قصيدتان من أنّا أخماتوفا

2020-11-04

ي

حكايةُ الخاتمِ الأسوَد

أنّا أخماتوفا

 

   (1)

جَدّتي التتريّةُ

نادراً ما منحتْني هدايا؛

بل كانت حانقةً عليَّ  شديداً

لأني عُمِّدْتُ .

لكنّها رقّتْ عليَّ، قبل موتِها

وأسِفَتْ، للمرة الأولى

متنهِّدةً :

" يا لَلسنين !

هاهي ذي حفيدتي، غدت امرأةً ! "

لقد غفرتْ لي حماقاتي

وأهدتْني خاتمَها الأسودَ

مُعلِنةً :

الخاتمُ لها،

ولسوفَ تُسعَدُ بهِ

خيراً مني .

 

(2)

 

قلتُ لأصدقائي :

" ثمّتَ من الحزنِ عميمٌ، ومن السعادةِ قليلٌ "،

وغادرتُ، مُخْفيةً وجهي؛

لقد أضعتُ الخاتمَ .

وقال أصدقائي :

" بحثْنا عن الخاتمِ في كل مكانٍ،

في الرملِ على امتدادِ البحرِ،

وفي المرْجِ بين الصنوبرات " .

*

الأشجعُ بينهم، لحِقَ بي في الزُّقاقِ

وأرادَ إقناعي بالتلَبُّثِ حتى المساءِ .

دُهِشْتُ لنصيحتِه،

وغضِبْتُ على صديقي لأن عينَيهِ كانتا رقيقتَينِ .

" لِمَ أحتاجُكمْ ؟

كلُّ ما تفعلونه أنكم تضحكون

وتتنافجونَ حول تقديمِ الزهورِ " .

لقد طردتُهم جميعاً .

 

(3)

 

وحين عدتُ إلى غرفتي

انتحبْتُ مثلَ طيرٍ جارحٍ

منطرحةً على الفِراشِ

لأتذكّرَ للمرّةِ المائةِ :

كيف جلستُ إلى المائدةِ البلّوطِ

 أتعشّى،

كيف نظرتُ إلى عينَيه السوداوينِ

وكيف لم آكُلْ ولم أشربْ ...

كيف تحت مفْرَشِ المائدةِ المُفَوَّفِ

خلعتُ الخاتمَ الأسودَ،

كيف نظرَ ، هو ، في عينَيّ

ثم نهضَ ، وخرجَ إلى الرُّواقِ .

.........................

هُمْ لن يجدوا كنزاً يأتونَ بهِ إليَّ !

في البعيدِ

فوقَ القاربِ السريعِ

تُمْسي السماءُ قرمِزاً

ويُمسي الشراعُ أبيضَ ...

 

1917

______________________________________

 

تمّتْ ترجمة النصّ بلندن في الرابع والعشرين من تمّوز ( يوليو ) 2015

 

 

 

 

 

 

 

 

في ذكرى م .ب

 

 

 

أمنحُك هذه ، بدلاً من الزهور على قبرك ،

بدلاً من إيقادِ البخورِ ؛

لقد عشتَ على الكفافِ

واحتفظتَ حتى النهايةِ بتلك الكبرياء .

شربتَ النبيذَ ، وأطلقتَ الدعابةَ كما لم يطْلِقْها أحدٌ

واختنقتَ بين تلك الجدرانِ الضاغطةِ ،

وأنت ، نفسُك ، أدخلتَ تلك الضيفَةَ الرهيبَةَ

وبقِيتَ وحيداً معها .

أنت لم تَعُدْ ، ولا شيءَ يُسمَعُ ، في أيّ مكانٍ

عن حياتك النبيلةِ الأسيّةِ ،

صوتي ، وحده ، مثل نايٍ

يعلو  في جنازتك الصامتةِ .

آهٍ ...

مَن تُراه يصدِّقُ ، أني ، نصف المجنونة ، أنا المنتحبة على الأيام الخوالي ،

أنا المتأجِّجة على اللهبِ الخفيفِ ،

 أنا التي فقدتُ كلَّ شيءٍ ، ونسِيتُ كلَّ أحدٍ -

سوفَ أتذكّرُ الشخصَ

المـفْعَمَ قوّةً وإرادةً وتطلُّعاً لامعاً

الذي حدّثَني ، حتى أمسِ ، كما بدا لي ،

متكتِّماً على ارتجافةِ الألمِ المميتِ .

 

آذار 1940

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved