لا يقال إنّ اسمك عنوانك ؟
إذن سنغيّر اسمك، ونمنعك من تسميّة أبنائك بأسماء عربيّة، لنغيّر عنوانك، لنسلب عروتك !
هذا النّهج المعادي للعروبة وأهلها بدأه رضا خان شاه إيران، عندما أطاح بالشّيخ خزعل أمير المحمّرة بدعم من بريطانيا عام 1925 حيث اتخذّ سياسة التّفريس ضدّ العرب في الأهواز . فغيّر أسماء المدن العربيّة إلى الفارسيّة وأمست المحمّرة (خرمشهر)، والفلاحيّة (شادكان)، وعبّادان (آبادان)، وهلّم جرّا...
ثمّ استهدف الزّي العربيّ ومنعه في الأسواق وفي الأماكن العامّة ...
وعند صدور مرسوم التّجنيس، أرسل موظّفين مدرَبين إلى مدننا العربيّة لينفّذوا نفس الخطط العنصريّة في تغيير أسماء العوائل والألقاب العربيّة إلى الفارسيّة .
وفي ما يلي نموذج من أساليب الموظّفين لتفريس الأسماء والألقاب نقلها لي أحد الأصدقاء :
يراجع الرّجل دائرة الأحوال المدنيّة، يسأله الموظّف عن اسمه ولقبه، فيذكر الرّجل اسمه واسم قبيلته العربيّة، فيقترح الموظّف أنّ هناك ألقابا جميلة وصلتنا من طهران فدعني أمنحك لقبا منها !
وبين الإستنكار والرّفض من جانب، والإصرار وسياسة المماطلة من جانب آخر، يسجّل الموظّف للأهوازيّ العربيّ اللقب الجّديد (آزغ) !
واستمرّت هذه السّياسة العنصريّة الخبيثة في عهد محمّد رضا البهلوي، حيث شمل التّغيير أسماء الحارات والمدن الصّغيرة أيضاً .
وزاد الإصرار في تنفيذ تغيير ألقاب الأشخاص حتّى لو تطلّب الأمر عدم إخبارهم باللقب الجّديد؛ علما بأنّ معظم النّاس كانوا أمّيّين لا يعرفون الكتابة والقراءة .
ينقل لي صديق أنّ قريبا لهم سمّى ابنته الأولى صبيحة والثّانية خديجة، لكنّه وعندما سجلهما في المدرسة بعد ستّ سنوات، تفاجأ أنّ اسمیهما في الجّنسيّة عزّت وبهجت !
وينقل آخر إنّه سمّى ولديه شريف وحبيب، ولم يكتشف إسمیهما في السّجل الحكومي إلّا بعد مضيّ عشرين عاما عندما ذهبا إلى الجّنديّة !
كان الموظّف قد اختار لهما اسمي كورش وداريوش !
والطّريف أنّ الرّجل بدأ يناديهما باسمیهما الجّديدين ولكن بطريقته الخاصّة : كرويش ودرويش !
وهناك من تمسّك بلقبه العربيّ ولم يتنازل عنه، لكنّه لم يسلم هو الثّاني من صبغة التّفريس، إذ أضافوا إلى لقبه لاحقة أو بادئة فارسيّة؛ فأمسى (الكعبي) كعبي يور، أو پور كعبي، أو كعبي زاده !
أما بعد الثّورة الّتي أطاحت بالشّاه عام 1979 أخذت سياسة التّفريس حيّزا واسعا حيث حتّى أسماء الشّوارع والأزقّة العربيّة لم تسلم من التّغيير!
وقد سلبوا حريّة اختيار الأسماء للمواليد إذ أرسلوا قاموسا للأسماء إلى دوائر الأحوال المدنيّة لا يسمح لك أن تختار إسما خارج هذا القاموس، قاموس لا توجد فيه أسماء عربيّة مثل سعاد، خلدون، وليد، هيام؛ والّتي لا تمسّ بأمن الدّولة، ولا توحي إلى الطّائفيّة ولا العنصريّة لا من قريب ولا من بعيد؛ السّبب الوحيد لحظرها إنّها عربيّة !
فإذا ما رزقك الله بطفل، وأردت أن تسمّيه؛ فإنّك ملزم أن تختار له إسما ممّا ضمّه هذا القاموس بين دفّتيه الفارسيّتين قسر إرادتك .
...