هناك طرق لا تمرّ منها سيّارات الأجرة، فإذا ما مررت منها بسيّارتي فوجدت شخصا ينتظر سيّارة، ركّبته .
تقول أمّ شروق: قد يراك طالب من طلابك، أو زميل من زملائك، أو صديق، أو شخص من معارفنا، فيظنّك تشتغل سائق تاكسي !
سألتها: وما الضّير في مهنة سائق التاكسي ؟! أليست مهنة شريفة ؟!
قالت بلى، ولا أريد أن أقلّل من شأنها؛ ولكن قد يظنّ أحدهم أن راتب المدرّس لا يكفيه، ولا أريد أن ينتقص من قدرك .
قلت: ولكنّي لا أتقاضى أجرة، أركّبهم لعسر الطّريق وبُعده، ولشحّ سيّارات الأجرة في هذا المسير .
قالت : وكيف يعلم من يراك أنّك تركّبهم بالمجّان ؟!
وذات مرّة ركبت معنا امرأة عجوز وصّلناها إلى الحارة الّتي تريد، لكنّها لم تنزل !
وأمرتني أن أدخل في الحارة؛ فأذعنت .
فأدخلتنا في شوارع غير مبلّطة وعرة، ثمّ في أزقّة ملأى بمياه المجاري الآسنة !
طلبت منها أن تسمح لنا بالرجوع فقالت :
لا أدفع لك الأجرة إلا بعد أن توصلني إلى بيت ابنتي ! ولم أقل لها إنّي لا أتقاضى أجرة .
ولم تنزل إلّا بعد أن وصّلتها إلى عتبة باب منزل ابنتها . وبعد أن نزلت بدأت تفكّ بصرّة نقودها، عندما فتحتها رفعت رأسها لتراني قد جاوزت الزّقاق لأبدأ السير في الشّارع .
وفي يوم آخر ممطر، دعوت أحد طلّابي ليركب معي حتّى أوصله إلى بيته، وكان بيته في مسيري . لكنّه تعوّد في الأيّام الأخرى ودون أن أدعوه أن يقتحم عالمي الخاصّ فيركب معي؛ وكان خجلي العربيّ يمنعني من أن أصدّه ...إلى أن أتت السّنة الدّراسيّة إلى نهايتها . وكان يسبّب لي الحرج؛ ذلك لأني لا أستطيع في حضوره أن أستمع ما أشاء من موسيقى .