خواطر أكتبها للمستقبل فيروس كورونا (13 – 18)

2020-07-08

الحلقة 13
في ربيع العام الماضي، عندما قام أبناء المحمرة بتلقيح نخيل الشوارع والحدائق العامة، حضر بعض مسؤولي البلدية بسياراتهم وبدأوا يستنطقوننا وكأننا ارتكبنا المنكر!
من أنتم ؟
أي مقاول أرسلكم ؟
لماذا لم تنسقوا مع البلدية ؟
قلنا لهم إن مبادرتنا هذه مبادرة خير، ولا نبتغي من ورائها طمعا ولا نفعا .

ثم وبعد ساعة حضر رئيس البلدية بسيارته ووقف يتفرج من بعيد كيف يتعاون الشباب فيما بينهم، منهم من يتسلق النخيل، ومنهم من ينقل السلم من نخلة إلى أخرى، ومنهم من يحضر اللقاح .
تفرج قليلا ودون أن يسلم أو يودع، ذهب !
لقحنا حينها 150 نخلة، ولكم أن تتصوروا مقدار البلح والرطب والتمر الذي جناه الناس من هذه النخيل .
ذات يوم رأيت شابا عليه آيات الفقر يقطف الرطب ويضعه في كيس، وقفتُ قربه، ظن المسكين أنني من رجال البلدية، فنزل خائفا وهو يبرر:
والله إنني فقير ولا عمل لي، أجني الرطب وأبيعه في السوق لأحصل على بعض المال لزوجتي وأطفالي .
عرفت من خلال كلامه أن رجال البلدية كانوا قد منعوه من جني الرطب، وقالوا له إن البلدية هي التي لقحت هذه النخيل، والثمر لعمالها، ومن يمد يده نحو العذوق، يُعاقب بتهمة السرقة !
طمأنته، وأخبرته بأننا نحن الذين لقحنا هذه النخيل لتنتفع بثمرها أنت وأمثالك من فقراء المحمرة، ولا شأن للبلدية لتتحكم بثمرها وهي لم تشارك في تلقيحها .

هذا الربيع، لم تمنعنا المضايقات التي تعرضنا لها العام الماضي أنا وبعض زملائي بسبب نشاطاتنا الثقافية لنقوم بتلقيح النخيل مرة ثانية، وإنما خشيت على الشباب من الإصابة بفيروس كورونا .
ولكنني أحببت أن يدرجها رئيس البلدية هذا العام ضمن برامجه وهي مبادرة لا تستغرق أكثر من يوم، كان باستطاعته أن يلقح جميع النخيل في يوم واحد، ولماذا لا يفعلها ؟! ماذا ينقصه ؟!
العمال ؟! أو الرافعات ؟ أو الآليات البسيطة كالمنجل والمنشار؟
وأن يخصص الثمر للعمال الذين قد تتأخر رواتبهم أشهر بسبب سوء التدبير في ميزانية البلدية .
لكنه يبدو وكما انتشر الخبر قبل أيام إنه لا وقت لديه لإنجاز هذه المبادرة وما شابهها من مبادرات تصب في صالح أهل المحمرة وهو يصارع الرئيس السابق !
وبصراحة عليه أن يعي أن المحمرة تفتقر إلى حلبة مصارعة، كما تفتقر إلى شوارع مبلطة ونظيفة، وربما كان عليه أن يتصل بسيث رولينز أو رومن رينز أو درو مگنتایر ليرشدوه إلى الحلبات العالمية ليمارس هوايته هناك .
وإنه لن يكون في موقف حرج إذا ما خسر المبارزة لا سمح الله، ذلك لأن المصارعة تقام دون حضور الجماهير للحد من انشار الفيروس .
بالمناسبة أنا أخشى على عمال النظافة من وباء كورونا والذين أراهم يتسكعون في الشوارع كلما خرجت من البيت وهم يفتقرون إلى كمامات وقفازات !

لا أريد الإسهاب في أمر بلدية المحمرة ومشاكلها الكثيرة، ولكن لا بد لي أن أتطرق إلى أعضاء مجلسها الذين أتمنى أن أجد أي جدوى لوجودهم !
هؤلاء القوم المتناحرون فيما بينهم لا يدعمون نشاطا ثقافيا ولا تنمويا ولا هم يحزنون !
يجتمعون بين الفينة والأخرى كرها فيتعارضون ثم يتفرقون؛ ليت شعري هل لمصلحة المحمرة أي إعراب في قواميسهم ؟!
أم غرتهم الحياة الدنيا فانغمسوا في مصالحهم الشخصية دون المصالح العامة !

لأرجع إلى آخر أنباء فيروس كورونا، والذي لولاه لما سمحتُ بضياع ثروة ثمر النخيل في المحمرة هذا العام، والذي يقدر بمئات الكيلوات :
مطار دبي يعلق الرحلات، والإمارات تعلن بدء تطبيق العمل الحكومي مئة بالمئة عن بعد .
مستشفيات باريس باتت عاجزة عن استقبال مرضى كورونا والموجة القاسية التي حذر منها رئيس الوزراء في باريس بدأت بالفعل .
هل ستغير أزمة كورونا خريطة القوى العالمية ؟
في إيران، السماح لثلث الموظفين للعمل فقط؛ وفريق أطباء بلا حدود الذي جاء يساعد بمكافحة كورونا يُتهم بالتجسس ويُطرد .
31-3-2020

 

الحلقة 14
نخلتنا (القنطارة) التي بلغ طولها أربعة أمتار حملت 15 طلعة، لقحتها كلها، لكنني لم أفعل ذلك دفعة واحدة، كنت كلما أستيقظ صباحا، ألقي نظرة إلى الطلعات، فإن وجدت طلعة قد تفدغت، تسلقت النخلة ولقحتها .
كانت أم شروق تقترح أن آخذ سكينا وأفدغ الطلعات كي ألقحها مرة واحدة، ولكن لي في تكرار الصعود مآرب أخرى، المتعة في التسلق، الجلوس على السعفات، الرياضة، واستشمام اللقاح .

لدي نخلتنا فسيلتان، وقد كبرتا بما فيه الكفاية، وعليّ أن أفصلهما عن أمهما لأشتلهما في مكان آخر من الحديقة، ولكن يلزمني عتلة، أدري أن والدة أم شروق لديها واحدة، والمحرزي لا يبعد عن حينا إلا كيلومترا أو أبعد بقليل، لكن الناس في الحجر المنزلي، وينبغي أن لا أخالف الإلتزام الذي أوصي الجميع به منذ انتشار الفيروس .
فحاولت أن أستخدم الفأس والمنشار لفصل الفسيلة . أحفر تحت الفسيلة بالفأس، وأعزلها من أمها بالمنشار .
اليوم عملت أكثر من ساعتين، ولم أستطع فصلها؛ سأتابع العمل غدا بإذن الله .

الآن حان أذان المغرب، وأم شروق تناديني للعشاء؛ هي كانت صائمة .
- سأتعشى بعد الرياضة .
- عملك اليوم في الحديقة كان بمثابة الرياضة .
لكنني ملتزم ببرامجي، سأخرج بعد صلاة العشاء لأعدو ربع ساعة دون توقف، ثم أرجع لأمارس الحركات الرياضية في البيت .

منذ أسبوع  ومدينة المحمرة في الحجر الصحي، لا يدخلها أحد ولا يخرج منها أحد، لست أخالف هذا، ولكن كان الأجدر بالحكومة أن تطبق هذا القرار على مدينة قم قبل أن ينتشر منها الوباء في جميع المدن، ومنها في جميع الدول المجاورة . 
الآن جميع المدن أمست ملوثة وبؤرة للإنتشار، لا فرق بين المحمرة وطهران، أو عبادان وقم، أو الفلاحية ومازندران .
هذا البلاء الصيني قد اجتاح البلاد كلها !

وبينما تتسابق المختبرات لتجد الدواء المضاد لفيروس كوفيد 19، تنتشر رسائل عبر تطبيقات التواصل وخاصة الواتساب توصي بوصفات ليست أقل فتكا من الفيروس نفسه ! هذه الوصفات التي لا تعتمد على أدلة علمية ولا عقلية، قد تجد من يصدقها ويعمل بها !
منها :
الحرمل يقتل فيروس كورونا .
تناول الزنجبيل .
علك اللبان أو البستج .
ماء الورد والخل والملح .
خليط العسل والزيتون والكركم .
الشاي والحليب .
احتساء الخمر .
ولعل الوصفة الأخيرة هي الأشد خطورة وفتكا بالشباب، وقد اتجه عدد منهم صوب بائعي الخمور الذين يصنعونه في بيوتهم بخفاء ومن غير رقابة .
والعجيب أن الجميع يعرف عناوين هؤلاء الباعة سوى الحكومة !
هؤلاء يخمرون المواد في ظروف غير صحية، وأماكن غير صالحة، مما يؤدي في تسمم هذه المادة المحرمة .
ولا يستبعد بعض المراقبين أن يدا خفية متعمدة دست السم في الخمر الذي بيع منه مئات الليترات في يوم واحد، فأدى إلى وفاة ستين شابا أهوازيا، وتسمم المئات منهم .
أين الجهات المسؤولة لتتعقب المسببين لهذه الكارثة التي أدت إلى وفاة العشرات من شبابنا ؟!
شباب بعمر الورود خشينا عليهم من الإصابة بالفيروس، فإذا بالخمر يفتك بهم فيتركهم أجسادا بلا أرواح !
وهناك من فقد بصره وأصيب بفشل كلوي .
ولماذا تحدث مثل هذه المصائب في الأحياء الفقيرة دون غيرها ؟!
أهو تدني الوعي العام وغياب المؤسسات الثقافية التي من المفروض أن تلعب دورا فعالا في أوساط الشباب ؟!
أم أن الشباب اتجهوا نحو الفسوق والعصيان نتيجة التهميش والبطالة ؟! أم هي ردة فعل ضد الشعارات الإسلامية التي تطلق من جانب الحكومة !

طلبت من ماجد ليغير قناة كارتينيتو إلى قناة إخبارية :
إسبانيا.. تسجيل 800 وفاة جديدة ليرتفع العدد إلى 12000و 7026 إصابة جديدة ليرتفع العدد إلى 124736
فرنسا.. 450 وفاة خلال 24 ساعة ليرتفع العدد إلى 5500
انتفاضة سجناء شيبان وحريق وإطلاق رصاص وارتقاء شهداء .
إيطاليا.. 15000 وفاة .
إيران.. عدد الإصابات يقترب إلى 60 ألفا .
زحف الوباء نحو القارة السمراء ودعوات لتأمين مساعدات عاجلة .
5-4-2020

الحلقة 15
منذ أسبوعين وأنا لم أذهب إلى السوق، معظم المواد الغذائية التي كنت قد اشتريتها، نفدت .
كتبتْ أم شروق قائمة طويلة من المواد ودفعتها صوبي، في المرة الماضية كتبتُ القائمة في الجوال، وكان الجوال في يدي، كلما اشتريت سلعة، مسحتها من القائمة؛ وهذا قد يسبب تلوثا في الجوال فينقل الفيروس إلى البيت؛ فاقترحتُ أن تُكتب القائمة هذا الأسبوع على ورقة .
ونظرا لالتزامنا بلغتنا، فقد كتبتها أم شروق بالعربية :
رز، زيت، دجاج، لحم، كركم، زعفران، حبوب فلفل أسود، فاكهة، جزر، فلفل حلو أخضر، فول، طماطم، جبنة بيتزا ...
لم تعين لي المقادير، تدري أنني حسب التجربة أشتري كيسا من الرز، 50 ألف ريال من الكركم، دجاجتين ...

ركنت السيارة جنب مستوصف التأمين الذي يقع مقابل سوق الصفاء وعبرت الجادة؛ وجدت قليلا من الباعة يجلسون جانب الطريق العام، والسوق مغلق بكتل كونكريتية كالأبواب يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار، مصفوفة صفا لا يستطيع المرء أن ينفذ من بينها .
كل هذه الإجراءآت الاحترازية اتُخذت للحد من تفشي فيروس كورونا، قيل للباعة أن يحافظوا على مسافة فاصلة لا تقل عن المترين بينهم؛ ولا يتسع المكان الذي يقع أمام السوق إلا لقليل منهم. ولهذا لم أستطع شراء كل ما في القائمة؛ وكان سعر المواد هذه المرة مرتفعا .
ومعظمهم لا يستخدم الكمامة ولا القفازات! كأن البعض لا يعي مدى خطورة الوباء إلا بعد أن يسقط ميتا !
خرجت عصرا متجها إلى السوق الشمالي لأكمل شراء ما لم أحصل عليه صباحا، ولم أكمل القائمة هذه المرة أيضا ! وجدت السوق مغلقا كسوق الصفاء .

عند المساء طلب ماجد وفاروق بيتزا للعشاء، وكان ينقصنا الحليب، يوجد محلان في حي بستان لبيع مشتقات الألبان، فقصدت محل علي أبي ياسين الذي يقع بالقرب من بيتنا، لكنه كان مغلقا بأمر من القائم مقام، رجعت إلى الجهة الثانية حيث محل أبي أمجد، وكان مغلقا هو الثاني .
فاضطررت أن أشتري حليبا معلبا من متجر الأغذية .
قسمت أم شروق العجينة إلى أجزاء، لكنّ ابننا الأصغر ذا الثالثة والنصف فضّل أن تكون البيتزا قطعة واحدة لا أكثر، فجعلنا العجينة كلها في صينية الفرن .
بعد ساعة كانت الصينية أمامنا وفيها بيتزا عملاقة، عرضها 40 سنتيمترا وطولها 70، كانت لذيذة حقا .

بعد العشاء اقترحت أم شروق أن نتجول بالسيارة، قالت إن الأولاد لم يخرجوا منذ أسبوع، وقد يشعرون بالملل من الحجر المنزلي .
اتجهنا نحو الجسر القديم، لكنه كان مغلقا .
حاولنا أن نسير صوب الشاطئ، وكان الطريق مغلقا أيضا .
انطلقنا إلى مركز البلد، لكن الكتل الكونكريتية منعتنا من التقدم .
فرجعنا بعد أقل من ربع ساعة، وكأننا لم نخرج !
والعجيب أن أحدا من الأولاد لم يَشْكُ !
ربما يدركون جيدا أنه زمن الكورونا .

الكورونا، مسكين من يُبتلى بهذا الفيروس الصيني !
إن لم يضطره الفيروس للإحتماء بالمستشفى، فإن الشرطة تعتقله وتقوده كالمجرم يسجن على سرير في صالات الرياضة والمحطات بعد أن اكتظت أسرة المستشفيات بالمرضى .
عندها، من الذي يتجرأ ليزوره ؟! وأين الأطباء والممرضون ليقوموا برعايته ؟!
وكم أحزنتني هذه القصة التي تُروى عن رجل مصاب بكورونا أشرف على الموت، فطلب أن يحضر أبناؤه ليراهم رؤية الوداع، وعندما اتصل طاقم المستشفى بهم وأخبرهم بطلب أبيهم، وإن الطاقم سوف يجهزهم بالأقنعة والملابس الواقية؛ رفض الأبناء زيارة أبيهم خوفا من العدوى !

الآن ومثل كل ليلة جلست قبالة التلفزيون لأتابع آخر أخبار فيروس كوفيد 19 :
الإصابات في العالم تجاوزت المليون والنصف .
عدد الوفيات في أميركا يصل إلى 15 ألفا والإصابات اقتربت إلى نصف المليون، وتحويل سفينة لمستشفى مؤقت .
وسائل إعلام وحقوقيون يحملون الصين مسؤولية الوباء .
البحرين.. تسديد فواتير الماء والكهرباء للمواطنين .
قطر.. تسجل 2300 إصابة .
إيران في إعلان رسمي تقترب إلى 70 ألف إصابة وأكثر من 4200 وفاة، وأخبار غير رسمية تتكلم عن مئات الآلاف من الإصابات .
9-4-2020

 

الحلقة 16
مضى على تعطيل المدارس شهران، في هذه الفترة الطويلة انقطع الطلاب عن المدارس والمدرسين انقطاعا تاما، وحاولت وزارة التعليم والتربية أن تتواصل مع الطلاب فتلقي الدروس عبر قناة تلفزيونية اسمها قناة (آموزش)، وتعني بالعربية قناة التعليم، يتلقى الطلاب كل يوم مادة واحدة من هذه القناة .
ولكن هل تتابع الأسر الأهوازية التلفزة الإيرانية كي يتلقى أبناؤهم الدروس من قناة التعليم ؟!
خاصة وأن معظم الأهوازيين يستخدمون الستلايت على قمر النايل سات، وقناة التعليم الإيرانية لا تبث عبر هذا القمر .

ربما كان من الحكمة أن تنهي الوزارة التعليم هذه السنة وقد أتم الطلاب أكثر من 70 بالمئة من كتبهم قبل تفشي فيروس كورونا .
لكن الوزارة تصر على أن الكتب يجب أن يكتمل تدريسها !
ولذا أنشأت تطبيقا يُثبَت في الجوال تتواصل عبره المدرسة مع الطلاب، وسمته تطبيق (شاد) .
ومفردة شاد مفردة فارسية تعني الفرح .
وتم إنشاء مجموعات للمدرسين حسب صفوفهم ليكملوا تدريس ما تبقى من الكتب .

ولكوني مدرسا، نشرت رابط تحميل التطبيق في مجموعات التواصل وطلبت من أولياء الأمور تحميله ليستطيع أبناؤهم تكملة سنتهم الدراسية عبر المجاز .
وبعد لحظات جاءتني رسائل تخبرني بأن بعض الأولياء لا يملكون الجوال الذكي!
ولما اقترحت عليهم أن يشتروا جوالا مستعملا، قالوا إنهم فقراء لا يملكون قوت يومهم، فكيف يستطيعون شراء جوال حتى لو كان رخيصا ؟!

وانتشرت اليوم صورة طالب في مجموعات المدارس عبر الواتساب من حي كوت الشيخ، يقال إنه طلب من أبيه أن يشتري له جوالا يستخدمه  لتطبيق شاد؛ لكن الأب لم يستطع؛ فانتحر الابن !

ويقول صاحب محل للجوالات إن تطبيق شاد أمسى يحزنه !
يقول إن بعض المَشاهد التي رآها اليوم أبكته !
ويشرح بعض هذه المشاهد المؤلمة قائلا :
جاءني أب مع ابنته وفي يده جوال قديم يطلب مني أن أثبت فيه التطبيق، لكن الجوال غير متوافق مع التطبيق بسبب قدمته !
وأب آخر دخل مع ابنه وفي يده جوال عاطل يطلب مني تصليحه، وحتى لو أصلحته فإنه لا يدعم تطبيق شاد !
وآباء آخرون دخلوا مع أبنائهم يطلبون شراء جوال رخيص ! وبعد أن أخبرتهم بالأسعار، غادروا المحل وهم يعتذرون إلى أبنائهم !
وفي ظل هذه العقبات، إلى أي مدى تستطيع وزارة التعليم أن تحقق أهدافها من وراء هذا التطبيق ؟!
وهل لاحظت الطبقةَ الفقيرة من الشعب قبل إنشاء تطبيقها التعليمي هذا ؟!

خرجت اليوم للتسوق، وجدت السوق كما كان قبل تفشي الفيروس، كل الباعة جالسون متلاصقين، والناس مزدحمة !
وليست هناك أي قيود !
معظم الباعة لا يستخدمون القفازات ولا الكمامات، وكذلك معظم الزبائن ! 
هل استطاعت الحكومة التغلب على الفيروس لتسمح بفتح الأسواق المزدحمة ؟!
هل انتهت الأزمة ؟!
يبدو أن الحكومة قررت استئناف الأنشطة الإقتصادية خوفا من انهيار اقتصادها !
والحقيقة عندما أسمع أن عدد الوفيات في أميركا يتجاوز الألفين كل يوم بسبب الوباء، أخشى على شعبنا .
وعندما أرى أن الرئيس ترمب يشكك في إحصائيات الوفيات والإصابات المعلنة في الصين، يعاودني التوجس من انتشار الوباء في الأهواز .

رجعت من السوق، وفتحت التلفاز، وقلبت القنوات الإخبارية؛ قناة الحدث، سكاي نيوز، فرانس 24، خبر:
أكثر من 2.5 مليون إصابة بالفيروس في العالم، و167 ألف حالة وفاة، فيما تماثل للشفاء أكثر من 580 ألفا .
750 ألف إصابة في أميركا، و43 ألف وفاة .
وفاة رئيس بلدية مدينة سافيانو الإيطالية بالفيروس، ووضع المدينة في الحجر الصحي .
وزير الصحة المغريي يحذر من التراخي مع إجراءات الحجر الصحي بعد تمديد حالة الطوارئ .
في إيران، عدد الإصابات حسب الإعلان الرسمي يقترب من 85 ألف، والوفيات أكثر من 5 آلاف ومئتين .
21-4-2020

 

الحلقة (17)
- أريد زيارة أهلي، فلقد اشتقت إلى أمي وأبي وإخوتي وأخواتي !
- ولكننا لا نزال في الحجر المنزلي .
-وإلى متى نلتزم بالحجر المنزلي، وإلى متى ننقطع عن الناس ؟!
- إلى أن تحل مشكلة فيروس كورونا .
- هب أن علاجه لن يظهر لسنين، هل نبقى مسجونين في بيوتنا ؟!

لا شك أن مثل هذا الحوار الذي قد لا يخلو من الزعل، قد يدور بين بعض الأزواج .
الأطفال اشتاقوا إلى مدن الألعاب والحدائق العامة، والطلاب إلى مدارسهم، والنساء إلى أمهاتهن .
وهل الإتصالات الهاتفية بالصوت والصورة تفي ببعض الغرض فتروي قليلا من ظمئنا للقاء ذوينا ؟!
وما الحل ؟!
هل نبدأ بزيارتهم مرة في الأسبوع ونحن ملتزمون بإجراءات الوقاية، نحافظ على المسافة الآمنة ونتجنب المصافحة، فنجلس في الفناء بدل الصالة، ونخفف زياراتنا إلى نصف ساعة بدل الساعات ؟
ونكتفي ببعض الأحاديث القصيرة دون احتساء الشاي والقهوة، ودون تناول الطعام ؟
ولكن، هل ثمة من يلتزم ؟!

أخشى إن عملنا بهذا الإقتراح أن نمسي بعد مدة قصيرة مثل الحكومة التي بدأت بخطوات صارمة في بداية انتشار الفيروس فأغلقت الطرق والأسواق وعقمت الشوارع، ثم تساهلت بعد برهة فرجعت الأمور إلى وضعها الطبيعي كما كانت، وصرنا نسمع بمئتي إصابة في الأهواز خلال 24 ساعة وكأن هذه الإصابات تحولت إلى خبر اعتيادي كقصف طائرات روسيا في أسواق سوريا وقتل العشرات من الأطفال والنساء !

اليوم صباحا ذهبت لأملأ خزان السيارة بالغاز .
توجد محطتان لغاز cng في المحمرة، إحداهما شبه معطلة تفتح يوما وتسكر شهرا؛ كما أن هناك أربع محطات للبنزين .
وقد قننت الحكومة الإيرانية منذ ستة أشهر ثلاثين ليترا من البنزين للسيارات التي تعمل بالوقود المزدوج بعد أن رفعت سعر البنزين من عشرة آلاف ريال لليتر إلى ثلاثين ألفا .
ومن الطبيعي أن تحرق السيارة الخاصة الثلاثين ليترا في أقل من شهر حتى لو كنا ملتزمين بالحجر المنزلي؛ أما قبل أن يهاجمنا الفيروس الصيني فكانت هذه الحصة التي أمسى سعر ليترها خمسة عشر ألفا، تنفد خلال أسبوع أو عشرة أيام، وبعدها نلجأ إلى الوقود الغازي .

رأيت يافطة في واجهة محطة الغاز مكتوب عليها باللغة الفارسية (لتفادي الإصابة بالفيروس، لا نستلم المبالغ، سدد بالبطاقة البنكية) .
فأخرجت بطاقتي بعد أن ملأت الخزان وصرت أبحث عن جهاز نقاط البيع، لكني لم أجده !
سألت أحد موظفي المحطة عنه فقال: ليس لدينا جهاز للدفع الآلي، ادفع نقدا .

وهذا نموذج بسيط من التراجع عن الإجراءآت التي قالوا إننا سننفذها بصرامة؛ وكانوا قد أعلنوا أن الأوراق النقدية تنقل فيروس كورونا المستجد، إذ إن المال ينتقل باستمرار بين الأيدي، ويمكنه التقاط الفيروس؛ وأظهرت دراسة أنه يمكن لهذا الفيروس أن يعيش ما يصل إلى يوم واحد على الأوراق النقدية .
هذا فضلا عن أن الموظفين في المحطة لم يستخدموا الكمامات ولا القفازات !

وما يلي آخر الحصيلة لتطور جائحة كوفيد 19 لهذه الحلقة من خواطري :
أكثر من 4 ملايين إصابة في العالم، من بينها مليون و400 ألف حالة شفاء، و280 ألف وفاة.
في أميركا مليون و300 ألف إصابة، و77 ألف حالة وفاة.
سجلت روسيا 11 ألف إصابة خلال 24 ساعة ليرتفع إجمالي الإصابات فيها إلى 200 ألف.
فرنسا .. استخدام الكمامات إجبارا.
الإصابات في إيران تقترب إلى 110 آلاف، و7 آلاف وفاة.
الإصابات في الأهواز 4500 وعدد الوفيات 400 وفي المحمرة 170 إصابة و20 وفاة.
9-5-2020

 

الحلقة (18)
لدي صفوف مختلفة من العاشر إلى الثاني عشر في ثلاث مدارس، والتي عطلها الفيروس الصيني كوفيد 19 قبل ثلاثة أشهر، فجعلتُ أتواصل مع الطلاب عبر تطبيق (شاد) التعليمي، أسجل لهم مقاطع فيديو أشرح فيها الدرس، فأرسلها عبر هذا التطبيق .
اليوم سجلت ستة مقاطع، وبلغ حجمهن 2G، فضغطتهن بتطبيق video show ليتقلص الحجم إلى 80M ليتسنى لي الإرسال ومن ثم التحميل من قبل الطلاب .
كانت الوزارة قد أعلنت أن التواصل عبر تطبيق شاد سيكون بالإنترنت السريعة و المجانية؛ لكن أيّا من هذين الإعلانين لم يتحقق إلا بعد إنهاء السنة الدراسية في المرحلة الابتدائية، واقتراب المرحلة المتوسطة الأولى والثانية إلى النهاية .
حتى أن أحد الطلاب أرسل لي اليوم حل واجباته بعد تأخير وقال معتذرا : 
لم يكن لدي المال لأشتري باقة إنترنت .
ربما كان على الوزارة أن تهيئ لبعض المدرسين سبورة وأقلاما سحرية، وإلا أين يكتب مدرس الرياضيات أو الفيزياء أو الكيمياء كي تظهر الأفلام التي يصورها من دروسه ذات جودة مقبولة ؟!
رأيت صورة قبل أيام من مُدرّسة وهي تكتب الدروس على ثلاجتها فتصورها لطلابها .
صورة تنقل لك أكثر من رسالة عن مأساة مؤسسة التعليم والتربية .
وقبل أن أنتقل إلى الموضوع الرئيسي لهذه الحلقة، لا بد أن أشير إلى أنني اشتريت قبل أكثر من عامين سبورتين مساحة كل منهما 60×80 سنتيمترا مربعا، أهديت إحداهما إلى مؤسسة ثقافية، واحتفظت بالثانية لصفوفي التي أقمتها حضوريا أو مجازيا لتعليم اللغة العربية؛ والآن أستخدمها لطلابي .

اليوم هو الحادي والعشرون من رمضان 1441، خرجنا بعد الفطور نتمشى وقد تكممنا احترازا من الإبتلاء بفيروس كورونا، ليس هنالك تلوث صوتي ينبعث من مكبرات الصوت كما السنين الماضية، الشوارع هادئة، بل نحن نسلك الشوارع الخالية من المارة والسيارات .
عند رجوعنا غسلنا الكمامتين بالماء الحار والصابون، لنستطيع استخدامهما مرة ثانية .

كنا نتحدث حول عيد الفطر الذي لا يفصلنا عنه إلا بضعة أيام، وهل سيحتفل الناس فيه هذا العام، وهل يعايد بعضهم بعضا كما الأعوام السالفة ؟
أم أن عليهم الإلتزام بالتباعد الإجتماعي لأن لا يُصابوا بالفيروس ولا يُصيبوا الآخرين ؟
هل نتسوق هذا العام من الأسواق المزدحمة كما فعلنا في الأعوام الماضية فنشتري الحلويات، والملابس الجديدة، وماء الورد، والعصائر احتفاء بالعيد ؟
أم علينا أن لا نلقي بأيدينا إلى التهلكة ولا نُسقط الآخرين معنا ؟

إن طيفا من شعبنا سيظهر وهو يتمرد ضد الإجراءات الصحية ويعاند عنادا لا تنازل بعده ولا رجوع فيخرج يوم العيد ساحقا جميع قواعد الصحة تحت نعاله فيطرق الأبواب ليضع الناس في مواقف حرجة فيفتحوا له دور الضيافة وهو يدخل بالفيروس ليتركه وراءه يعشش في رئات العجزة والأطفال والنساء !
ولا تستطيع أن تثني هذا الطيف من شعبنا عما عزم عليه من شرّ وهو لا يتقبل النصح بتاتا، فيخرج (رغم التوجيهات والنواهي) للمعايدة وإلقاء الأهازيج والدبكة الأهوازية واحتساء القهوة بفنجان واحد !
صحيح أن الكثيرين امتثلوا إلى الشفاء بعد ابتلائهم بهذا الوباء المشئوم، ولكن من يدري ما هي الأعراض التي قد يتركها هذا الفيروس بعد الشفاء ؟!
هل ترجع سلامتنا مثل ما كنا ؟!
هذا ما لا يعرفه الكثيرون من الأطباء والعلماء وهم يحاولون أن يدرسوا الأعراض في المختبرات .
بالأمس سمعت العلماء الغربيين يدرسون ضعف حاسة الشم لدى المتعافين !

إخوتي في الأهواز وخارجها، إن قضية فيروس كورونا قضية حياة وموت، أو حياة وشفاء مع أعراض مجهولة، إذن فلنبقَ في بيوتنا ونتقِ شره، لنتجنب شراء مستلزمات العيد هذا العام ونحافظ على سلامتنا وسلامة أعزائنا وسلامة شعبنا، حتى نتجاوز هذه الأزمة الصحية بعون الله .
سيفرجها الله، ونعوضها في الأعياد الآتية بعد عمر مديد إن شاء سبحانه .
أصبح في هذا الوضع الصحي الراهن من واجب الجميع الأمر بالحفاظ على السلامة، والنهي عن إلقاء النفس إلى التهلكة؛ وإن المعايدة هذا العام هي التهلكة ليست إلا .

منذ انتشار الفيروس، بدأت بعض القنوات التلفزيونية تبث شريطين إخباريين، أحدهما أبيض لأخبار السياسة والاقتصاد والرياضة، والآخر أحمر خاص لأخبار كورونا .
وفيما يلي آخر مستجدات هذا الفيروس الذي استعصى على الأدوية، فأضحى يصول ويجول في جميع أنحاء العالم دون رادع :
الكويت .. 14 ألف إصابة، وحالات الشفاء 3500.
مصر .. 12 ألف إصابة، و3 آلاف حالة شفاء و600 وفاة.
السعودية.. 52 ألف إصابة، و24 ألف حالة شفاء، و300 وفاة.
قطر.. دخول فيروس كورونا مرحلة الذروة، والحكومة تعلن 3 سنوات سجن لمن يخرج دون كمامة بعد أن سجلت 30 ألف إصابة.
الأهواز.. تقترب إلى 7000 إصابة و400 وفاة؛ وتعطيل جميع الدوائر لمدة أسبوع مرة أخرى.
المحمرة ..ما يقارب 300 إصابة.
17-5-2020

 

 

سعيد مقدّم أبو شروق

 مدرس فرع رياضيات

يسكن  الأهواز

نشر قصصه في العديد من المواقع

نُشرت له مجموعة من القصص القصيرة جدا

saeed135057@gmail.com

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved