إن الثورة التي حدثت في تونس والجارية الآن في مصر والتي سوف تعبُر لدول أخرى ربما تكون قريبة جغرافيا أو غير - ما لم تعدل هذه الدول من مواقفها تجاه شعوبها - والعنوان المشترك هو ثورة الحقوق والكرامة والامن السياسي وحرية التعبير.
قيل قديماً , لإن تأتي متأخرا خير من ان لا تأتي ولكن في علم السياسة الأمر يختلف فالذي قاله الرئيس المصري بالأمس يوم الثلاثاء ليلا في الأول من فبراير كان ممكن ان يكون مفيداً لو كان قد قيل يوم جمعة الغضب ( 28 يناير ) وما كان قد قاله في خطابه يوم الجمعه كان ممكن ان يكون مفيدا لو كان قد قيل يوم (25 يناير ) يوم الغضب وهكذا يكون الفهم في مجتمعنا العربي في أزمة , وما بين ازمة الفهم وفهم الأزمة , نحتاج لمن يقرأ الحدث ويتعامل معه ضمن اطاره وفق استراتيجية الحدث ذاته لا من إطار ما قبل الحدث .
كم تمنى الشعب المصري أن يتم تعديل الدستور ولسنوات , ويكون للرئيس نائباً ويتم تداول السلطة وحرية التعبير ومحاسبة الفاسدين, وها نحن نشهد على لسان رئيس الجمهورية وبقوة وعظمة هذا الشعب تتحقق ببضع ساعات مطالب كثيرة ما كان ليحققها عبر عقود , فهذا دور الشباب وثورة الكرامة .
وكاني بذاك الشاب المصري منذ عقود وحتى الآن وان تغيرت آليات ووسائل المعاناه لكنها تشترك بالنتيجة , حيث كان يصف استعداده للسفر لقضاء اجازته في بلده مصر الحبيبة والمعاناة التي تنتابه وهو يرتجف خوفا وحسرة وألما مما وصل اليه أمن المطارات ودائرة المخابرات والتي تلاحقهم لحظة وصوله مطار بلده ليمضي بها نصف اجازته أو يزيد بِهَمٍ وغَمّ , هذا ما قدمه النظام الذي طال حكمه , شأنه شأن أي نظام يطول دون فهم حقيقة معاناة شعبه وأين وكيف وكم تفرز من عداوات وحقد يتجذر في الأعماق , ومثل هذا الشاب هناك أعداد كبيرة تمثل عشرون جنسية أخرى في عالمنا العربي وان تفاوتت المعاناة .
وأتوجه هنا الى الأنظمة في عالمنا العربي , مناشداً لها ان تراجع قضاياها قبل فوات الأوان وتحدد أولوياتها بمعاملتها لشعبها وسقف الحرية والكرامة المطلوبة والتي هي قبل الطعام والمسكن بل قبل كل شيء , فالحرية التي ننشدها أن يدخل المواطن العربي بلده أو البلد الشقيق ويُعامَل باحترام لا بشكوك ونظرة اتهام , فالحضارة التي نراها من حولنا يجب عيشها بشمولية لا اجتزاء , وايقاف امتهان الشعوب يحتاج الى عمل دؤوب , والظلم لن يدوم , والخلاص من النظام لا من الأشخاص ومعركة الحرية حتما ستنتصر .
لذا نؤكد إن من يملك القرار لا يعرف ومن يعرف لا يملك القرار . وددت أن يعرف كل من في الأرض أن هناك شعب يستحق الحياة . مهلاً تستطيع الآن شرب القهوة
Dr.mansour_sal@yahoo.com