
وإني لألقى في العصافير سلوتي
وأصدق من صادفت في كهف عزلتي
أناوشها خبزا فتأتي بصمتها
وتقتات من زادي وحبي ولهفتي
وأجمله منها، الهدوء بقربها
تجيء وتمضي لا تزعزع راحتي
ألا ليت يومي كله رهن أمرها
ملائكة الرحمن حطت بشرفتي.
**
لما صحوت وراحت راحة الراح
وجدتُني كسراً ضاعت بأقداحي
سنا الظلام برأسي فز مشتعلا
وأجهزت بخيول الخوف أشباحي
فلا ذراعي تطول الباب تفتحه
ولا يطاوع أمر الكف مفتاحي
يا لذة الكأس قد حولتِني رمما
فمن يجمّعني إلاك يا صاحِ
ألمم برفق فهذي مهجتي انفرطت
وقايض الدهر أفراحي بأتراحي
ذهبت للطير أرجوها مؤانستي
فأكرمتني هزاراً غير صدّاحِ.
***
إلهي أخافوني بنارك وادعوا
بأنك ملقيني بها بعد ميتتي
رددت جهاراً ناكراً ما سمعته
و حل سؤالي معلناً فيه دهشتي
وكيف لربٍ نافخ بي روحه
يعذبني والروح منه هديتي!
****
ولجت بيوت الله لم ألقَ راحتي
أفي هجرها ذنب يزيد خطيئتي؟
وحين دعوت الله عندي وجدته
بقلبي يرنو حاضراً قبل دعوتي
فرحتُ به فرداً أناجيه وحده
وأبلغ شأوا لا يطال بنشوتي
أحدّثه شوقاً وأشكوه موجعي
وأرجوه عفواً، يااااا مقيل لعثرتي!
فـيمحو لي ذنبي بميثاق صفحهِ
ويحنوعلى ضعفي ويرحم وحدتي
ويفتح أبواب الجنان بقولةٍ :
أياعبد لا تقنط فأنت برحمتي.
*****
ولي كعبة أدنى من القرب للقرب
ألوذ بها ما أن أتوق إلى ربي
وأقصدها شوقاً بآمال وامقٍ
عطوشٍ يروم الرشف من منهل عذب
فأمسح أحزاني بطرف سدولها
كمن يمسحُ الياقوت من عالق الترب
مدججة بالحب أسوار كعبتي
تنفذ ما يتلو على سمعها قلبي
ترافقني ما أن حللت بغربتي
وتأخذ بي ما أن أحيد عن الدرب
فأغبطـُني من منزلٍ فيه بوركت
زخارف أفكاري وطوقت بالحب.
******
بعد ليلٍ مر معتما
كان بالأسرار غائما
يمطر الفجر نوره
ويناغي حبوره
كنت أسمع عصفوره
يغني لمن كان نائما
دع الكرى عنك وانهض
متعة الفجر لا تعوّض
اغترف من ضيائه
وانتعش في هوائه
لك عمر تعبت في بنائه
أو تدري متى يقوض؟
إصح من وهمك المرير
واصغ للنهر والخرير
واغرق الروح في مناها،
تنتشي جذلاً، يا هواها!
ناسكٌ والطريق تاها
فتماهى عوسج في حرير.