سنوات وهو يعيد تجربته الفريدة .. يزيد المواد مرة وينقصها مرة أخرى.. يرفع درجة الحرارة ويخفضها تارة أخرى، لكنه لم يصل إلى النتيجة المرجوة، وفي مسعى منه وبتأثير من أفكارٍ وجدها في أوراقٍ مهملة!، عاود الكرّة كي ينجز ما عجز عن إنجازه الآخرون.

إختلى هذه المرة في بستانه البعيد نسبياً عن القرية ..

 أسلم نفسه لحلمه مكتفياً بخبز الشعير والماء لإسبوعٍ كامل يبدأ بيوم الأربعاء وينتهي به.. يشعل البخور ويتلو من الأوراق المهملة، والنتيجة دخل عليه أحدهم وشق خاصرته بخنجره وتركه يسبح بدمه، ساعده الحظ فنجى من هلاك محقق ! .

بعدها آثر أنْ لا يغادر منزله لكن رغبته تضاعفت في إعادة ما أقدم عليه سابقاً فطفق يفكر في المكان المناسب البعيد عن أعين الآخرين، فبالرغم من شيخوخته والتي تنبأ برحلته الأخيرة كان لا يؤمن بالنوم سوى إنه بضع ساعات من الرقاد ويعاود الكرة فكانت طريقة حياةٍ مرهقة، نعم لقد كان يؤذي نفسه في سبيل الوصول !! وأخيراً إهتدى إلى المخزن الصغير فوق غرفة المعيشة والذي لا يمكن الصعود إليه إلا عبر الدرج الخارجي والذي يقع عبر الممر الفاصل بين بيته وبيت الجيران ..

عمل مصنعه وتحت وطأة الفزع إكتملت الصورة أخيراً وحل الملاك المنتظر.. هاهو أمامه، وأمام خوفه الفطري رفع نظره .. كان مبهوراً بالمنظر.. إمتدت اليدان نحوه .. أطبقتا على رقبته.. أغمض عينيه منتظراً طلوع النهار!!!.