هي عودة "كعودة النهر إلى مجراه بعد فيضانه".
ومع الجد الذي لم أخافه يوماً، بل أعامله بإحترام مقدس تبدا الحكاية:
مبارك هو الجد الثالث المولود عام 1843 في سلطنة زنجبار، والمنتسب إلى السود المخلوطين بالعرب واللذين يُطلَق عليهم (الشوتارة) لتميزهم عن السود المنحدرين من القارة الأم واللذين سمّوا أنفسهم (الشيرازي)، وزنجبار كلمة عربية محرفة أصلها "بر الزنج" وهو أسم أطلقه العمانيون على جزيرة تقع في المحيط الهندي وتبعد عن البر الافريقي مسافة 25 ميلاً، كانت تسمى في القرن المسيحي الاول (منشوني) .
واليوم هو أسم يطلق على مجموعة جزر واقعة بالمحيط الهندي تابعة لتنزانيا ـ بعد نحت كلمتي (تنجانيقا ) و(زنجبار ) ـ شرق أفريقيا يبلغ عددها 52 جزيرة والبعض منها مأهولة بالسكان، مساحتها 1600كم2 وعدد سكانها يزيد على المليون نسمة يشكل المسلمون الغالبية العظمى من السكان لغتها الرسمية السواحلية ـ والتي يصفها البعض من علماء اللغة بأجمل لغات الدنيا ـ وهي خليط من العربية والفارسية والهندية والإنكليزية والبرتغالية
هاجر إليها الأفارقة في القرن الرابع الميلادي ، وفي القرن السابع حط على شواطئها التجار المسلمون من عرب وفرس ، إستقلت كسلطنة حتى القرن الخامس عشر حيث إكتشفها الرحالة (فاسكوديجاما) لتصبح مستعمرة برتغالية لفترة قرنين من الزمن وبعد ضعفهم بدأ العرب العمانيون واللذين يسكنون مسقط من السيطرة على الجزيرة ومن ذلك الحين تناوب على حكم السلطنة عشرات من السلاطين من (البوسعيد)،وهنا لابد من الإشارة إنّ بروز أهل عمان في ركوب البحر وتفوقهم في الملاحة أهَّلَهم إلى بسط سلطانهم على الساحل الافريقي الشرقي والتوغل داخل القارة السوداء والتحكّم بالطرق التجارية آنذاك،ولعل السيد سعيد بن سلطان بن الأمام* أحمد البوسعيدي سلطان عمان وزنجبار1804ـ1856 كان القائد الأكثر نجاحاً في هذا المضمارفقد ترك آثاراً لإنجازاته في تاريخ عمان والخليج العربي وشرق أفريقيا، فهو الذي أدخل زراعة القرنفل إلى البلاد بدأً حول قصره (الموتني)ـ والتي جلب أشجارها من جزر موريتيوس ـ ثم أكره الناس وأرغمهم على زراعتها وأمام رفض الأهالي بادئ الأمر حقق ثورة زراعية عادت عليهم بثروة عميمة . إذن خلال حكم السيد سعيد والذي دام خمسين عاماً تمتعت البلاد بهدوء سياسي ورخاء تجاري وأمتدت سلطته إلى جميع الجزر الأفريقية الشرقية وكان نفوذه في القارة يمتد شمالاً وجنوباً وغرباً إلى أواسط القارة حتى قيل إنه إذا ضرب السيد سعيد طبله في زنجبار رقصت عليه كل غابات أفريقيا، لكن بعد وفاته ولعوامل داخلية وخارجية بدأت أركان دولته بالتأكل والإنحلال ولعل الحدث الأهم هو إنفصال زنجبار عن مسقط وفي حلول عام 1870 تمكنت بريطانيا من التدخل في شؤون البلاد وبشكل سافرمما حفز الدول الاخرى للتدخل كذلك، وبالرغم من ذلك فقد بقي الحكم محصوراً في سلالة (البوسعيدي) حتى عام 1963 ،وعلى أثر إنسحاب بريطانيا في كانون الأول 1963 وإعلان زنجبار دولة مستقلة إنفجر الغضب والذي بدأ بحركات عنصرية بدأها السواحليون والزنوج ضد العنصر العربي بإعتباره دخيلاً على البلاد،هرب السلطان جمشيد بن عبدالله مع حاشيته ووضع الزنج السيف برقاب العرب وسبيت النساء وأغتصبن وبيعن في سوق النخاسة بأبخس الأثمان . والملفت للنظر إنّ بعض البلدان العربيية وبعد 24 ساعة من المجزرة ،إعترفوا بالحكم الجديد في زنجبار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ـ مؤسس الدولة الأباضية في عُمان والتي تعاقب الحكم فيها إلى العصر الحديث أئمة أباضيون، والاباضية إحدى فرق الخوارج وتُنسب إلى مؤسسها عبدالله بن أباض التميمي ويرجع نسبه إلى أباض وهي قرية العارض باليمامة ، من آرائهم الوصية بالإمامة باطلة ويجوز تعدد الأئمة في أكثر من مكان( الموسوعة الحرة).
المصادر:ـ
مذكرات أميرة عربية / ترجمة عبد المجيد حسيب القيسي 1993 .
حكايات من زمن البرتغاليين/ د محمد حميد سلمان 2006
اللوحة للفنان التشكيلي شاكر بدر عطية.
