مع أميركا أللاتينية..

2015-08-23
في السابع والعشرين من نوفمبر  2014  أقام محور البا  (  ALBA  )  الذي يمثل تحالف بعض دول اميركا اللاتينية احتفالا في السفارة البوليفية في برلين بمناسبة مرور عشر سنوات على قيام هذا الحلف الذي يضم بعض دول اميركا اللاتينية ذات التوجه السياسي والفكري والستراتيجي المتقارب أو المشترك ومن هذه الدول بوليفيا ، كوبا، اكوادور، فينزويلا، ونيكاراغوا...حضر الحفل سفراء ودبلوماسيون  من دول المحور نفسه ومن دول اميركا اللاتينية الأخرى وكان من ضمن الحضور سفيرة نيكاراغوا لدى المانيا السيدة كارلا بيتيتا برينس(Karla Beteta Brenes ) والسفير الكوبي السيد  رينيه موخيكا( ٌRene Juan Mujica ).
كما حضر المناسبة جمع من بنات وأبناء اميركا اللاتينية وأصدقاؤهم من الألمان والأوربيين...
تسعى دول هذا المحور من خلال هذا التحالف ذي الطابع الانساني الاشتراكي اليساري بشكل عام الى توحيد الجهود لخلق جبهة اميركية لاتينية تسعى الى التضامن الأجتماعي والحفاظ على الاستقلال السياسي والاقتصادي لدول المحور هذا ومن ثم لعموم قارة اميركا اللاتينية، واسناد دول وشعوب العالم أجمع في قضايا حق تقرير المصير، وتجاوز الوصايات الشاملة التي تفرضها القوى الكبرى بتعسف ودون وجه حق، والوصول الى حالة استقلال اجتماعي اقتصادي بيئي سياسي حقيقي  وذلك بغية تحقيق توازن سياسي يبعد شبح الهيمنة الاقتصادية والسياسية الرأسمالية الامبريالية ومخاطر اذلال الشعوب وتدمير مستقبل الأوطان والأنسان فيها، كما يسعى لحماية هذه الدول وقارة اميركا الجنوبية عموما والعالم أجمع قدر الامكان من ألأخطار البيئية التي تسببها الشراهة في الربح السريع، والتهافت في الحصول على المال، والرغبة المنفلتة في فرض الهيمنة من خلال مشاريع اقتصادية أو اقتصادية - سياسية تنتهك قداسة الأم الأرض وتؤدي الى تلوث وتسميم عناصر الحياة الأساسية الأولى : الماء والتراب والهواء ومصادر الطاقة .
سعى الى هذا التعاون ورسخه بشكل نهائي قادة هذه الدول مدفوعين بزخم شعبي من شعوبهم وبمد جماهيري من شعوب اميركا اللاتينية قارة الوعي الأنساني الناصع والهادر، ومكان التوجه الاممي الانساني النبيل والتضامن العالمي شريف المقاصد... ومن أبرز هؤلاء القادة الزعيم الفنزويلي الراحل الشجاع هوغو شافيز -  الذي يمتلك اوجه شبه كثيرة مع الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم  - مع رفاقه واصدقائه القائد الكوبي فيديل كاسترو، وأيضا الرئيس البوليفي الشعبي موراليس والرئيس الاكوادوري الشاب المثابر كوريا والرئيس النيكاراجوي اورتيغا.
رعت ألاحتفال السيدة سفيرة بوليفيا لدى المانيا اليزابيث ٍسالجيرو    ( Elizabeth Salguero ) التي شغلت منصب وزيرة  الثقافة البوليفية قبل قدومها سفيرة لبلادها لدى برلين اذ افتتحت الحفل بكلمة رائعة مرحبة بالضيوف ومؤكدة على أهمية هذا الحلف ونبل أهدافه ثم قدّمت زميلها السفير الكوبي لدى المانيا  السيد رينيه خوان موخيكا ( Rene Juan mujica ) اذ عرض بشكل مسهب الاوضاع والظروف في اميركا الاتينية واسباب ودوافع وضرورات قيام هذا الحلف في ظل التطورات التي تحدث  على الصعيدن القاري والعالمي.. وانجازات هذا الحلف المتحققة على مستويات الصحة ومحو الامية والعمل الاقتصادي المشترك.
بعد ذلك جاء الدور للأدب والفن والموسيقى اذ اعتلى المنصة الفنان الموسيقار والمغني الأرجنتيني بابلو ميرو( Pablo Miro ) والذي كان يتكلم الألمانية بطلاقة الى جنب لغته الاسبانية الأم .. قدمه المشرفون على الاحتفال على انه من أهم مواهب القارة في مجال فنه، وفعلا كان في مستوى الكلمات التي قيلت في حقه : الكلمات الهادفة المؤثرة، الأنغام الشجية العذبة حينا والصادحة الهادرة حينا آخر لأجل عالم أجمل وحياة اكرم وعالم يحترم انسانية الأنسان وحقه في الحرية والكرامة والحياة ..
دأبتُ ومنذ سنين على حضور النشاطات والفعاليات والأماسي الثقافية والأدبية والفكرية والفنية  وحتى السياسية التي تنظمها دول هذا المحور والمجموعات التي تناصر وتصادق شعوب اميركا الاتينية، سواء في سفارات هذه الدول أو في الصالات والمؤسسات الثقافية للمعاهد المختصة أوفي المراكز الثقافية اوالأكاديمية في برلين، مدفوعا بدافع ذاتي محض للأنتصار للشعوب الطامحة الى العدالة والانعتاق والحرية ومساندة الانسان في طموحه الى اخوة انسانية حقيقية وعالم لامكان فيه لشريعة الغاب وأنياب مخالب القوي المغرور والمستهتر التي تريد ان تطبق على عنق العالم!!!
لذا لبيتُ الدعوة لحضور هذا الاحتفال دون ادنى تردد وقد ذهبتُ اليه سعيدا ورجعتُ سعيدا وفخورا في نفس الاوان، وانْ كنتُ العراقي والعربي الوحيد الذي يحضر نشاطات دول هذا المحور في برلين، اذ انني لم اشاهد الى الآن عراقيا أوعربيا واحدا  في أمثال هذه النشاطات التي باتت تُعد بالعشرات وذلك رغم المواقف النبيلة والجريئة والواضحة من قبل دول هذا المحور بشكل خاص وشعوب أميركا الاتينية بشكل عام ازاء القضايا العربية العادلة والأوضاع في منطقتنا في الشرق الأوسط بما فيها العراق وفلسطين ولبنان وسوريا وأسفهم الواضح الذي خبرتُه باستمرار للنزيف الدائم والوضع المتردي باستمرار والخسارات المتتالية في بلاد الرافدين!!! 
في فترة الاستراحة وبينما كنتُ في حديث جانبي مع السيدة مسؤولة القسم الثقافي في سفارة الاكوادور والتي كانت متواجدة هناك اتت السيدة السفيرة البوليفية في اتجاهنا فعرفتني الزميلة الاكوادورية  عليها وقد كنا قد رأينا بعض من قبل في مناسبات سابقة.. سألتني من أي بلد أنت ، فأجبتها من العراق ، صمتتْ لبرهة ثم أردفتْ: مرحبا بك في كل وقت في سفارتنا..
وأنا عائد الى البيت كنتُ افكر مثلما فكرتُ من قبل مرارا : كيف تعرض مثقفونا الى خديعة كبرى كلفتنا وطناً من أعرق وأثرى وأجمل الأوطان، بحيث كانت تصدر الصحف والمجلات العراقية في الخارج وهي تتغنى بالأنجازات القادمة للنظام العالمي الجديد، وبعض هذه المنابر كان يساريا على وجه الدقة والتحديد وربما يكون كاتب المقال يحمل من رفاقه لقباً كبيراً مثل : مفكر الحزب.
ولا تعرف كيف حسبها مفكر الحزب أومنظر الحزب بحيث فاته ان يستشرف ما هو قادم في غضون عقد أوعقدين من الزمن!!

كريم الاسدي

كاتب وشاعر عراقي يعيش في برلين

karim.asadi777@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved