ان كان المواطن العربي مقهور في بلده، فالفلسطيني مقهور مرتين، الأولى في بلده وهو امر مبرر غير مقبول - كونه محتل - والثانية في بلدان عربية من دول الطوق التي تحيط بفلسطين . يقولون أن المساواة في الظلم عدل، وان كنت اختلف مع هذه المقولة ونسمع أسماء ومتغيرات وثوابت حتى باتت بعض الثوابت متغيرة وبعض المتغيرات اصبحت ثابتة لكن المشترك بينها في غير مصلحة المواطن العربي فضلاً عن الفلسطيني اينما كان تواجده .
كلما رغبت ان انطلق في كتابة مقال او اكثر نحو نهضة وحضارة امتنا العربية نتفق جميعا انها واجبة , واذا بمواقف تترا تشدني تحولا نحو الخلف وتَهُدُ أحدى أطرافها هَدَّا، منتزعة وجوده، معلنة عن ليل جديد وسواد حالك يتربص بأطفال فلسطين .
ولكن هذه المرة ليس من احتلال بغيض فحسب , بل اختلال بالفكر والفهم والوعي , مقصود أو غير ذلك الا انها المعاناة تتجسد حاضرة وفي كل لحظةَ حل أو ترحال ولعل الثانية أقسى وأشد، هالني ما سمعت البارحة من تلك المرأة الفلسطينية العفيفة الصابرة والتي حدثتني قصتها عبر "الفيسبوك" واحتفظ بعنوانها لمن أراد ان يقدم لها المساعدة الرسمية والحامله للوثيقة المصرية وهي وثيقة سفر اشبه بالجواز شكلا وأبعد ما تكون عنه موضوعا، وفي احدى دول الطوق حيث تحاول معالجة ابنها بأي أرض أو تحت أي سماء حتى باتت آذان وعيون عالمنا العربي بدوله مجتمعه صماء كمعاناة ابنها ترفض السماح له الدخول للمعالجة بل حتى السفر اليها وصولا أو مرورا ولاي دولة عربية أو غربية . ولديها من العزة والطموح ما يجعل الرجال تتصاغر لمثل هذه المواقف فهي وزوجها باعوا اغلى ما يملكون ليعالجوا ابنهم، وتخلوا عن الكثير الا العزة والكرامة والشموخ فهو لهم عنوان، كل ذلك بسبب ما تحمله من وثيقة سفر مقيتة، أنهت آجال وتهدم أجيال .
انها المعاناة بكافة صورها البشعه، فالغرب تجاوز التمييز العنصري وبقينا نحن غارقين فيه بعقل عاقل أو بجهل جاهل، احسب أن الثانية أرجح وما هذا الا صنف من اصنافه بل أشد أنواعه حرمان الانسان من الانتقال بل حرمانه من العلاج، والبقية الباقية من فكر صدأ حتى في أسوء الدول انتهاكا لحقوق الإنسان لم تقدم مثل هذا النموذج.
حقوق الأنسان شعار لا يعرفه المسؤول في بلادنا بل لا يقيم له وزنا , ولا يفهمه, ولا يستطيع فهم حقوق الإنسان الا من يمارسها أو يحتاج اليها ولعل الثانية أيضا هي الأرجح , وبيننا وبين هذه الحقوق جفاء طال كثيرا فهي حلقة تلو اخرى وما الفهم الا اولاها فلا ممارسة لهذه الحقوق دون فهم مقترن بوعي، لتكون ممارسا لها، لتنشأ بعدها رقابة لهذه الحقوق وفاقد الشيء لا يعطيه .
انه لنفق مظلم سجله التاريخ لهذه الأمة تحت مسؤولية قاداتها حيث رضيت ان تمارس الظلم مع هكذا شعب يستحق الاحترام ان لم تكن النصرة فالواجب كبير والحمل ثقيل وتزداد المسؤولية حسب طبيعة الحمل وثقله ونوعية الواجب وامله، فالكل للكل ولكن قلة سادوا وعاثوا في الأرض فسادا آن لهؤلاء ان يقفوا ويُراجِعوا بل يُراجَعوا .
لذا نؤكد إن من يملك القرار لا يعرف ومن يعرف لا يملك القرار . وددت أن يعرف كل من في الأرض أن هناك شعب يستحق الحياة . مهلاً تستطيع الآن شرب القهوة ..
Dr.mansour_sal@yahoo.com
Picture 013.jpg