ليلةٌ شتويةٌ كانت، حيث الثلج ينمو في الخارج.. أما في الداخل فكانت النعومةُ والألقُ مع دفء المشاعر.
كانَّ الحضور متنوعاً وجميلاً..أركان السفارة العراقية وضيفها سفير دولة الكويت .. الأصدقاء السويديون منهم مَنْ زار العراق ومنهم مَنْ تعمق في دراسة حضارته ومنهم مَنْ سمع عنه .. الجالية العراقية بمختلف أطيافها، الجميع جاء حباً بالعراق و تحقيقاً للشعار الذي رفعه المركز الثقافي العراقي " بغداد ثقافة .. ضد العنف"، وذلك مساء السبت السابع من كانون الأول 2013
بعد أن إستمع الحضور لكلمة السفير العراقي والتي أكد فيها على التنوع والتعددية وهموم المدن العراقية وأحزانها والعنف ومواجعه بالمقابل هناك إنتظار ليقظة بعيدة عن هذه الريح الهوجاء.. ريح العنف ونحن بإنتظار اليقظة الدائمة.
جاء بعده دور مدير المركز وهو دائم التنفس هواءاً عراقياً خالصاً، علينا أن نتصافح ونقتسم الخبزوكأني به ينظر إلى مدن العراق فلاجامع يُخرَب ولا كنيسة تُحرق ولا معبد يُهدم فالقلوب جميعاً تشتد مثل قبضة لتصفع كل ما يؤذي العراق.
السيمنار الثقافي بأركانه الاربعة: ماتس إيكمان، دـ مؤيد عبد الستار، إنكرد هوفمان، دـ نوال الطائي، طرح كل منهم وجهة نظره حول العنف، إتفق الجميع على نبذ العنف والدعوة للسلام، كان كل من "نيلسون مانديلا والمهاتما غاندي" حاضريين بروحيهما المصممة ودعو الجميع على تعلم الحِكم الجديدة من ٍسفر حياتهما.
أما قائمة الدكتورة نوال الطائي والتي شملت أسماء جليلة ومن مختلف الأديان والملل من أعلام العراق أكدت خصوبة العراق وعطاءه وحيوية شعبه الذي أنجب أولئك الأفذاذ.
وفي المؤتمر الصحفي: تكلم الصحفي أوربان حميد السويدي من أب عراقي عن تجربته في العراق خلال الغزو الأمريكي ، تكلم عن الجثث الحارة والصور المذهلة وسط شوارع ومدن العراق.
وفي فقرة تكريم مبدع عراقي والتي أصبحت تقليداً ـ كما يبدوـ دأب عليه المركز الثقافي العراقي في ستوكهولم، كُرِم الباحث "سرمد جاسم سيف الدين ولائي"عن بحثه المتقدم في السرطان والذي يواصل العمل فيه والذي من خلاله يؤكد الكشف عن السرطان في مراحله المبكرة مما يخفف من عذابات الكثيرين،فكان الحدث بهاءاً في عيون والديه وسعادة في نفوس الحضور.
أما عن الفنانَّين وهما من القلائل الذين عبروا سور الوطن من خلال أعمالهم التشكيلية، فإنَّ كل من النحات سلمان راضي والرسام شاكر بدر عطية المندفعان في أعمالهما صوب الأنسان الذي يطلب الحياة الحقة وسط أنوار الحرية، فلكل قطعة نحتية حكاية ولكل لوحة حكاية ، يتابعان عملهما ويبعثان برسائلهما إلى الوطن الحلم وإنسانه المبتهج المعافى.
الشاعر جاسم سيف الدين ولائي والذي أعلن حبه المتكررلمدينة بغداد، بغداد الكئيبه أمام روعة العالم والتي تجبر الدمع على الإنهمار ماكان لها أن تنطفئ قناديلها وتلفها الظلمة لولا هذا العنف إلا إنها تحمل روحاً وتصميماً لا يقهران وشواهد التاريخ أثبتت ذلك.
والشاعرة "اّنا مالين هربكن" البعيدة عن العنف والقسوة وعلى مقعد في شرفة يطل عليها قمرٌ عاشقٌ دونت بوضوح رسالتيها عن السلام، فقد قدمت قصيدتين عن السلام، بدأت قصيدتها الأولى بـ"الكثيرُ من الناس يقول: ـ نريد السلام على الأرض،..." وأنهتها بـ"...نعم نريد السلام، لكن، مَنْ سيعطينا إياه"
أما القصيدة الثانية فقد بدأت"الجميع يتحدث عن السلام..." وأنهتها بـ"...لكن، هل نفهمه؟"
"الثلج" قصيدة الشاعرة "أنغريد هوفمان" قام بترجمتها الشاعر"نجم خطاوي"،والتي دعت من خلالها هواء الصباح النقي لكنه جلب معه ضيفاً آخر، هذا الضيف العبقري علمها حكمة جديدة واحالها إلى طفلة.. إنه بعيداً عن الوطن ..هناك محيطاً "باب توما" ومنهمراً على" قاسيون" حيث الألم والأغنيات الحزينة في الوقت الحاضر.
وبإدارة وتصميم الفنانة "نيان مصطفى قادر" أدخلتنا إلى حديقة هادئة بألوان الطيف العراقي ..صبايا مزنرات بأحزمة براقة ..شباب واثقون بخطواتهم.. أزياء لفتت إنتباه الجميع.. الحركات ناعمة ومطمئنة نُفِذت من قبل صبايا وشباب بمنأى عن كل ما يوجع القلب.
بعدها تقاطر الضيوف فالبوفيه المفتوح لأنواع المأكولات العراقية الراقية والابتسامات الناعمة للعاملين زادت من لذة الأكل وطيب مذاقه.
وفي هذا الجو من الطمأنينة والراحة ومع صوت الموسيقى الهادئة عبرفضاء المكان والتي يحاول أن يشاكسها البعض برفع أصواتهم تارة او فوحان ضحكاتهم تارة أخرى، ولإضفاء مزيداً من البهجة وتقديراً لجهود المشاركين فقد حصلوا على شهادات تقديرية وجوائز ثمينة ممنين النفوس بالمزيد خدمة للعراق ورفع أسمه المجيد عالياً.
وأخيراً لابد من إلتفاتة، فقد كان للفنانة الشاملة "انعام عبد المجيد" حضوراً ملفتاً ومن خلال برنامجها " بلا قيود" سجلت الكثير من اللقطات العفوية إن صح التعبيررصدت بها ساعات الإحتفال والذي نأمل أن تدور عجلة اللقاءات المثمرة وتتوقف عجلة العنف عن الدوران وإلى الابد.
ستوكهولم
8 ـ12 ـ2013
