أدي تطور البلدات والمدن والتجارة الي قيام الإمبراطوريات.وتطلب ذلك مزيد ومزيد من التبادل التجاري والسفر بين هذه الإمبراطوريات القديمة .
وكانت الدولة المصرية أول إمبراطورية تظهر حاجتها الماسة للسفر .
كان القدماء يدركون أن السفر يجلب المتعة، ويشبع فضولهم لإكتشاف ما يحيط بهم من عوالم مختلفة، حدث ذلك في غضون عام ٢٧٠٠ ق.م
ولاحظ القدماء أن الناس يأتون لرؤية المقابر التي شيدها الفراعنة الأوائل .
وهناك روايات تتحدث عن أخذ زوار هذه المقابر لقطع من شظايا الحجارة معهم لتصبح بمثابة تذكار مما يعكس ولع الناس منذ القدم بالحصول علي تذكارات من الأماكن التي يزورونها .
كان الناس في بدايات الأمر يميلون الي الإستقرار لأسباب تبدو منطقية، وكانوا يتنقلون عندما تتطلب الحاجة سفراً لأسباب تتعلق ببقاءهم، فكانوا يسافرون هربا من المخاطر أو بحثا عن الطعام .
بالتدريج نشأت مستوطنات بشرية أكبر نسبياً علي طول السواحل الشاطئية، وبجانب الأنهار. كان الغرض إما للبحث عن الطعام أو لأسباب صحية .
أدي ذلك الي تطوير القوارب لتصبح صالحة للسفر لمسافات طويلة، سواء للبحث عن الطعام أو للتبادل التجاري مع مستوطنات أخري .
كانت الدولة الآشورية تشكل المنطقة المعروفة الآن بالعراق وتوسعت حتي وصلت الي البحر المتوسط غربا والخليج العربي شرقا . تطلب ذلك الإهتمام بالطرق ورعايتها لأغراض حربية وتجارية .
تم وضع إشارات تنبيهية تشير الي المسافة كما تم الإهتمام بالآبار .
حتي اليوم مازلنا نري تأثيرات البناء العسكري علي السفر الترفيهي وتم تطوير الطرق بين الولايات المختلفة لتسهل حركة الجنود بين هذه المقاطعات .
إستخدم الآشوريون الحصان والحمار والعربة للتنقل، وواصل الفرس الذين إحتلوا هذه المنطقة فيما بعد حركة التطوير وظهرت عربات جديدة بأربع عجلات للأثرياء وذوي الجاه .
ولكن التاريخ يشهد أن الإغريق هم أول من طوروا بنية تحتية متطورة للسفر .
كانت معظم المدن اليونانية تقع علي الساحل، وكانت التجارة مهنة الإغريق الأولي، يسافرون بالقوارب من مدينة لأخري من أجل البيع والشراء وتبادل المنتجات .
وكان السفر من أجل المتعة معروفا عند الإغريق فكانوا يسافرون من أجل الإحتفال بالمناسبات الدينية أو الأحداث الرياضية (الألعاب الأوليمبية) أو زيارة مدن أخري (أثينا) ذات شهرة واسعة .
وهناك عاملين أسهما في تطور فكرة السفر عند الإغريق :
صرف العملات
قبل تطوير العملات كان المسافرون الأوائل يدفعون ثمن السفر عن طريق نقل البضائع ومن ثم مقايضتها ثم إنتشرت العملات مما جعل السفر أكثر سهولة، فالمسافر لم يعد مجبراً علي السفر مع البضائع،يمكنه الآن دفع العملات مقابل أي خدمات يبحث عنها .
اللغة اليونانية:
إنتشرت اللغة اليونانية في معظم مدن البحر المتوسط مما أدي إلي تسهيل عملية التواصل أثناء التنقل .
ثم حلت المرحلة الرومانية التي شهد السفر خلالها إنتعاشا بسبب تطور التجارة وظهور الطبقة الوسطى التي كانت تملك الأموال .
كانت العملات الرومانية هي كل ما يجب علي المسافر أن يحمله، وكانت وسائل النقل والطرق والممرات المائية قد تطورت بشكل كبير .
إنتشار اللغة الرومانية بجانب اليونانية أدي إلي إقبال الناس علي السفر وإنعدام عامل الخوف من عدم القدرة علي فهم الآخرين .
وأصبحت مشاهدة المعالم السياحية شائعة في العصر الروماني، وخاصة السفر الي اليونان لمشاهدة معالمه السياحية التي وصلت أخبارها الي سكان روما، فضلا علي أن اليونان تحولت الي جزء من الإمبراطورية الرومانية فيما بعد .
وقام الأثرياء ببناء منازل فخمة علي طول السواحل للإنتقال إليها في أوقات الراحة .
كان الساعي الروماني يسافر لمسافة تصل إلى ١٢٠ كم في اليوم الواحد .
وبعد إنهيار الإمبراطورية الرومانية جعل البرابرة من السفر مخاطرة غير مأمونة العواقب، وإنهارت معظم الطرق التي شيدها الرومان .
ولكن السفر ورغم أنه عاني من مشكلات كثيرة إلّا أن دواعي السفر لم تنتهي وظل الناس يسافرون رغم الصعوبات التي كانت تواجههم . وللحديث بقية .
حفظ الله مصر جيشا وشعبا