الفنان ستار الساعدي القادم من بلاد الحضارات، من بلاد وادي الرافدين التي اعطت للعالم، العلوم والثقافة والفنون والادب ... من ذلك الادب السومري المليء بالشعر والايقاعات والاوزان، سومر ذات الفكر التأملي بطبيعة الانسان ومشاكله ومصيره ... الانسان الباحث على اهمية الظواهر الطبيعية التي تحيط به ... من تلك الكينونة الخاصة في الاساطير الى الرموز الى الارواح التي تتجلى في عقلية الانسان العراقي القديم .. من عمق تلك الذاكرة ينفض غبار الزمن، ويسلط الضوء في آليات عمل فنيه، تضم الايقاع والناي ليخلط لنا فنا موسيقياً، هو نتاج العمليات النفسية اللاشعوريه، ويقدم لنا اعمالاً فنية، تحلق بين الحلم والاسطورة والواقع .. موسيقى الزمان والمكان، يعكس فيها الرغبات المكبوته للانسان العراقي بما فيها من ماساة ودراما وفزع .. ان فن الساعدي الذي يشتغل على تلك الآلات المتنوعة لم يتوقف عند حدود جغرافية معينة انما اوجد له خصوصية فنية مختلفة عن الاخر... فهو يكتب الاحداث نصوصا شعرية ويترجمها مقطوعات موسيقية.. وفي رمزيته نجده يؤلف موسيقى لصور محدده عن معاني العمل الفني ومحتوياته كمختص في جميع النواحي الاخلاقية والاجتماعية والعاطفية والفكرية، وهو بدوره هنا يبرز قيم لايمكن ان نسمعها او نحسها او نتلمسها في الحياة الواقعية لحياة البشر لذلك يقدم لنا رمزيته التي تعتبر شيئا صعباً، مفعمة بالايحاءآت المتشابهة للمعنى اليومي في الحياة، وبالتالي تشكل هذه الرمزية عنصرا مهما واساسيا في بناء الايقاعات والموسيقى عبر الآلات الموسيقية التي يعزف عليها ... الايقاع هو حالة من الخلق والانسجام بين جميع العناصر.. انسجام في ضربات منتظمة ... الايقاع هو التناغم والتوافق .. اي انه الهارمون في الحركة والصوت..
أن طقوس الفنان ستار الساعدي تمتد مع طقوس الحزن السومري حينما ينشد للروح تراتيل فيها من اللوعة والاحزان بعزفه المنفرد على آلة الناي التي يصلي بها على ارواح الشهداء العراقيين الذين يُقتلون بالجملة في هذه الايام وهو محلقا مع سر الوجود ..
انه يحلق في ازمنته وامكنته الكونية الخاصة عبر اجنحة الاساطير والتراث والواقع اليومي ...في الحان وموسيقى لاتتشابه وغير مكررة ... الحان فيها من المضمون الذي يعطي وظيفة فنية في تفعيل وتحفيز الذائقة الفنية للمشاهد وللمستمع اثناء العزف ...كما في معزوفاته الرائعة السفينة الغرقى ,, الاهوار الباكية ,, المقابر الجماعية ,, حلبجة ,, وكامل شياع.....
وكما هو معروف، ان ملكة الفنان الابداعية تقاس بثقافته الموسيقية.. وحينما يعرف ماذا يفعل؟؟ وكيف يدخل المستمع الى مملكته؟؟ وكيف يوزع اختياراته الفنية بذوق خاص على اذان المستمعين.. وليولف جديدا عبر الجو الخاص والانتقال باجواء التاريخ السومري والبابلي .. فينتج لنا من حركة فاعلة في الاداء تعتمد الايقاعات والحركة والرقص والسكون، عبر دلالات ما تختزنه ذاكرته الفنية وعلاقاته بالايقاع الكوني وهي تلتحم مع مفردات الحياة اليومية التي يضيف عليها حسرات آلام واهات الحبيبة ولوعة العاشق الى اخره ... ومن جانب اخر تكشف لنا مواهب الساعدي ايضا التعبيرية التي تشكل محاولات لاكتشاف التقنيات في ادائه وطريقة التعبير عما يقدم ليشكل للمستمع حقيقية غير ظاهرة، انما هي باطنة، كما ويحاول ان يخرج بوسائل تخيلية عبر مفاهيم فنية جديدة وبذلك نراه يتيح لاعماله اقصى طاقة من الحرية باستخدام اساليب فنية جديدة بالاضافة الى الاجواء المختلفة التي يعمل عليها .. في تعبيريته يحاول تقديم الازمات التي تمر في المجتمع العراقي لكل حدث لكل شاردة او واردة من ازمات اجتماعية وسياسية ونفسية منذ زمن الدكتاتور المقبور وجرائمه البشعة وبعد سقوط الصنم ولغاية اليوم وما حدث من تطورات في الساحة العراقية يجسد الاحداث عبر آلاته الموسيقية .
أن طريقة عمل الفنان الساعدي مع التنوع الموسيقي في الايقاعات والناي توحي لنا بالرشاقة والرزانة والجدية فتجعل من اصوات الحضور الذي يعيش لحظات كونية جميلة تنساب مع موسيقاه بشجن وانين مختلط وبصمت للحظات خارج حدود الزمن . فهو يعرف كيف يحرك ويثير العواطف ومن ثم نحصل على ردود افعال سريعة عاطفيه نبيلة ... ورغم جمال الناي والايقاع والاحساس والانامل والروح التي يمتلكها حينما يحلق معهم نراهم يتالقون كطيرا يحلق بالفضاء البعيد وياخذ اسماع الحضور من اجل تنفس الحياة ايضا ببعيد ..الاّ انه في نفس الوقت يصب علينا الماً، يختلط بالالام والماساة التي نعيشها اليوم حتى يتحول مرة اخرى هذا الالم الى حالة من السعادة ...
في حوار متنوع مع الفنان ستار الساعدي بين الموسيقى والمسرح وثقافة الفنان نحلق بفضاءات هذه الفنون ...
ومن اجل ان يطلع القاريء العربي على انجازات هذا المبدع في عالم الموسيقى والايقاعات العراقية التي تمتد منذ عهد الحضارة السومرية ليومنا هذا نبدء حوارنا معه :
نعمة السوداني : الدراما الموسيقية التي تنتج عبر ايقاعات وموسيقى وناي الفنان الساعدي تاخذ مواضيعها من عمق التاريخ ومن الاساطير ومن التراث بالاضافة الى معطيات الواقع الجديد, وقد نالت هذه الاعمال نجاحا واضحا في الدول الاوربية التي تهتم بالفنون وهي خطوة متقدمة في سمات الفن العراقي الاصيل والنقي والانساني .... كيف تعامل الساعدي مع العودة الى التاريخ ؟؟ وكيف اسقط موسيقاه وايقاعاته على الواقع الحالي ؟؟؟
ستار الساعدي : تطوى مخيلة الانسان على مايرى ومايسمع ومايقرأ من احداث, و الانسان بطبيعيته متشوق ومتلهف الى معرفة اصل الاشياء وتاريخها, وعندما اطلع على جذوري كانسان عراقي اراها ممتدة الى ابعد من سبعة الاف سنة واكثر، حيث اوروك ولكش وحمورابي وكًلكًامش وانكديو واريدو وعشتار الخ... , هذا يدفعني الى ان امد جسورا بين حاضرنا, وحياتنا الحالية ومع كل ما أرى واقرأ عن تاريخنا, مما يحفز ذاكرتي الانفعالية كما يقال في المسرح الى ان تتطور وتنتج ايقاعات واوزان لم يسبق عزفها من قبل, بالاضافة الى ان الموسيقى العراقية وبالذات التراثية الريفية والمقامية هي غنية جدا بحيث لابد لك من ان تغرف من هذا الموروث الرائع وان تاتي من خلال مواده وخاماته بافكار وايقاعات غير مألوفة وانغام جديدة.
نعمة السوداني : تلعب الموسيقى دور مهم في اضافة ذائقة جمالية للمستمع ومن ثم تقوم على توريطه عبر حالات معينه اثناء السماع وتثير في دواخله الالم والاوجاع حينما يعبر عنها خلال احاسيسه في تلك المقطوعة الموسيقية كما في آلة الناي او ذلك الايقاع الذي ياتي من عمق التاريخ وكذلك تؤثر الموسيقى والايقاعات في تحقيق تداخل بين الالة والايقاع وما يخرج من الحان ... ماهو السر الذي يخبئه الفنان الساعدي في هذا التاثير السحري الواضح على المستمعين ...؟
ستار الساعدي : التمكن من ادواتك كعازف ... يجعل لديك القدرة على التاثير بالاخر كالمستمع او المشاهد ... ولكن في رايي هذا لا يكفي فلابد لك من امتلاك روح الفن لا الفن، اي انك تمتلك الاحساس بالاشياء دون مسها، او حتى دون رؤيتها بعينيك المجردة, فمثلا انا لم اعش بنفسي مشاهد حلبجة والمقابر الجماعية او ماساة الحسين عليه السلام، او صلب المسيح عليه السلام، او تجفيف الاهوار، او ضحايا الانتفاضة الشعبانية، ولم اعش احداث كتابة الامبراطور جونس , ولكن كل هذه المآسي، والعذابات قد تركت اثارا في نفسي وعقلي الباطن, مما جعل لي القدرة ان اصور من خلال اناملي الاف المشاهد واللوحات والتصورات التي لاتنتهي عند حد... اضرب لك مثل صغير على بعض من قطعي الايقاعية : كيف هو وقع الخيول والسبايا وكيف كانت طبول الحرب تقرع .. وكيف السفن الغرقى تلفظ انفاسها الاخيرة على شواطئ المحيط بلاجئيها العراقيين الذين هربوا من الجحيم لتتلقفهم طحالب واعشاب لاتسطيع حمل ورقة من الشجر,.... هذه القدرة التعبيرية من خلال الايقاع هى تجعلك تستقطب مخيلة المستمع وتشد المتلقي والمشاهد اليك . وبالرغم من كل النجاحات والاعمال في مختلف دول العالم الاّ انني دوما اقول لنفسي لعلني اخفقت في ماقدمت لان مايبقى في نفسي اعمق بكثير مما سمع الاخر.
وهذا في رايي هو سر الابداع المكنون الحقيقى لدى الانسان بشكل عام والفنان بشكل خاص لانه متى ما اقتنع بانه كامل هي بداية النهاية.
نعمة السوداني : ستار الساعدي ارتبط اسمك بالمسرح حينما درست في اكاديمية الفنون الجميلة قسم المسرح في بغداد وقد اطلعت ايضا على تاريخ الحضارات كما تعرفت على جلجامش واور ودرست المسرح الشرقي اليوناني والروماني ... ماهي الحكاية التي جعلتك تنتقل الى فن الموسيقى والايقاعات -- التي هي ايضا تمثل عنصرا عضويا يعطي للعرض المسرحي ايقاعه بالاضافة الى الوظيفة الجمالية -- التي تلعبها ...موسيقاك وايقاعاتك تلعب هذا الدور في تشكيل المعنى والصورة واللحن هل لك ان توضح لنا وانت عملت اعمالاً موسيقية للمسرح وللسينما ؟؟؟
ستار الساعدي : كما تعرف بانني خرجت من معطف المسرح, قرات للكثير من عباقرة المسرح والفلسفة والادب العالمي والفنون المختلفة والشعر العالمي والعربي والمحلي الى اخره من ثقافات متعددة ومختلفه و سأذكر مما تجود بهم ذاكرتي اسخيلوس وسوفوكلس ويوربيدس وستانسلافسكي وبريشت وشكسيبر ورامبو وطاغور ومولير ودستيوفيسكي وتولستوي وماركيز وتورغنيف وغوركي وغوغول ومارغريت ميتشل وبيرل باك ونجيب محفوظ وعبدالرحمن منيف وغائب طعمة فرمان ومحي الدين زنكنة وجبرا ابراهيم جبرا, ابو القاسم الشابي وبودلير وجان بول سارتر وبرسل وروجيه غارودي والجواهري ونزار قباني ومظفر النواب وكاظم اسماعيل كاطع وعريان السيد خلف ومجنون ليلى والمتنبي والبحتري وابو العلاء المعري وفكتور هيجو وصالح الطيب وجبران خليل جبران الخ....
اردت ان اقول عن هذا الكم والنوع الذي قراته لانني عشت وتعلمت وتربيت في عائلة تحب الثقافة والقراءة والاطلاع ...فكان والدي الخباز مهووس بالقراءة والاطلاع على كل ماتقع عينيه على كتب الادب والفن والسياسة والتأريخ والأجتماع والأقتصاد الخ,, والذي غرس فيّ تربية ثقافية وفنية وادبية خاصة وقد تاثرت فيه كثيرا . وهو صاحب الفضل الكبير عليّ, بالاضافة الى تاثيرات اخرى من العائلة فأخي الكبير الممثل مهدي جبار الذي كان ايضا يدعمني في التوجه لكشف مواهبي الفنية وتطويرها واخي الاخر محمد جبار كان شاعرا ايضا ... كلهم ورثوا هذه الخصال الرائعة من والدي مما جعل تأثيرهم الشديد علي بمحبتي الى الادب والشعر والفن بشكل عام ...
بالاضافة الى دراستي وحصولي على البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية.... كل هذه القراءات وتجربة الدراسة العميقة وبالرغم من الظروف القاهرة للحروب والحصارات المفجعة الا انني في مجال المسرح تربيت وتتلمذت على ايادي اساتذة كبار الذين اكن لهم كل الفضل والعرفان, كالأستاذ بهنام ميخائيل والفنان الراحل جعفر السعدي والفنانة فوزية الشندي والفنان سامي عبد الحميد والفنان بدري حسون فريد والفنان ميمون الخالدي والفنان رياض شهيد والدكتور شفيق المهدي والدكتورعقيل مهدي والدكتور مؤيد وهبي والست امتثال الطائي والاستاذ ثامر مهدي والدكتور فاضل خليل والاستاذ مهند طابور والأستاذ اسعد عبد الرزاق والدكتور مرسل الزيدي, والدكتور وليد شامل ,, والاستاذ فيصل الذي كان يدرس اللغة الانكليزية ( الادب الانكليزي ) .... كلهم كانوا ليسوا مجرد اساتذة ولكنهم كانوا لنا بمثابة الآباء , كانوا فنانين حقيقين غير مزيفين , كل هذه التجارب التي مررت بها معهم قد تركت التاثير الكبير علي في مسألة الايقاعات احساسا وعزفا ربما دون ان يشعروا بذلك وبالرغم من انهم غير موسيقين .
ولكنني مدين لهم ما حييت على كل ما تعلمته منهم , هذه التجربة جعلتني ارى الاعمال التي عملت بها بنظرة اخرى، نظرة تعبيرية ثاقبة, وهي كيف ترسم بلونين اثنين هما الاسود والابيض ايقاعي ( الدم والتك ) الوان واقواس قزح لاتنتهي عند حد.
كل هذا جعلني احصل على جائزة افضل موسيقي في مهرجان -- حصان طروادة -- الذي اقيم في مدينة لاهاي في هولندا والجائزة الاولى في مهرجان-- فلم الجبال العالمي --( والذي صورت احداثه على ارتفاع 8200 متر عن سطح البحر ) الذي اقيم في دولة النيبال حيث اشترك في المهرجان اكثر من ثلاثين دولة. وانا اشتركت عن فلم-- نيما تمبا شربا -- حيث يبدء الفيلم بقطعة ايقاعية اسميتها صعود بالاضافة الى مشاركتي في عزف الموسيقى التصويرية للمؤلف الموسيقي الهولندي يان كريمرز والفلم كان من اخراج الهولندية مارغريت يانسن حيث عرض الفلم في اكثر الدول الاوربية بالاضافة الى قناة الجيكرافك جنال وفي هذا الفيلم استخدمت لاول مرة ايقاعات -- الخشبة -- . والجائزة الفضية عن فلم كلكامش 21 للمخرج المبدع طارق هاشم. وفلم ماتبقى من الخراب للمخرج اوروك علي, ومسرحيات عدة كحب في اوروك للشاعر صلاح حسن والمخرج شكري المغربي , وايضا شاركت في الموسيقى التصويرية كعازف ايقاع عن فيلم -- صلاه -- للمخرجة مارغريت يانسن . وقد عملت ايضا في مجال التلفزيون الهولندي لقناة - في بي ار او - --و قناة هولندا واحد -- حلقة خاصة عن الايقاعات العراقية والفلكلور العراقي
و في المسرح عملت مسرحية قصة الامام الحسين للمخرج المكسيكي-- فليبا كيرفيرا -- حيث قدمت على مسرح جامعة -- كنت -- البريطانية وباللغة الانكليزية, ومسرحيتين للأطفال باللغة الهولندية سلام سلام ومسرحية مدام بابا والحلم المصري مع الفنانة -- انيا كريك -- واعمال مسرحية وافلام ومهرجانات كثيرة لاأستطيع حصرها في هذا اللقاء.
نعمة السوداني : الايقاع الداخلي يشحن الفنان الموسيقي المحترف والذي يعزف على الالات المختلفه ويترجم نصوص كتبت في ذاكرته منطلقا من مشاعره اوربما من نصوص كتبت على ورقة ومن ثم تخرج هذه المدونات على شكل الحان وصور وموسيقى شاعرية تؤدي بتغيير خاص في الايقاع الخارجي للفنان كما هو في الاداء المسرحي مما يؤثر على المستمع-- المتفرج وتثير فيه احزانه وخوالجه من خلال قراءات متعددة بالتعبير في الوجه والعين او الحركة او النطق بالاطراء .....كيف يؤثر الساعدي على الحضور ؟؟؟؟
ستار الساعدي : عندما تكون قد قرات النص او الفكرة المراد عزفها بكل ابعادها التاريخية والنفسية والاجتماعية وقد فهمتها وشعرت بما يريد ان يصل اليه الكاتب اوالملحن فانك تستطيع ان تكون قد حاولت ان تصل الى حد ما الى المتفرج او المستمع, وهذا ينبع من كثرة اغناء الذاكرة الانفعالية من خلال القراءة ورؤية الاشياء بعين غير تقليدية اي ليس كما يراها الاخرون, لانني دوما اقول بان هناك فرق بين الفنان والعازف وهناك فرق بين الشاعر ومن يمتلك روح الشعر, فالفنان هو الذي يمتلك روح الفن الطاهر والغير ملوث بحب الغاء الاخر وتكسير مجاديف المبدعين الاخرين والغيرة الغير المشروعة وامتصاص حقوق الاخرين او بان تسخر طاقات ذلك الفنان لما هو عكس الرسالة المناط بها الا وهي محبة الاخرين وحب الناس والوطن والبشر اينما كانوا دون ان يدك من ذلك شي , لا عرق وقومية ولا لغة ولا لون. في رايي هذا هو الجوهر الحقيقي للفن.الفن ينبع من الانسان ويصب ايضا في الانسان نفسه عبر قنواة الحب والخير والعطاء والتعايش الطبيعي للبشر على وجه هذه البسيطة ...
نعمة السوداني : حدثنا عن مشاركاتك العالمية في انحاء العالم وانت تقدم موسيقى تعبيرية وتراثية ومن الفلكلور العراقي ومع مجاميع مختلفة من الفنانين والفنانات والراقصين والراقصات من تلك البلدان واداؤك في العزف يحمل روح عراقية جميلة وفنا ممسرحا في عروض تميزت فيها عن الاخرين من الفنانين كما في اسبانيا وفي النرويج وهولندا ولندن الى اخره كيف لك ان تربط ماهو سمعي وما هو بصري تحدث لنا عن هذا اللون الفني العالمي ...؟
ستار الساعدي : لقد عزفت اكثر من مئة مرة في المهرجانات والاماسي العالمية في مختلف الدول كالبرتغال واسبانيا والامارات ولبنان وبريطانيا وسوريا وفرنسا وهولندا والمانيا والسويد والدنمارك. وهي مشاركات فنية ثقافية كبيرة ضمن مهرجانات هذه الدول السنوية يساهم فيها من جميع بلدان العالم ....
الموسيقى والايقاعات في رايي لغة عالمية، اذا كانت صادقة ومتدفقة من ينبوع الصدق والمشاعر النبيلة تستطيع ان تدخل قلوب ومسامع الاخرين دون استأذان, كل هذا يجعلك ان تترجم كل ماترى من الناس الطيبة والعلاقات الجميلة الى موسيقى وايقاعات ممتدة كجسور محبة وتواصل بينك وبين الفنانين الاخرين من مختلف دول العالم , انك بالخلق العالي ومحبة الاخر تهدم كل حواجز الانانية وحب الذات المفرط, ف (ملئ السنابل تنحني بتواضع --- والفارغات رؤسهن شوامخ ) .....
نعمة السوداني : اخيرا عرفت بانك كنت على تماس مع المطربين ومع المقام العراقي في احياء حفلات مختلفه !!! هل لك ان تقول شيئا ؟؟؟ مع من وكيف واين ؟؟؟؟
ستار الساعدي : الغناء الريفي والمقام العراقي هما الجذور الحقيقيقة لاصل الموسيقى العراقية, وقد عزفت في العراق وخارجه مع الكثير من المطربين العراقيين كالفنان الراحل رياض احمد, فاضل عواد ,جعفر حسن, رضا الخياط, ياس خضر, فؤاد سالم, امل خضير, لميعة توفيق, احلام وهبي , سعدي البياتي , حسين البصري , سعدي توفيق, حسين الاعظمي , حامد السعدي, حمزة السعداوي, عبد الصاحب شراد , ستار جبار ,كاظم الساهر , كريم هميم , علي جودة , حاتم العراقي , اكرم الرحال ,عبيد خميس, مؤيد الاصيل, عباس البصري, الثنائي وحيد ومي , علاء سعد, حميد البصري وشوقيه العطار , بيدر, فريدة, انور ابو دراغ , فرقة المقامات ,حسن بريسم , عبد فلك, رياض كريم, موسى كاظم , قاسم ماجد, كريم عباس,قاسم اسماعيل,سامي هيال , كريم حسين , احسان امام ,عامر توفيق, ستار ناجي, عازف علي حسن, كاظم ناصر العود سيروان ياملكي . احمد مختار. وكثيرين من الفنانين الذين اعتذر لهم مقدما ممن لا اتذكرهم الان. ولابد من الاشارة الى وجود مشاريع فنية قادمة جديدة سيشترك فيها معي كل من الاستاذ قاريء المقام علي الجدة وعازف السنطور قاسم عبد وعازف القانون -- الممثل والمطرب-- عبد الرحمن المرشدي وعازف الجوزة محمد عبد والفنان عازف الناي صفاء الساعدي في هولندا والسويد ودول اخرى ...
نعمة السوداني : من هذا الحوار نجد ان الذائقة الفنية الرفيعة المستوى التي يمتلكها الفنان الساعدي تجعله يقدم نشاطه الانساني عبر فن نبيل وهو يحبس انفاس المستمع او المشاهد داخل الصالة باسلوبه الجميل بايقاعاته وموسيقاه ونايه متمتعا بسلطة اخلاقية تثبت حقيقة وجود عمل فني يتالق به وبحضوره المستمر ...يعبر عن ذاته بكل اعماقه منطلقا من العوالم الخارجية التي تعكس ضميره الانساني نغما وايقاعا ونايا وشعرا باحثا عن الحقيقة في كل الاحداث التي تحيط بالانسان العراقي ... يغطي الايقاع في حياة الفنان الساعدي مجالات عديدة ومختلفة وفي امكنة بعيدة وقريبة تبدء من حركة الكون وتنتهي الى حركة عيون طفل ولد للتو... اي الان وفي قلبه .. الايقاع في كل بقعة من بقاع العالم ياتي ... ايقاعات متعددة ... من ضمنها ايقاع النص الذي يكتبه الساعدي ويجسده على المسرح امام جمهور من المستمعين ... هو مؤلف رائع يصل بتاليفه الى اعماق جوهر العمل الفني الذي يقدم لذة جمالية تكشف لنا خبايا عالم اخر لاذن تنقي الموسيقى الجميلة الناصعة من خزعبلات هذا الزمان الذي يعتقد البعض فيه هو صانع موسيقى بل انه يقدم لنا ترهات وبضاعة فاسدة ومتصدئة تشوه طبيعة السماع ...
شكرا للفنان الساعدي .