أقيمت ندوة نقديّة حول كتاب (كبرياء) قصص قصيرة جداً لكاتبه الأهوازي سعيد مقدّم أبو شروق .
نشرت هذا الكتاب دار نشر هرمنيوطيقا في عبّادان لصاحبها الدكتور جمال نصّاري.
ورعت الكتاب جمعيّة الهلال الثّقافيّة .
وقد أقيمت ندوة نقديّة في عبادان الأهواز يوم الخميس الماضي حول كبرياء وحضرها كتّاب وقرّاء ومنتقدون أهوازيّون من محافظات شتّى منها عبّادان والمحمّرة والفلاحيّة ومعشور .
وقبل البدء تمّ توزيع كتاب كبرياء على الحاضرين ثمّ تطرّق النّاقدون إلى قضايا مهمّة في النّقد مثل الحداثة في الكتابة والأتمسفر العالمي ومدى التزام الكتاب بهاتين المقولتين .
بدأ النّقد الأستاذ رضا آنسته فقال :
قرأت الكتاب، فتبيّن لي أنّ الكاتب ينتمي إلى المدرسة الواقعية في الأدب، وأنّه صاحب رسالة يريد أن يوصل رسالته إلى المجتمع .
وصاحب الرّسالة ربما لا يستطيع أن يأتي بغفلة القصّة القصيرة جداً بشكل جيّد، لكنّ أبا شروق جاء بها في كثير من الأحيان .
في قصّة القطار مثلا :
(القطار
رتّبت حجابها أمام المرآة،
خبّأت شعراتها البيض،
ثمّ خاطبت صورتها :
صحيح أنّ أولاد أترابك تزوّجوا وأنجبوا، لكنّك مازلت شابّة ... وعذراء .)
تتحدّث هذه القصّة عن فتاة تقف أمام المرآة لترى شعرها وقد ابيضّ وأنّ أولاد صديقاتها قد تزوجوا لكنّها تواسي نفسها بأنّها ما زالت عذراء .
القصّة عادية، لكنّك عندما تراجع العنوان مرّة ثانيّة تجد لها جماليّة .
قصة بداية الكتاب (أب) :
(أب
خاطبت أمّها وهي تضمّ دميتها المتهالكة إلى صدرها بقوّة :
لقد تمّ العزاء، وقلتِها بلسانك إنّ أبي لن يعود ثانية؛
فمن يشتري لي الدّمية الّتي وعدني بها ؟!
اليوم عاد أخوها ذو السّبعة أعوام متأخّراً من المدرسة ... يحمل حقيبته وعلبة . )
أرى أن اختيار هذه القصّة لبداية الكتاب هو اختيار غير موفق، كان على الكاتب أن يختار قصّة أكثر نجاحاً لبداية كتابه مثلاً قصّة (القناع) والّتي تشبه كتابات أحمد مطر مع فوارق طبعا، أو قصّة (الجّريمة) أو قصّة (دراية) .
وأضاف الأستاذ رضا آنسته :
بعض قصص الكتاب فيها رسالة ولكنها مباشرة، كقصّة الواعظ :
(الواعظ
ترجّل عن سيّارته الفخمة وتقدّم الطّابور، وأمر الخبّاز أن يناوله خمسين خبزة؛
كان صوته مبحوحاً، البارحة كان يخطب فينا حتّى منتصف الليل حول مراعاة حقوق الآخرين . )
والواعظ ليست قصّة ناجحة كباقي قصص الكتاب، تحكي هذه القصّة عن قضيّة عامّة نتداولها في كلامنا بعض الأحيان .
الكاتب متمكّن لغوياً ويبدو أنّه قرأ كثيرا لكنّ كتاباته تحتاج إلى بعض اللغة العصريّة، وجدت كلمات (حجولها، أترابها) وهي مفردات قديمة . والقصّة القصيرة جداً تحتاج إلى لغة عصريّة .
وأما بالنّسبة إلى القصص النّاجحة، فهي كثيرة وعلى سبيل المثال قصّة (تعذيب) جميلة وتعبر عن الواقع العربيّ وآلامه .
وقصّة (اللقيط) وقصّة (خيال)، فيها خيال جيّد :
(خيال
كنت أرسم مدينة فاضلة على ورقة،
وقبل أن أتمّ الرّسم، طارت شرارة من موقد جارنا فحرقتها . )
الشّرارة تعني المشاكل الاجتماعية، عدم تحمّل الجار، المأساة .
قصّة (أشل)، فيها تكثيف وشاعرية وموفقة جداً .
وفي ختام كلامه قال الأستاذ رضا :
كبرياء، عمل موفّق؛ والحقيقة أنّ كل عمل يقدّم في هذه البقعة هو قفزة نوعيّة لنا .
ثمّ قال الدّكتور جمال نصّاري :
إنّ قصّة (الكاتب) عالميّة :
(الكاتب
أراق دم القلم لكتابة مقال،
اعتُقِل بتهمة القتل . )
أتمسفر هذه القصّة من ضمن الفضاء العامّ، هذه القصّة ليست خاصّة بالأهواز، وإنّما تصدق على الفرنسي والهولندي ...
بينما قصّة (التّحيّة) فيها إسلام ومسلمون فلا تتّسع للغير، وإنّها خاصّة بالأتمسفر المحلّي .
ثمّ قال القصصي صاحب كتاب الحقّ المشؤوم أحمد عادل الصاكي :
إنّ الكاتب قد تأثّر من بيئته ومن الأجواء الّتي يعيشها، وإنّ المحلّية مكان انطلاق للعالميّة .
فرد الدّكتور جمال : المحليّة ذمّ للكاتب وليس مدحا .
رعى هذه النّدوة النّقدية الشّاعر الدّكتور جمال نصّاري وقد حضرها العشرات من محبّي الأدب والثّقافة والشّعراء والأدباء منهم :
شاعر الهايكو واللغوي الشّاب توفيق النّصاري.
الشّاعر والمخرج الفنّي لمجلة مداد بدر نصّاري.
الشّاعر هادي سالمي.
الشّاعر علي الدّورقي.
الكاتبة خلود المانع.
الأخ اسماعيل الشّريفي.
والكاتب جاسم نكارش.
والكاتب أحمد الجّابري.
والشّاعر الشّاب ابراهيم الديراوي .