كان الجد قارئاً ذكياً لكتاب النجوم المفتوح أمامه على مد البصر وهو جالساً على الرابيةالمرتفعة والتي نبتت عند أقدامها أشجار النـخيل المتـعددة الأنواع.. كان يقضي ساعـاته الطويلة محدقاً ،وبصبر جميل، بنظراته المحبوبة من عينيه المتعبتين، كان يتتبع مسـارنجمه الخالد والأثير معوضاً ما انطفأ من نجوم لن يراها أحد بعد الآن، وبـكلمات تخرج كالصفير من بين أسنانه المفروقة حدَّثنا عن الآلام، وحين بدأت الشمس تنزل بسرعة أخذ الجد معه كل شيء إلى قبره!.
ـ 2ـ
الآسر الجميل.. والمنحدر نحو الشط.. والذي تظلل جانبيه أشجار النخل، وتقف فوقه سماء زرقاء نقية كالزبرجد تحاصرها نتف من غيوم تبدو في الأفق .. وعلى الأرض ثمـة عيـون صافـية متلألئة وأخرى حفر غارقة في الهم وما بينهما عزلة هناك واختلاط هنا.
ـ3ـ
سعادة بصرية مثل رطب البرحي في بستان (حنا الشيخ)* نمد يدينا فنطاله...
أسكرتني بصرتي هذه بكل ما فيها وأنا أردد عبارة بود لير:
" يجب علينا أن نكون دائماً سكارى... بالنبيذ، أو الشعر أو الفضيلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ـ كانَّ بستاناً رائعاً، بقصره وطلته الجميلة على نهر (أبو الفلوس) ، في أبي الخصيب جنوب البصرة.