نزيف الشمس*

2020-06-17

حزيـنٌ مســـــائي.خطوتي مالهــا دربُ
ولا شـفتي بين الكؤوسِ لهــــا شُــــربُ
جـريـــحٌ. خفيُّ الجــرحِ.لا الآهُ في فمي
فـأســــلوْ،ولا قلبــي لدمعـتـِـــــــه هُـدبُ
أُلاحـــــــقُ في بغـــــــدادَ حُلمـاً.لعلَّــنـي
أُداوي بـه ليـــــــلاً تهـاوتْ بـه الشُـهْـبُ
وطـالَ انتـظاري.أَخجـل الصبـرُ رايـتي
وأَعيا حســامي اليـأسُ واقتـادني الكربُ
عيــــونــيَ أَفـــــــــراخٌ.تُحـــــوِّمُ حَـدْأَةٌ
عليها.جنـاحـاهــا المجاعـــــةُ والرعـبُ
جنـــاحـيَ مكســـــــــورٌ وعشّيَ نجمــةٌ.
فيــاليَ مـن نسْــــــــرٍ بمقبــــرةٍ  يحبـو!
حُشِـرْتُ مـع الموتَى ربيعــــاً بصحوتـي
يَضــخُّ أَريــــجَ الوعي في جثَّـتي القلـبُ
أَصيــحُ: يميـني! راودَ الثلــجُ جمــــرتي
بـــلا ثـمـــــرٍ للآنَ! أَخســــــأَكِ الجـدبُ
بــلاديَ أَذوَى صَـرخــةَ الفجــرِ صمتُهـا
لـوَى شـمسَهـا ليــــــلٌ، وأَطفــأَهــا نهبُ
بـــلاديَ حُبـلَى.راعَها النـــــزفُ.طفلــةٌ
تضيـــعُ.نبيٌّ دربُــــه القتــــــلُ والصلبُ
ونحن نُخفِّي المـــــاءَ، والعمــرُ واحـــةٌ
إِذا صدِئَ الينبــــوعُ غـــادرهـا العشـبُ                     أَفيقي جــذوري!أَرهـقَ البــردُ خضرتي
وأَخلـفَ ميعـــــاداً ربيـــــعٌ لــــه أَصبـو
أَنـاغيمــةٌ. بــرقي ذرَى النــــارِ. زخَّتي

نزيــفٌ.سـمائي الوردُ والشـاطئُ العذبُ.
أَنا بيـتُ شعـــرٍ للجيــــــــــاعِ.تخـــافني
زبــانيـــةُ الـــوالي، وتخشـــانيَ الكتــبُ
                 * * *
شـــربـتُ ميــاهَ الحــزنِ.حنَّطتُ دمعـتي
كفـرتُ بربِّ الصمتِ.لم يغضـب الـربُّ
فزعتُ لأَهليْ.استغربَ الصوتَ إِخـوتي
تهجَّـتْ دمي أُمِّي.نفَـى وجهيَ الصحـبُ
صرختُ:رفيـقي!تسـحقُ الريــحُ جبهتي.
يديــــــكَ! أَغثني.همَّتي غالَهــا الخطـبُ
أَنــا،أَنـتَ رايـاتٌ. فــوارسُ. مهـــــــرةٌ.
يمينٌ.حســــــامٌ.لاتقــلْ:فاتنــــا الركـــبُ
تعـالَ ـ إِذاًـ نفتــــــحْ شـبابيــــــكَ من دمٍ
تُنـــــوِّرُ بيتـــاً فيــــه يَختبـــئُ الغيـــــبُ
إِذا أَنـا لـمْ أُحـــــــرَقْ ومثـليَ صــاحبـي
فمَـنْ ذا يُضئُ الدربَ إِنْ أَظلــمَ الدربُ؟
                    ***
تأَمَّلتُ مـالـــم يُــــدركْ الجهـــــلُ كنهَـهُ
رأَيـتُ مـلاكـــــاً وجهُه الشــاةُ والذئــبُ
رأَيتُ حَمَامـاً يشـتهي اللحـــــــمَ.راعَني
لهـــا شـَـــبَهٌ بالذئـبِ أَفــراخُــهُ الـزُّغْبُ
صرخـتُ:أَبي اهجـرني.كفــرتُ بفكــرةٍ
أَنا الفكـرةُ الأُخـرى.أَنا الشــوقُ والحبُّ
أَزحـــتُ إِلــــــهَ البنْــجِ عنِّـــي. تيقَّظـتْ
همــومـيَ أَطـفالاً يحاصــــرُهــا كـلــبُ
يَخـضُّ دمي عشــقٌ غـريـــبٌ.يصكُّـني.
أَصيــــحُ.ولا ليـلَى تُجيــــب.أَنــا الصبُّ
وأُنبئُ طيــرَ الضـوءِ ذا الفجـــر مُقبــلاً
فيغفو مريـضَ العـــزمِ. أَثقلَــــهُ الشيـبُ
بكيـتُ كسيـــرَ الحُلـمِ.لاالطيـنُ في يـدي
ولا الشجرُ الظامي،ولا الرعدُ والسحبُ

وقد ملَّني صبــري.أُريـــدُ جنـــــــــازةً
لحبِّيَ،أَو شـمسـاً  يُغنِّي لهــــا الشـــعبُ
1972م بغداد- العراق.

عبدالإله الياسري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أَنشرهذه القصيدة(نزيف الشمس) تلبية لطلب من سألني عنها من الأصدقاء والصديقات,بعد أن كتب مشكوراً( الأستاذ .د.عبدالكاظم الياسريّ),في 14حزيران/يونيو 2020م,على مدوَّنته في الفيس,عن قصيدتين قديمتين لي.تذكّر بضعة ابيات من إحداهما(قافلة الأحزان),ولم يتذكّر من الأخرى(نزيف الشمس) غير قافيتها.ودونكم ــ أيّها القرّاء الأعزّاء ــ نصَّ مكتوبه للإستئناس:

"احدثكم اليوم عن صديقي على هذه الصفحة السيدعبدالاله الياسري .كنت في المرحلة الاولى من كلية الاداب وهوفي المرحلة الرابعة من التربية الملغاة كما اظن. كان شاعرا من الطراز الاول سمعت منه قصيدتين الاولى قافلة الاحزان وهي ميمية والاخرى بائية لااتذكرعنوانها. تخرّج ولم اعرف عنه شيئا .بعدها في يوم كنت القي محاضرة على طالبات الماجستير استشهدت بابيات من قافلة الاحزان كنت احفظها واردفتها بقولي ولااعرف شيئا عن شاعرها الياسري فقالت احداهن وهي اديبة واعدة انه حي يرزق ويعيش في كندا وارسلت الي عنوان صفحته. حين القى قصيدته في قاعة الحصري اثرت كثيرا في الحاضرين مما دفع احد المسؤولين الكباروهوشاعر ان يعلق:العراق ليس فيه ماوصفت. ساذكرهنا ابياتا كنت احملها معي اعجابا بها منذ خمسين عاما يقول:وهاانا يابغدادجئتك ميتا،،،قفي واخلطي الحناء بالمدمع الهامي،،،خذي الحزن من عينيَّ يقصصْ حكايتي،،،وينبئْك كيف الريح الوت باعلامي ،،،انا القمح والنخل العراقيّ انحني،،،يبوسا واهوي جانب الشاطيءالظامي،،،فلا فرسي يعدو فاحضن رايتي،،،ولاحربتي تردي ولاساعدي رامي،،،هبيني رصيفا تستريح حقائبي،،،عليه فقد ماتت من السيراقدامي،,،انا الظميء المهموم الهث حاملا،،،على ظهريَ المسبيِّ تابوت احلامي،،،اكاد اذا هدَّ الزمان صريفتي،,،وهاجرت كالشحاذ احمل ايتامي،،،اهشّم محرابي وارجم توبتي،،،والعن تكبيري واعبد اثامي،،، اما البائية فلم احصل عليها.كان (...)"

 




 

 

 

 

 

 

عبدالإله الياسري

 شاعرٌ وكاتب عراقيٌ وُلِدَ في مدينةِ النجفِ في العراق عام 1950 له كتابات وقصائد في الشعرِ العَموديِّ وفي الشِعرِ الحر. تتمحور قصائده حول الحرية والمرأة والوطن وهي قصائد يغلب عليها طابع الثورية وكسر القيود نَحوَ التغيير. في كتاباتهِ لَهُ حسٌّ عاطفيٌ يختلطُ معَ صورِ الطبيعةِ في ظل مرحلتين من حياتهِ (الوطن والغربة) حيث ابتدأت غربته خارج الوطن عندما كان في التاسعة والعشرين من عمره. لم يكتبْ هذا الشاعِرُ شعراً في مدح حاكمٍ أو مسؤول بل على العكس نجد في اشعاره التمرد على السلطة حَدّ الإستِهجانِ وفضحِ العِيوبِ لكنَّ احتوت قصائدُهُ على تخليد لِمواقفَ ضِدَّ السلطة تَدعو إلى القدوم بالتجديد وتُشيرُ إلى سِلبياتٍ اجتماعيةٍ يَعتَقِدُ الشاعِرُ أَنَّ على المُجتَمعاتِ الانتباهَ لِخَطَرِ وِجودِها .

لم يتم تسليط الضوء كثيراً على هذا الشاعر بسبب ابتعاده عن الاضواء من جهة واختلافه مع التوجهات السياسية في بلدهِ آنذاك من جهة أخرى بالإضافة إلى اختلافهِ مع التوجهات السياسية الحالية أيضا. تم مؤخراً وضع الاعمال الشعرية للشاعر عبد الإله الياسري قيد البحوث الاكاديمية في العراق وبالاخص في جامعة كربلاء كلية التربية في قسم اللغة العربية وتم جمع مخطوطات شعرية قام الشاعر بكتابتها على مدى السنوات الممتدة من 1965 وحتى الان وتمت طباعة ونشر سبعة دواويين منها وحالياً يتم من خلال دراسة تلك المخطوطات رصد مراحل تاريخية مهمة مر بها المجتمع العراقي وهي قصائد يشار اليها على انها كانت مكتوبة بعيداً عن تأثير السلطة الحاكمة وأنها كانت تتمتع بنوع من الاستقلالية في التعبير والوصف.

ديوان جرح ومنفى، مجموعة شعرية عن دار الرواد للطباعة والنشر اغلبها من الشعر الحر تمثل الانفعالات العاطفية للشاعر بين الوطن وذكريات الحب والطموح لغد أفضل على المستوى الوطني والاجتماعي والفكري

ديوان جذور الفجر، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية تمت كتابتها خلال المدة التي سبقت هجرة الشاعر إلى خارج العراق عام 1979 و فيها الكثير من حس الثورة والتوق إلى فجر الحرية والتغيير

ديوان اجراس البقاء، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية وهي قصائد يجسد الشاعر من خلالها استقلاله عن السلطة والمال و لكنه كان من خلالها يجسد اعتزازه بشخصيات عامة رحلت عن المجتمع فتركت ارثاً يحتذى به فيتنبأ ببقاءهم خالدين في تاريخ الإنسانية وهذا الديوان يتضمن قصيدة عمودية تقرب المائتين وخمسين بيتاً شعرياً عن مثال ثورة الحسين بن علي وما يمكن مقارنته بما يحدث اليوم من اضطهاد للشعوب

ديوان أشرعة بلا مرفأ، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية وهي قصائد كتبها الشاعر خلال فترة غربته خارج العراق بكل ما فيها من احاسيس قد تتكون لدى من هو بعيد عن الوطن من حنين وضياع و اصطدام للثقافات والعادات

ديوان في ظل حواء، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية كتبها الشاعر ما بين عامي 1968-1972 خلال دراسته الجامعية في بغداد وكانت قصائد ذاتية دارت في مواضيعها حول المرأة في ظل ما يعتقده الشاعر السلطة الذكورية للمجتمع.

ديوان أرق النجم، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية وهذه المجموعة الشعرية تضم القصائد التي قيلت ما بين عامي 1966-1969

ديوان رغم الثلج والرماد، مجموعة شعرية عن مؤسسة دار الصادق الثقافية تتضمن قصائد حديثة للشاعر بعد عودتهِ إلى وطنه ورؤيتهِ ما آلت اليه الامور في العراق بعد عام 2009 و رغبته في وصف احداث العراق واحوال الناس

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved