تقع الأهواز العربيّة جنوب غرب إيران، ومحاذية للعراق، يقطنها أكثر من عشرة ملايين نسمة، لكنّ هذه الإحصائيّة يفنّدها النظام الإيراني حيث يعتبرنا شرذمة من الملايين لا أكثر .
ومن جانب آخر يمنع النشطاءَ من أن يقوموا بإحصاء النفوس في هذا البلد الثري بالنفط لأسباب سياسيّة .
ويحاول النشطاءُ بشتّى الطرق أن يحصلوا على عدد نفوس شعبهم، منها دعوتهم للتصويت لشمخاني العسكري المقرّب للنظام عندما رشّح لانتخابات رئاسة الجمهوريّة قبل أعوام لعلّ عدد الأصوات يبيّن الإحصائيّة حتّى لو كانت بصورة تقريبيّة .
ومنذ انتصار الثورة الإيرانيّة عام ١٩٧٩ يعيش الأهوازيّون كمواطنين من الدرجة الثانية، ينظر إليهم النظام السياسي نظرة مريبة، ويعتبرهم خطراً يجب الحذر منه، وأن يردعهم إن تحرّكوا مطالبين بحقوق ثقافيّة أو اقتصاديّة أو سياسيّة !
ولهذا ترى جهاز المخابرات بين الفينة والأخرى وبُعيد كلّ احتجاج يزجّ بنشطائهم في السجون .
لقد حرموا شعب هذا البلد العربي من أبسط خدمات البنية التحتيّة، حرموه من الدراسة بلغته، منعوه من تسمية مواليده بأسماء عربيّة، جعلوا كتّابه بين فكّي مقص الرقابة الشديدة حيث لم تتجاوز كتبنا الصادرة باللغة العربيّة أصابع اليد في كلّ سنة؛ وإن صدر كتاب، يحتار الكاتب أين يعرضه !
تجري هذه السياسة الممنهجة ضدنا سواء في زمن الإصلاحيين أو الأصوليين، وكأنّ القوم متّفقون على اضطهادنا !
اليوم وبعد أن أقاموا سدودا عديدة على أنهر الأهواز الثلاثة (كارون والكرخة والجرّاحي)، جفّفوا هذه الأنهر ودمّروا هور الحويزة والذي كان يُنعت بهور العظيم، كما جفّفوا هور الفلاحيّة الذي كان مصدر رزق للصيّادين ولصاحبي الدواب .
كلّ هذه الجرائم تتمّ بغيّة تهجير الناس وحفر آبار النفط الذي لا حصّة للأهوازيين منه سوى الدخان والغبار الذي أمسى ينتشر من أراضي الأهوار المجفّفة .
وفي الآونة الأخيرة منعوا الناس من الزراعة بحجّة شحّة الأمطار، بينما حرّفوا مياه الأنهر إلى مدنهم الفارسيّة، وكان لمدينة إصفهان حصّة الأسد من هذه السرقة .
فمات الدواب من العطش، والأنهر لم يبق فيها إلّا مياه المجاري النتنة .
وقد احتجّ الناس وخرجوا إلى الشوارع في مسيرات سلميّة مطالبين الحكومة بفتح السدود، فواجهتهم الشرطة بالرصاص الحي، وجرحت وقتلت الشباب بدم بارد !
وبدأت الحكومة تراوغ فتعلن عن إرسال هيئات من طهران إلى الأهواز تحقّق في الموضوع !
وأيّ موضوع ؟!
الأزمة أنتم خلقتموها، لا حاجة للتحقيق .
الموضوع وما فيه هو أنّكم سرقتم المياه وأقمتم كربلاء ثانية في الأهواز!
وإن كنتم تبحثون عن الحلّ، فابقوا في عاصمتكم وأصدروا أمرا لفتح السدود .
واعلموا أيّها السادة أنّ هذا الشعب له جذور مترسّخة في هذه الأرض يصعب عليه أن يهجرها .
فأعيدوا المياه إلى مجاريها، ولا تسرفوا في قتل أبناء هذا الشعب العربي الأعزل .