حين نفتش في رأسه عن أفكار نجدها جاهزة .
هو.. متمرد.. رومانسي.. مُتعَب..دائم التوق إلى قريته ..طعم خبزها..رائحة شاي صباحها.
هذا الذي يستيقظ وهو البعيد البعيد عن جذوره.. عن طفولته وحتى عن حياته الخاصة.
سيظل مشتاقاً إلى( بصرته) التي تركها بستاناً وارف الظلال وعاد إليها صحراء محترقة .
إنه الفنان [ شاكر بدر عطية ].
إنها الحرب .. إندثار جثث.. ركام دبابات، وصوت لملائكة!.
إذن أرضٌ " ليست سوى مرقد لعظام الموتى".
لقد نسّي الناس أشياءاً كثيرة مرتبطة بتلك الحرب !..
نسوا إنّ القمرَ العراقي يغوص في حزنه والهواء ممتليء برائحة البارود.
نسوا مصير الموتى، الذين ليسوا موتى ، هم ليس تحت الأرض .
نسوا أيام الحرب الطويلة وإنطباع الناس إنّ نهايتها مستحيلة .
نسوا رائحة الموت التي تسيطر كيفما ندور أوجهنا.
نسوا الذين نُصِبت لهم مآتم في ميادين القرى فبكى عليهم الأهلل طوال الليل ، أولئك المهدورة دمائهم ، إنهم هناك مازالوا يتمددون من دون أكفان ، ماتوا ولم ينقذوا الوطن!.
أما الآن ، فهناك مَنْ يبكي برقة وهو مبتهجاً والآخر يبكي بحرقة وهو حزين.
أي قمر هذا؟, قمر العراق السجين.
هناك مَنْ يسجن القمر في بئر.. وهناك مَنْ يُبصِر دمه فوق أيديهم مرغماًعلى الموت قبل زمن الموت.
آه، للقمر الساكن الذي لم يعد يقوى على إختراق الليل ، القمر الذي كانت ملامحه من" الذهب المغمس بالفضة" ، ضاعت ملامحه .. تحول إلى كتلة من الرماد الفضي، فهل آنّ لبساط السماء أن يفرش ملامحه؟ !.
لقد عشنا حالة من العمى، لكن الامل لم يخبوفي داخلنا، وإن كانّ قمرنا سجيناً فأملنا أن نلمح الشمس ، ومَنْ كانَّ بشوشاً في أبهته ، ناعماً كالزيتون فليكشف عن وجه الشهيد.
محمود بدر عطية
2013