البيت الذي اشتريته وأسكن فيه الآن، قد تم تصميمه على طراز ۋيلا، الفناء من الأمام، مساحة خالية بعرض مترين تمتد إلى 12 مترا من اليسار، و12 مترا من الخلف؛ ما يجعل الغبار وبفضل الحكومة التي غيرت مجرى أنهر الأهواز إلى مدن إيران يتسرب، بل يتدفق في البيت صباحا ومساء . ولذلك قررتُ أن أوسع البيت وأبني المترين الخالية .
كان ذلك قبل ستة أعوام، كنا قد بدأنا العمل في بداية الصيف، واستمر العمل حتى رمضان، وفي رمضان استأجرت عاملا شابا ليحفر أساس الحائط الخلفي .
وعند الضحى وعندما كانت الشمس تضرب الرؤوس بكل قوتها بدأ العامل بالحفر، وبعد نصف ساعة خرجت لأشتري شيئا ما ... وعند رجوعي لم أجده !
سألت الأستاذ عنه فقال ضاحكا : لقد هرب .
- كيف هرب ؟!
-اشتغل 45 دقيقة، فاغتنم فرصة غيابك فهرب راكضا .
وركبت سيارتي وتبعته، لا أدري من أي جهة هرب فسلكت الشارع اليساري حتى وصلت إلى نهايته، ولم أجده !
رجعت ودخلت الشارع الأمامي، ولم أر منه أثراً !
أدرت السكان وضغطت على دواسة الوقود في الشارع اليميني، فوجدته في نهاية الشارع كالشارد الذي ظن أنه وصل إلى بر الأمان فصار يتمشى بهدوء ليلتقط أنفاسه !
ركنت السيارة بالقرب منه ونزلت... وإذا به يستأنف هروبه !
فركضت وراءه مناديا :
يا رجل قف، أرجوك قف .
وقف وهو يعتذر:
أستحلفك بالله أن تسامحني، حرارة الشمس شديدة ولم أستطع الإستمرار، وأرجو العفو إن عطلتُ عملك .
خاطبته بهدوء : يا صديقي، فداك العمل وصاحبه ... جئت لأدفع لك أجرتك .
وقف يحدق بي، غير مصدق ما يسمع !
أخرجت نقالي وبدأت أحسب .
8 ساعات 200000 ريال، 45 دقيقة تساوي كم ؟
الجواب: 18750 ريال... ودفعت له 20000 باحترام . ثم صافحته مودعا ورجعت أتنفس الصعداء، ابتعدت كثيرا... ولم يزل الشاب واقفا متحيرا يحدق نحوي .
رجوعي استغرق ثلاث دقائق، مر خلالها شريط فيلم من صغري :
اشتغلت في عطلة الصيف عند الحاج حسن أربع ساعات، أهانني الأستاذ فتركت العمل... طلبت أجرتي من الحاج، رفض فقال :
لا تستحق أية أجرة، لأنك لم تكمل يومك !