لا للتباكي وانما للعمل الواعي والخلّاق ...

2016-12-16
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/664d88d4-5953-4626-a418-cae3d85103d5.jpeg
   

لم يزل رد فعل العراقيين ساسةً وشعباً ، نخبةً وعامة ، في الداخل وفي الخارج على ما يحدث في وطنهم من نكبات  وكوارث وفي شعبهم من القتل والتمثيل أقل بكثير مما يمليه الوعي الأنساني السليم والحس الوطني الصادق والشعور النبيل بجسامة المسؤولية أزاء جسامة الأحداث . ماحدث ويحدث منذ  ستة وثلاثين سنة والى الآن في هذا البلد المسمى العراق لايوجد مثيل له في الفظاعة والبشاعة والأستهانة بالحياة الأنسانية والكرامة الأنسانية وفداحة الخسائر في الأرواح والممتلكات منذ بدء التاريخ الأنساني والى الآن اذا ما أخذنا بنظر الأعتبار ان مجموع هذه الخسائر والنكبات والكوارث قد حصل ويحصل في بلد واحد وليس مجموعة من البلدان ساهمتْ أو تورطتْ في حرب عالمية ، وخاصة اذا ما أدركنا أيضاً  ان العراق بلد صغير نسبياً في عدد النفوس وفي المساحة أيضاً ، وان مايقرب من ستة ملايين قتيل وشهيد من شعب لايتعدى عدد سكانه الثلاثين من الملايين نسبة  كبيرة جداً تذكرنا بالخمس الديني فالامَ وعلامَ وحتّامَ ولمَن  نخمّس ، وهل هناك خمس على عدد السكان ، وفي أي زمان ومكان حدث هذا ان شعباً من الشعوب لم يهدأ ولم يجف مسيل الدم المهدور بغزارة فيه بسبب الفتن و الحروب  منذ ست وثلاثين سنة  والى الآن ولاأحد منا يعلم متى النهاية وكيف ستكون ؟!!. في الأعوام الأخيرة ومنذ العام 2003  والى الآن خرج مسلسل القتل الى الساحات والشوارع وزاد عدد المقتولين أضعافاً مضاعفة عمّا كان يحدث في جبهات القتال والسجون السرية والمقابر الجماعية ، وكما لو ان الأنسان العراقي قد أُعد لقبول مثل هذه الخسارات نرى رد الفعل البائس والهيّن والقميء ، ردٌ لا يتجاوز النواح والبكاء وقراءة سورة الفاتحة عبوراً الى فاتحة اخرى ... تيار يمقراطي في عاصمة ما يتفجع واتحاد ديمقراطي في بلد ما ينعي ويتألم وسفارة عراقية في دولة ما تفتح أبوبها للعزاء وجالية في قطر ما تعقد مأتم فاتحة ومنتدى للثقافة يعلِّق على واجهته يافطة حزن ومواساة ومؤسسة ما تولم لراحة أرواح الشهداء ومجلس حكومة يعلن الحداد لثلاثة  أيام وحزب ما يتضامن وطنياً مع عوائل الشهداء ويقرفص في مقره !!!! 
 وذلك كله بعد خراب البصرة ، وبغداد  ، والموصل ، والرمادي ، وتكريت ،  وديالى  ، وبابل !!! اذا سلمنا جدلاً ان أختراقاً بهذا الحجم لايحدث الّا بوجود خيانات كبيرة بدأت من الأحزاب ولم تنته على مستوى الأجهزة الأمنية العراقية وحرس الحدود  والشرطة والمؤسسات الحكومية الحساسة بحيث تتمكن شاحنات محملة بالمتفجرات من أختراق العاصمة بغداد وتتبختر في المركز على مهلها ثمَّ تختار بكامل حرية موجهيها الزمانَ والمكانَ وطريقةَ التفجير ، أقول اذا سلمنا جدلاً بهذا ، ولابد ان نسلم حسب منطق حدوث وتفسير الأحداث ، فمَن الذي مهد لهذه الخيانات ومَن الذي جنَّد لها الجنود وهيأ للأرهابي السبل ؟!!! ثم اين دور مجلس الأمن العالمي وهيئة الأمم المتحدة ، وهل هذه الأخيرة مجرد حديدة عن الطنطل وهي التي نجحت أوائل التسعينيات بفرض حصار جائر على العراق كلف البلد حوالي المليون من الأطفال أو تحديداً تسعمائة الف طفل عراقي حسب اعتراف فروع هيئة هذه الأمم المتحدة التي جرَّتها البروفسورة مادلين أولبرايت آنذاك لأتخاذ مثل هذه القرار بعد ان بذلت  هذه السيدة جهوداً جبّارة لأتخاذ هذا القرار وتطبيقه لتختتم الأمر بمجزرة أطفال مليونية على مدى عقد من الزمان من 1992 الى 2002  وسط سكوت الأشقاء العرب بمن فيهم مَن كان معجباً بصدام حسين ، مبهوراً بقيادته ، ومدافعاً عنه !!!
وهانحن نرى ونسمع الآن ان بعض أصوات البريطانيين والأميركان نفسهم تطالب بمحاكمة توني بلير وجورج بوش وقوادهما ومَن شاركهما الأصرار على اتخاذ  قرار الحرب
ودفعهما الى توجيه جيوشهم للعراق واجتياحه ثم السماح لما حدث ويحدث بالحدوث ، بينما أحزابنا العلماني والديني منها تكتفي الآن بالتعزية وأعلان الحداد وأقامة مجلس الفاتحة ، انها نفس الأحزاب التي وقفت ضد كل وطني شهم شريف وكل صاحب ضمير انساني شجاع حذَّر من حجم الكارثة القادمة مع جنح ظلام جنود العدو والجيوش التي يوجه سلاحها الأعداء من داخل ساحة المعركة وخارجها ، فيما الجواسيس والأدلاء هم من فراخ ونتاج هذه الأحزاب نفسها ..، وللمثال  فقد ساهمت منظمة حزب علماني يدعي الوطنية في برلين وحدها بعشرين منهم كان ملتقاهم أحد النوادي الثقافية في المانيا يتلبس بلبوس الديمقراطية ويحمل في أسمه كلمة الرافدين ، وهكذا زحف أمثالهم من أميركا ومن بريطانيا ومن عواصم ومدن عديدة ومن بينهم أعضاء سابقين في حزب البعث العربي الأشتراكي نفسه !! بل ان قواداً حزبيين سابقين من مختلف الأحزاب ساهموا في أضعاف الشعور الوطني النبيل عند أفراد أحزابهم ليشاركوا في خدمة أجندات المخابرات الأجنبية في الدول حيث يقيمون لقاء مصالح شخصية تافهة وقميئة ولقاء ضمان استمرار مركزهم الأجتماعي في أحزابهم وجالياتهم علماً ان كل ما أستلموه وغنموه مهما ارتفع ثمنه لايعادل حياة شاب عراقي من الكرّادة أو من أي مدينة وقرية عراقية سواء كان شيعياً أم سنياً ،  مسلماً أم مسيحياً أم يزيدياً أم صابئياً ، عربياً أم كردياً أو تركمانياً..
ولكم حاولتُ شخصياً التركيز على عدم السماح بأهدار الدم العراقي من أي جهة كانت وكم حاولتُ توجيه أو مفاتحة الجهات والمنتديات الثقافية والأجتماعية العراقية بهذا الخصوص ، وكان جهدي يتعرض دائماً الى تخريب وكأنني اشتغل ضد مصلحة وطني وشعبي ، والى قبل عام من الزمن قمت بتأسيس حلقة من الأكاديميين العراقيين لأجل التوجه الى هيئات ثقافية وسياسية وأنسانية عالمية للمساهمة في وقف نزيف الأبرياء والمدنيين العراقيين ، وفي تجمع يضم الدكتور في الأقتصاد والطبيب والمهندس فشلتُ في تنفيذ فكرة كتابة رسالة جماعية للأمم المتحدة ومجلس الأمن العالمي تطلب منهما تحمل مسؤولياتهما بشكل نزيه و واعٍ ونبيل  أزاء ما يحصل من اهدار لدماء الأبرياء العراقيين ، أذ يتملص العراقي مع كل الأسف من تحمل مسؤوليته ويعتبر هذا التملص حكمةً وذكاء!!

كريم الاسدي

كاتب وشاعر عراقي يعيش في برلين

karim.asadi777@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved