جاءتني رسالة بالبريد الالكتروني من صديق له احترام وتقدير كبيرين، وأحد القراء الذين أثق بهم، كتب فيها حق لك يا كاتبنا العزيز ان تكتب فيما كنت قد أسمعتنا اياه عن الضفة الغربية والأضاحي، ليسمع هذا أكبر قدر من أمتنا العربية والاسلاميه ليشعروا بحجم المعاناة التي ذكرت، فاستشعرت اخلاصا بطلبه لا يجاريه اخلاص ولا أدري أكان اخلاصه وحبه للخير دفعه لذلك ام حبه للأقصى وفلسطين وأحسب انهما معا .
فالاضحية وهذه العشر الأُوَلْ لشهر ذي الحجه فيهما تتمثل الصدقة والبركة والاخلاص لله تعالى، ولست متخصصا بمثل هذا ولعل هناك من يتناول الجانب الشرعي لمثل هكذا قضية، والمعظم يدرك البعد الديني واثره، والمذاهب الفقهية وما ذهبت اليه من واجب ونحو ذلك، ولا أبالغ ان قلت ان بعض المجتمعات العربيه قد يكون فيها الشخص لا يملك سعة من الرزق ومع ذلك لا تفوته هذه الشعيره، بل في المغرب يصل الحال ان يستدين رب الأسره ليضحي .
هالني ما رأيت من واقع تواجدي بالضفة الغربية لمدد طالت عن سابقتها، وكيف ان واقع الحال في ظل تزاحم القضايا وعِظم المسؤوليات تجاه الارض والانسان والمقدسات أكبر، وقد لا يتسع لذكر القضايا الحياتيه والتي اعتاد الناس على عيشها بل وتعايش معها بنفسٍ رضيت بالحرمان، الا أنها لم ترضى بالذل، ولعلها تفكر ألف مرة قبل ان تمارس أي حركة أو نشاط يوصلها بذل مقصود أو غير ذلك، فهذا ما بقي لهم على الارض من عزة وكرامه، صامدون صابرون يذودون عن حمى المقدسات بنفس تتألم بصمت .
وما أشد الألم حين يكون أمام الأهل والأولاد فكأنه العجز، ولكن الآباء في الضفة الغربية صنعوا من الألم أمل، والأمهات تعاظم دورهن، فاصبحن مدبرات حين استبدلت معظمهن اللحوم بأنواع اخرى من الطعام، بل وصل الامر بغالبية الناس أن لا يشترون لحوم الأغنام الا مرة واحده بالشهر، وقد لا تكون، والأبقار قد تصل لمرتين وقد لا تكون، اذا ما علمنا ان كيلو اللحمة هناك يزيد عن ثلاثة أضعاف كيلو اللحمة في الخليج وضعف أي دوله عربيه بالمجمل، بل براتب الموظف العادي لا تستطيع الاسرة شراء خروف فضلا عن القيام بحاجياتها الضرورية .
فكيف بالله عليكم استطاعوا أن يصبروا، وأحسب انهم لم يصرخوا ولم يقدموا معاناتهم على القضايا العظام فهي تترا، وأعظم من أن يتحدثوا عن مثل هذا .
ومن باب الانصاف ان نقوم بدورنا نحن المسلمون خارج الوطن المحتل وخارج الارض المقدسة وفي كل بلادنا العربية والاسلاميه فلهم حق علينا وواجب بل حقوق وواجبات، إن سقط بعضها سهوا، لا يسقط غيرها بعلمنا عفوا، لذا أتمنى من كل رجل قادر على الكسب ان يقوم بواجبه ويقدم الاضحية لبيت المقدس واكناف بيت المقدس جنبا الى جنب لما يفعله في وطنه وبلده ولأسرته، حتى لو ارتفع الثمن، ولو تجاوز الثلاثة أضعاف لنجعل كل بيوت وأسر فلسطين تضحي، وتشهد أضحيتها وُنشْهِدْ الله علينا اننا لم نقصر حين علمنا، وقد عرفنا فلزمنا .
لذا إن من يملك القرار لا يعرف ومن يعرف لا يملك القرار . وددت أن يعرف كل من في الأرض أن هناك شعب يستحق الحياة .
مهلاً تستطيع الآن شرب القهوة
Dr.mansour_sal@yahoo.com