الشمس توشّح بخيوط ردائها الساحة واليوم صيفي جميل.
البهجة تجتاح القلوب الرقيقة والأصوات لا تنقطع .
نساء جميلات رشيقات وأولاد طيبون، غصت بهم ساحة المدينة ـ وهذا ديدنهم ـ كلما جادت عليهم السماء بيوم مشمس وجميل بعيداً عن الثلج والمطر.
في زاوية من الساحة حملت مساند فناني جمعية التشكيللين العراقيين في السويد لوحاتهم وقد صُفَت مثل النخل الرشيق على ضفاف أنهار بلادي يداعب تيجانه نسيم المساء وتسامر سيقانه أعشاب البساتين.
وحين يستفسر المرء عن سبب هذا التجمع الفني، يأتي الجواب من أكثر من فنان مشارك، فالعوامل عدة لا حصر لها، ظرف شعب يتعذب في كل وقت، غرباء يبتلعون الإهانات ويعفون عن الأحقاد عابرون الإحتقار والمنفى.
وكالزيت في مصابيح الوطن أخرج ـ هذه المرة ـ الفنانون لوحاتهم من القاعات إلى الفضاء.
وفي غمرة هذا الحشد الجميل أنقل للقارئ العزيز ملاحظاتي السريعة:
الفنان (عباس الدليمي)، يرسم بالأزرق أحزانه وهو المتخم بالحرائق التي تتعارك، منتظراً فجراً جديداً كي يستيقظ مرة أخرى.
الفنان ( رائد حامد)، ما زال يعشق المدينة وصخبها، يمد جسوراً بين جزر يربطها الحنين.
الفنان (حسين الموسوي)، يطلب من رفيقة عشه إعداد خلطة بلون الأمل.
الفنان ( حسين القاضي)، العيون التي تومض لنساء ترتجف كأشجار بلادي، تدفعنا إلى حسن التنصت والإصغاء، عتمته ضياء ونعومة خطوطه تطرز جبهة اللوحة.
الفنان (محمود غلام)،يصغي لطفل كي يتعلم منه حكمة جديدة.
الفنان (شاكر بدر عطية)، القادم من كوكب يدور حزيناً ، يدعو الحمام إلى سطح لوحته .. خوفاً من الريح التي تكسر كل شيء.
الفنانة (سمية ماضي)، وبلغة الحنان العراقي ووجهها صوب الوطن ومع حزمة أقلامها تعتني بسيقان أزهارها الجميلة وهي تتقاسم الجميع فرح الأيام القادمة.
الفنانة (سليمة السليم)، تتحرك وعيناها مشبعتان بألوان أعمالها وأحجام تماثيلها، نحتاج دوماً لتهجئة بعض ما تجود به أفكارها من أشكال ووجوه، لكنها ستمضي قدماً من دون أن تدير رأسها إلا لمن يصلها صوته أو يمد يده بحركة إتجاه مصنوعاتها.
الفنان (عماد زبير)، هاهو يغسل الحروف على منضدته ..يعطرها بألوان الزهور .. نستمتع بما نرى في واحة صبره.
الفنان ( لؤي كاظم)، النقاش الذي دار بينك وبين رجل غريب الأطوار وزمنه الأفريقي الماضي وأنت العارض مجموعتك بصورة وطن، أخشابك هذه شكّلتها بهيئات مرتاح لها وسعيد بها.
أمضِ هادئاً بذاكرتك الامينة وذكرياتك الكثيفة.
وتحت شمس الظهيرة إنفضّ الشمل بعد أن جمّع الفنانون وبحركات ناعمة ومطمئنة أدواتهم وتركوالساحة ولسان الحال يقول:
إنّ الضوء يهزم العتمة ولينعم العالم بالحب والسلام.
محمود بدر عطية
2013