الصورة التي بعث بها الصديق ( أبو نواف ) أنس عبدالله للمرحوم الإستاذ الزميل ( أبو احمد ) فؤاد عبدالقادر الكبان تؤرخ لسنوات الضجر والإكتئاب والعتمة والتي مايزال يتصاعد ركامها، فالسنوات التي زاملته فيها كان ناعم الوجه متوشحا بالطراوة بالرغم من إن قلوبنا تحترق نارا، فقد كنا تحت رحمة القنابل .
قبل لقائي به -كنت وقتها على مقاعد الدراسة وكان هو أستاذا -نقل لي الصديق ( حافظ ملا خلف ) ونحن نتغنى بنعومة المساء على أحد مقاعد ( فلكة ) مدخل القضاء، فقد كانت أزهارها متفتحة وإبتساماتنا تعبر السماء، لقد كنا في سنوات الأمل!، فكان من جملة احاديثنا الحديث عن فؤاد الكبان.. مكتبته ومواقفه، مرت سنوات وإذا بي زميلا له شاركته بالطاولة والخزانة وقاسمته بالحصص، لقد تعرفت عليه عن قرب، كان ناسكا متحفظا منعزلا، تتقاطر في مخه كلمات كبيرة!!،تبادلنا الزيارات، كنت أزوره خالي الوفاض!، فيبادلني الزيارة مع رزمة من الكتب تشرق بها حديقة مكتبتي .
حدثني عن بعض مشاريعه في الكتابة، مراسلاته مع مجلس الثقافة والعلوم والآداب في دولة الكويت، أطلعني على رسالة من د. خليفة الوقيان يطلب فيها التعاون وتبادل الخبرات، تكلم عن تجربته بالتنويم المغناطيسي وجلسات التحضير!..الخ...
أذكر مرة أخذني من يدي إلى أعلى الدار ليريني الحائط المتاخم لداره والعائد لدار الإستاذ ( فاضل افندي ) .
قال: كنت شاهدا على بناء هذا الحائط، لم يستخدم ( الأسطة ) الخيط ولا الشاقول للتقيم أو الضبط، هل تعرف من بناه؟، أجبت بنعم، ( أسطى بدر ) والدي، وقتها كنت يافعا ولم اقو على حمل ( طاسة الجص ) والصعود بها إلى ذلك المكان الشاهق .
لقد توقف نهائيا عن الكلام منذ سنوات عدة وكأني به اودعه نهاية عام 1991 ( عمل بائعا في محل للساعات عند مدخل سوق الهنود خوفا من الموت جوعا ) .
لقد مات الرجل.. إنه زمن الرحيل!!