كلّ يوم حينما أستيقظ من النّوم قبل الفجر وأفتح الواتساب، أرى نفسي في مجموعات جديدة !
وخجلي العربي يمنعني من المغادرة !
فاضطررت أن أدخل في قسم الضبط وأفعّل عدم السماح للآخرين بإضافتي .
اليوم دخلت في مجموعة (لغتي هويتي) وكان الأعضاء يتجادلون مع شخص انتهك قانون المجموعة والذي ينصّ على عدم النشر باللغة الفارسيّة .
وإليكم ملخّصا ممّا دار بينهم :
- لقد انتهكتَ قانون المجموعة أكثر من مرّة وأرسلتَ منشورات باللغة الفارسيّة، ولذا نطلب من المشرف أن يزيلك من المجموعة .
- صحيح أنّ منشوراتي انتهكت قانون المجموعة، لكنّها كانت حول التوظيف في إحدى الشركات، وأنّها تفيد شبابنا الذين يعانون من البطالة الممنهجة .
- القانون قانون، كان عليك أن تترجم المنشور باللغة العربيّة ثمّ تنشره .
- ولكنّني لا أجيد الترجمة باللغة الفصحى؛ وهل درستُ بلغتي العربيّة كي أستطيع ؟!
- كلّنا درسنا باللغة الفارسيّة لكنّنا نبذل ما في وسعنا أن نتعلّم مبادئ لغتنا ولا ننشر بغيرها .
ثمّ يتدخّل المشرف وينشر بطاقة صفراء للمتخلّف وينذره قائلا :
إن كرّرتها، فسوف تأتيك البطاقة الحمراء... وينتهي النزاع .
شعب حُرم من التعليم بلغته ما يقارب العشرة عقود، لكنّه متمسّك بها بكلّ قواه، حُرم من الأفلام العربيّة، من المسرح العربي، من المكتبات والمعارض العربيّة، حُرم من كلّ ما له صلة بلغته العربيّة، لكنّه لم يستغنِ عنها ولم يتنازل، بل حافظ عليها في بيته وفي بيئته وبين أقربائه وأصدقائه؛ وبقي عربيّا رغما على أنوف الحاقدين على عروبته .
ونرجع إلى فيروس كورونا وما خلّفه من مصائب في العالم بأسره...
زميل أمير يشترك في مأتم، ويُصاب بالفيروس، ولم تظهر عليه أعراض الإصابة، فيباشر دوامه، فينقل الفيروس إلى زملائه !
اتصلت حماتي بابنها أمير، فأخبرها أنّه ليس على ما يرام، وظنّت أنّها حمّة طبيعيّة، فذهبت برفقة ابنها الثاني حسين من قرية المحرزي إلى حيّ أبو نواس لتزور أميراً؛ وكانت النتيجة أنّهم لزموا الفراش بعد يومين يعانون من ضيق التنفّس وألم الرأس !
نعم، أصيب الجميع بالفيروس دون أن يعلموا !
حاولت بناتها أن يجدن ممرّضة لأمّهن التي أمست لا تستطيع أن تردّ على هاتفها نتيجة ضيق تنفّسها، ولكنّهنّ لم يفلحن !
من التي تأتي لتمريض امرأة مصابة بفيروس معدٍ قد يقتل الإنسان ؟!
ولا هنّ يستطعن زيارتها خوفا من الإبتلاء بالفيروس .
كنّ يرينها من بعيد عندما يحضرن لها الطعام عند الباب .
تقول حماتي والتي تخطت الستين عاما من عمرها :
كلّ ليلة نتشاهد ثمّ ننام، ولا ندري هل نصبح أم لا !
كان حسين ينام أربعة وعشرين ساعة بلا انقطاع، أكلّمه فلم يجب ! حتّى اتصلت بأخيه أمير رغم أنّه ممنوع من الخروج من المنزل، فأخذه إلى الطبيب، ولم يسعفه الطبيب؛ قال إنّه لا يستطيع فعل أيّ شيء، ونصحهما أن يرجعا إلى البيت ويستريحا، وأن ينتظرا الشفاء من الله .
واستمرّ الإبتلاء أكثر من أسبوعين، وتماثل الجميع بالشفاء والحمد لله .
البارحة اتصلت بجارنا، وأعلنت له بأنّي مستعد لتقديم أيّة مساعدة، تسوّقٌ أو طبخ أو شراء مسكّنات من الصيدليّة...
اتصلتُ به رغم اختلافي معه ثقافيّا ولغويّا وأيديولوجيّا، إنّها المسؤوليّة الإنسانيّة والأخلاقيّة ونحن نعيش زمن الوباء .
المسكين أصيب هو وزوجته وأبناؤه بالفيروس عندما زارتهم ابنتهم المتزوّجة التي كانت مصابة من غير أن تدري !
بيته يقع أمامنا مباشرة، وهذا يعني أنّ خطر الإبتلاء بالفيروس بات يحيط بنا !
الآن البنت حالتها خطرة ونقلت إلى المستشفى، وكذلك الأمّ .
هذا الرجل ليس له أصدقاء ولا إخوة ولا أخوات، لم أرَ أحدا يزوره سوى ابنته التي تزوّجت قبل سنتين . ولهذا اتصلتُ به لأقدم له المساعدة، والمثل يقول : حقّ الجار على الجار .
فتحتُ التلفاز لأتابع آخر أخبار كورونا :
قناة الجزيرة : محاولة انقلاب فاشلة في الأردن .
قناة الحدث: الرئيس الأميركي جو بايدن يرفع ميليشيا الحوثي من قائمة الإرهاب .
قناة العربيّة : ميليشيا الحوثي تشن هجوما بالصواريخ على مناطق مأهولة بالسكان في مأرب وتقتل الأطفال .
محطات التلفزة لا تتطرّق إلى أخبار الوباء كثيرا، أضحت أخباره مكرّرة، ولهذا فتحت المواقع لأنقل آخر الإحصائيّات من الإبتلاء والوفيّات :
- يستمرّ عدّاد الإصابات والوفيّات بفيروس كورونا في الإرتفاع حول العالم .
- في فرنسا تعميم الحجر الصحّي على جميع المناطق لمواجهة الموجة الثالثة من الفيروس، والوفيّات ستصل إلى 100 ألف حالة .
- 131 مليون إصابة في العالم وما يقارب 3 ملايين حالة وفاة .
- في إيران ما يقارب المليوني إصابة وأكثر من 63 ألف حالة وفاة .
- تطعيم أكثر من مليون أميركي ووفيّات قياسيّة بروسيا .
7-4-2021