أسئلة ولا أجوبة

2016-06-07
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/12f13fc5-a203-486c-bf5b-a5e94dd00424.jpeg
هناك سؤال كبيرومهم أجلنا طرحه ومن ثم أجلنا الأجابة عليه !!
بيد اننا لانستطيع تأجيل هذا السؤال اِذ ستطرحه، وبقوة، الأجيال القادمة في العراق اذا استمر هذا البلد في الحياة ولم يتعرض الى الأنقراض بسبب الأبادة المتعمدة التي تحصل له منذ عقود!!
السؤال هو عن دور المثقف العراقي مما  حصل ويحصل  في وطنه وما حدث و يحدث  لشعبه، ومن الممكن ان نصوغ هذا السؤال الكبير ببساطة:
هل كان دور المثقف العراقي كافياً في رفع الظلم عن شعبه والدفاع عن وطنه، وعلى الأخص في العقود الأربعة الأخيرة والى الآن؟!
وربما من الأفضل والأكثر حكمة صياغة السؤال نفسه بالشكل الآتي بعد وضع عبارة المثقفين العراقيين بدل المثقف العراقي الفرد:
هل كان دور المثقفين العراقيين كافياً في رفع الظلم عن شعبهم والدفاع عن وطنهم، وعلى الأخص في العقود الأربعة الأخيرة والى الآن؟!
استخدام صيغة الجمع هنا أعدل فهناك استثناء قليل جداً جداً من المثقفين العراقيين الذين بذلوا جهوداً جبارة في محاولة رفع الظلم عن شعبهم والأنتصار لحق وطنهم في البقاء والحرية والحياة!!!
وحتى نكون منصفين وصادقين وشهود حق في زمن شهود الزور هذا، يجب ان نورد هنا اسم المفكر والكاتب العراقي هادي العلوي والمجموعة القليلة من المثقفين الشجعان والنبلاء الذين التفوا حوله خارج نطاق الأحزاب والطوائف، وبالتأكيد خارج نطاق المصالح الشخصية الضيقة وانتظار مردود العمل المادي والمنفعي، بل عملوا وبعزم كبير وهمة عالية للوطن، للشعب، للأنسان، للحق، للضمير، وللخير.
أسسوا مع هادي جمعيتين : جمعية الدفاع عن الرافدين، وجمعية بغداد المشاعية .
كانت مهمة الجمعية الأولى في غاية الأهمية والخطورة وبُعد النظر على الصعيد المستقبلي الأنساني والوطني وحتى الوجودي لبلد مثل العراق، وتتلخص هذه المهمة بالدفاع عن وجود واستمرار تدفق الرافدين دجلة والفرات مثلما كانا منذ فجر التاريخ البشري، وفضح ومقاومة محاولات اقامة السدود عليهما ونهب مياههما وحرمان العراق من حصته الطبيعية والكافية منهما!! وكانت الجارة العزيزة تركيا رائدة ومبادِرة للأسف الشديد في انشاء هذه السدود  قرب منابع دجلة والفرات بدعم وتحريض من الدول والجهات التي يشكل لها العراق أرقاً وصداعاً مزمناً والتي لاتترك فرصة ممكنة للأنقضاض عليه وعلى مستقبله!!
والجمعية الثانية التي تشكلت تحت اسم جمعية بغداد المشاعية كانت مهمتها آنية  ولكن مُلحة وخطيرة وكبيرة وتتضمن رسالة انسانية وطنية وخيرية في غاية النبل اذ تقضي بضرورة مساعدة وأسناد العراقيين والعراقيات في زمن الحصار  وانقاذ العوائل المهددة بالجوع والسقوط الأجتماعي وعلى الأخص العوائل النازحة دون معين ومعيل وسند الى دول الجوار العربي !!
كلّفني الأستاذ الطيّب النبيل هادي العلوي من مقر اقامته في دمشق بالتعريف بهذين المشروعين في المانيا وطرح المسألة على العراقيين المقيميين في هذا البلد وعلى الأخص ممن نتوسم فيهم عمق الوعي الثقافي الانساني والوطني،  فطرحتُ الأمر على رئيس لأحد النوادي الثقافية العراقية في برلين، وكان اسم هذا النادي وياللمفارقة يتضمن كلمة الرافدين، والرافدان المعنيان مثلما نعرف أو( نتوقع ! ) هما دجلة والفرات!!
كان الأمر يتعلق بمنحي قاعة في النادي لأقامة محاضرة  التعريف بهذين المشروعين ودعوة جمهور النادي وكان في أغلبه من أعضاء وأصدقاء حزب ينمي نفسه الى الآن الى الحركة الوطنية العراقية، مع أيضاحي لأستعدادي عن الأجابة على اسئلة الجمهور في هذا الصدد .
طلب مني رئيس النادي مهلة لكي يفكر في الأمر أو ربما ليستشير خاصته وأهل الحكمة من رؤوسائه ورفاقه الأقدم، حينما عدتُ بعد اسبوع لأسأله في نفس النادي عن االنتيجة قال لي جملة واحدة :
عيني، هذي الشغلة ماتصير .
وبمثل هذا الجواب وهذه الهمَّة وهذا الوعي ممكن ان تضيع الف بصرة !!!
مع العلم ان هناك عشرات الفعاليات التافهة والفارغة من حس الأنتماء الوطني والأنساني والثقافي كانت تقام في هذا النادي فيضيع وقت العراقيين وتُخلَط الأوراق عليهم !!
وأمثال هذه الأمور حدثت بكثرة وتركيز مذهلين ولعقود في الوسط العراقي المهاجر والذي كان له وعليه ان يلعب دوراً رائداً واعياً ومقداما في الأنتصار والأنتصاف لشعبه ووطنه اللذين يمران في أصعب فترة في تاريخهما الطويل على الأطلاق، ولأعتبار ان هذا الوسط حر نسبياً وخارج التأثير المباشر للنظام العراقي !
ومن ضمن هذا الدور كان ولم يزل واجب المثقفين العرااقيين في مد جسور التواصل الثقافي والأنساني البناء والفاعل والنبيل مع المثقف العالمي المؤثر وصاحب الضمير والرسالة الأنسانية وهؤلاء موجودون وان رحل بعضهم للأسف !!

أين غاب المثقف الحزبي عن هذا النشاط  وعن كل نشاط  مماثل وماذا عملت الأحزاب  بكوادرها ومثقفیها في الفترة المظلمة الحديثة من تاريخ العراق والتي من الممكن اعتبارها بحق اشد الفترات اظلاماً وغموضاً في تاريخ البلد، وتحت  جنحي الأظلام والغموض حدثت أيضاً أكبر عملية فتك بالأنسان وبيئته ومقومات وجوده  وحضارته  وأرثه  وروحه وعقله وجسده على مر العصور التي تعاقبت منذ فجر التاريخ البشري على هذا البلد!!!
لقد كنا نسمع التقيف الذي مفاده ان العراق دولة مصطنعة حديثة اسسها البريطانيون بعد سنة  1920!!
ونسمع ونقرأ الرأي الذي يدعو الى الثقة في النظام العالمي الجديد باعتباره نظام الديمقراطية والتعددية وحقوق الأنسان ، وان يده في العراق ستكون مباركة وانه سيجعل من العراق واحة للديمقراطية والسلام، وجَنَّة من جنان الله على الأرض!!
اننا ذ نعيد السؤال المهم : مَن هو الأهم في مثل هذه الفترات الحالكة التي تمر في حياة الشعوب والأوطان : الوطن أو ألحزب ؟! ألشعب بكامله أم أفراد المجموعة  الحزبية ؟!ّ نطالب القواد الحزبيين القدامى منهم والحاليين بشرح وتوضيح دورهم ودور أحزابهم في هذه الفترة الرهيبة من تاريخ الوطن العراقي والشعب العراقي، ولم يكن ما حصل بالأمر الذي يمكن نسيانه أو تجاوزه انما كان ولم يزل أمر حياة أو موت !!

كريم الاسدي

كاتب وشاعر عراقي يعيش في برلين

karim.asadi777@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved