألإيقاعات الضائعة
، قصص قصيرة ، سنة 2008 ) من إصدارات إتحادالأدباء والكتّاب العراقيين في البصرة . 
له من المخطوطات :
 ـ  شجرة الخرنوب ـ مجموعة قصص
 قصيرة.
 ـ بعد فوات الأوان ـ مجموعة قصص
 قصيرة جداًـ
 ـ رياح الخريف ـ تدوين أحداث حرب
 الخليج الأولى.
 ـ عربة الجنرال الأخيرة ـ تدوين
 أحداث.
(المعلومات مستقاة من الغلاف الأخير لمجموعة
 القاص مرزوك.. الإيقاعات الضائعة ـ بتصرف )

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved