دار الحوار التالي بيني وبين صديقي الكاتب أحمد عادل صاكي قبل أكثر من عامين عبر الواتساب .
الأستاذ أحمد مدرّس متقاعد، ورغم ذلك لديه روح ونشاط الشباب فهو الآن يتابع دراسته ليأخذ شهادة الدكتوراه بإذن الله .
ألّف الأستاذ أحمد كتابا قصصيّا اسمه الحقّ المشؤوم قبل تسعة أعوام .
الحوار الذي دار بيننا كان حول النقد الأدبي في الأهواز، وهذا نصّه :
أحمد صاكي : أرجو أن لا تستاء من كلامي .
سعيد مقدم : يا أخي أنا أكثر مرونة مما تظنّ، لا أستاء أبدا بل أشكرك شكرا جزيلا ...
أنا يا صديقي من الطيف الذي يرحّب بالنقد كثيراً .
أحمد صاكي : وأنا أيضا معك ... أتقبّل النقد وإن كان لاذعاً .
أموت شوقا أنا شخصيّا إن قام متمرّس ما بنقد قصصي .
سعيد مقدم : على الكاتب أن يتحمّل النقد .
أحمد صاكي: طبعا... لا رقيّ دون النقد، فالنقد هو الوقود الضروري لانطلاقة الأدب في سماء الحیاة .
سعيد مقدم : قبل أسبوع أحد الشباب وهو دارس النحو واسمه توفيق زهير نقد أحد كتّابنا ... الكاتب زعل .
فما الضير أن نبّهه القارئ ؟!
أحمد صاكي : كلّا ...لا بأس؛ إلّا اذا كان الكاتب يشعر أنّه ما فوق النقد وهذه كارثة !
طبعا النقد فنّ لا يجيده إلّا القليل .
الطامة الکبری هي أنّنا نستخدم تعابیر فضفاضة لأمر ما مثل الکاتب والناقد، فلا یوجد من هذین التعبیرین تعابیر أدبیّة أکثر منهما فضفضة؛ فتری هناك من الشباب بمجرد کتابة أسطر یلقّب نفسه بالکاتب مثلا .
سعيد مقدم : ما فوق النقد ! هكذا يعتقد معظم كتّابنا الأهوازيين .. وهذه كارثة كما تفضلت .
النقد فنّ، ودون هذا الفنّ لا يرتقي أدبنا الأهوازي ليصل إلى العالم العربي، أو يترجم فيصل إلى القارئ غير العربي كما نطمح .
أحمد صاكي : طبعا وليس خافيا عنك إنّ الكبار من الكتّاب العالميين أيضا لا يحبذون النّقد .
قرأت ذات مرّة أن أحد الكتّاب العظام الروس يكره من كان ناقداً !
نقطة مهمّة أخرى وهي أنّ النقد والإنتاج الأدبي ثنائیان لا یفترقان، بمعنی أنّ النقد ینبثق من الأدب نفسه، فإن کان مستوی الأدب راقيا فالنقد أیضا سیکون راقيا والعکس أیضا هکذا .
لذلك یمکننا القول أنّ الأدب الأهوازي (هنا أقصد السردي منه) بما أنّه في طور التکوین الجنیني ولم تکتمل ملامحه بعد، فالنقد أیضا لم یبلغ مرحلة الإکتمال، وهذا أمر طبيعي .
سعيد مقدم : نحن لسنا بمستوى هذا الكاتب الروسي الذي قرأت عنه، أدبنا لا يزال في بداية مشواره؛ والنقد البناء يدعمه ليستوي غصنه .
المشكلة الثانية إنّ معشر الكتّاب الأهوازيين ورغم قلتهم، لا يعرف بعضهم بعضا وهذا نتيجة عدم التواصل حتّى عن طريق المجاز !
فتجد بعضهم منطويا على نفسه يكتب أدبا هشّا وفي دائرة ضيّقة، ثمّ يعتبر ما يكتبه في مستوى روايات نجيب محفوظ !
يا أخي تواضع قليلا، وتواصل مع الآخرين لعلّهم يساعدونك في تصحيح مسارك الأدبي، وتقبّل الرأي الآخر برحابة صدر .
ولكن يا أبا شهاب، وصفك لأدبنا الأهوازي بأنه في طور التكوين الجنيني ولم تكتمل ملامحه بعد ! أرى فيه بعض الإجحاف؛ أعتقد أنّ أدبنا ورغم العقبات التي يواجهها من النظام السياسي الحاكم قد ولد، وبدأ ينمو متحديّا جميع العوائق والصعوبات . ونأمل أن يصل إلى المستوى الذي يستحقّه .