ائي بشقيقي بعد 29 عاماقاتل الله الإحتلال , كم باعد وفرق بين الأم وولدها والأخ وأخيه والأبن وابيه , كان أخي الأكبر يعمل مهندسا للطيران في مطار عمان الدولي , وفي بداية الثمانينيات من القرن الماضي بدأ يتناقل الناس ان هناك فصلا للموظفين العاملين في الدوائر الرسميه بالأردن والحاملين لهوية المواطنة بالضفة الغربية , حيث كان أخي يحمل هوية وتصريح الاحتلال ومواطنا في الضفتين شأنه شأن كثير من أبناء شعبنا , تنبه لذلك مبكرا حتى لا يتم تطبيق أي فصل ويجد نفسه على قارعة الطريق . أخذ يبحث عن حل لهذه الكارثة التي ستبعده عن فلسطين آلاف الأميال , ولما كان تخصصه لم يكن في فلسطين ولن يكون في المنظور القريب , كونه يعمل في مجال الطيران , فوجد ضالته عند أكبر عدو بعد المحتل الصهيوني ان لم يكن قبله ( أمريكيا ) وحصل هناك على عمل وعيش كريمين وعمل في الهندسة الكهربائية ودرس وأصبح يقدم محاضرات بأحد الجامعات بولاية تكساس ويقود مجموعة من المهندسين الأمريكيين في شركات تصنع التقنية "والمايكرو تشيب" ويقدم العلم والتعليم لهم , لانه يتفانى بالعلم ويتقن العمل وهو مقدم على كثير من الأشياء لديه , حيث كان الابداع عنوانه المحبب . وغاب فترة من الزمن عن وطنه , لان المحتل الصهيوني رفض تجديد تصريح الإحتلال الذي خرج بواسطته من فلسطين واعتبره فاقدا لهوية المواطنة التي غادر الأردن لأجل المحافظة عليها , حيث كان القانون في الأردن , ان من يحمل هوية وتصريح الاحتلال يستطيع المغادرة لأي بلد مرورا ولا يبقى في الأردن أكثر من اسبوعين , حيث بقي ساريا حتى الآن , وكان ينبغي دراسته ومراجعته , لانه قد يساهم بتفريغ الأرض وعكس ما أرادته بل ما أعلنته القيادة السياسية في الأردن آنذاك وسأفصل ذلك في مقال آخر. فعلا انها المفارقات مع هذا الشعب داخل الأرض المحتلة , بل قدره ان يعاني من السهل , مثل ما يعانيه من الصعب وأكثر , ويعيش الصعب حتى يصبح في بعض الأحيان سهلا بعينه لا بعين واضعه وحين يعتاد عليه فيغيره خشية أن يألفه . والمحتل الصهيوني يهدم البيت ويسرق الأرض ويقطع الشجر ويهلك الحجر وما يصنعه تجاه الإنسان أدهى وأمر , لتكون المعاناة كبيرة ومتعددة الصور , فهذا ممنوع وهذا محروم وهذا موقوف وهذا مرفوض وهذا مطرود وهذا محجوز وكل آليات ووسائل العيش عند جدار المحتل تسقط وتقف . وفعلا تم فك ارتباط الضفتين في العام 1988 أي بعيد الإنتفاضة الأولى المباركة , وكان ما كان , من تبعات يعاني منها كل مواطني فلسطين الصامدين على الأرض والصابرين على ظلم لا يعرفوا من أين لحق بهم وأظنهم غير آبهين به , الا أنهم يعدوه عداً , عاد أخي قبل ايام وهو يحمل الجنسية الأمريكية وأولاده كذلك , متمتعا باحترام وتقدير كبيرين في بلده الثاني وبلده الأول وكذلك الأصلي وأحسب انه في معظم دولنا العربية بل جميعها , كم كنت أتمنى أن يكون هذا الاحترام في بلداننا لكن دون جواز أمريكي , والتقيته بعد طول فراق وكانت سعادة كبيرة تملأ بيوتنا والحمدلله ودخل الى الأرض المحتلة بالجواز الأمريكي سائحا متنميا غير ذلك ولو نُزِعَ الاحترام منه . لذا أؤكد إن من يملك القرار لا يعرف ومن يعرف لا يملك القرار, ليعرف كل من في الأرض أن هناك شعب يستحق الحياة . مهلاً تستطيع شرب القهوة Dr.mansour_sal@yahoo.com
