أُنثى البردي..!

2014-03-12
إلى الفنان السومري كاظم الداخل

لنساء البردي حكاياتٌ، يحفظها الجدُ في كيس كهولتهِ

يا سيد القصب، يا عاشق العزلة..،
هاأنت الفارش للأفراح  بساطاً من سندس بمساء الحزن،
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/6cc8ba40-bca2-4dcd-8f4e-055cd8e0f854.jpeg
والمستدرج قلبَ العاشق لجنة عدن،
حينّ يلوح صباحُ الناس ،
لا يغلبُ العينَ منك النعاسُ،
بل توصل الماءَ بالماءٍ،
نساؤك من ماء الوضوء،
 فلا يستفزُ الموتُ أرحامهنَّ،
ولا يأبهنَّ بصك الخنوع.

في صلصال البردي تصهل رائحةُ الأنثى..،
يا أنثى البردي!،
من أي رخام أنت،
وأي طريقٍ يؤدي إليك؟!
تقولين: الطريق إليّ آمن،
فأمضِ وإنْ حاصرتك الهواجس،
أو قاتلتك الشُهب.

إخترِ القمرَ واَلمطبك دليلين..،
حتى تصلَ مملكةَ البردي،
فالمطبكُ صديقُ الفقراء..،
والقمرُ يعرفُ أسرارَ العشاق،
لكنَّ الغيمَ وألهة التهريب،
قد يفسدا تلك الرحلة،
فيعودُ المطبكُ بلا صوتٍ،
والقمرُ مكسورٌ ،
وأنتَ بلا حولٍ أو قوة.

في الماءِ فقاقيعٌ من فضة ..،
ومن أجَمات القصب تطيرُ 
موجاتٌ تلو الموجاتِ طيورٌ بضة،
وأنت( الخانسُ) في مربضِك،
تأخذك الأفكارُ بعيداً،
في غفوةِ عينٍ أو يقظة.

في مملكة البردي.
تنامُ مشاحيف الصيادين،
منتظرةً مَنْ يوقظ فيها العزلة،
مَنْ يوقدُ فانوساً مَنْ يحملُ( فالة)1،
فالهور ـ أحبائي ـ مشقوق (الزيق)2،
منذُ إغتصبَ الشيخُ (فتاة العمر) و طمرَّ ( العريسَ) بسدتهِ
الهور مشنوق الرقبة،
يدفع دخانَ حرائقه نحو بيوت الفقراء،
وبيوتهمُ تشكو الظلمة،
وصدور الفقراء ما عادت تتحمل دخان (اللف)،
وحكم البلف.

يصحو على قصبٍ وماء..
وظفيرة الأنثى تدغدغ روحه الخضراء،
يهتز قلبه بإهتزاز الصوت في قلب السكون،
وطيرُ" شلوة"3 يزرع الأهوار جيئاً وذهاب،
يعتلي الربوةَ .. ليأتي بالغنيمة!.

في سكون الليل والوحشةُ تُقلِق قلبها المحروم،
تنظرُ للسماء...،
في سماء الليل تبحثُ عن نجوم!،
علها تهدي البعيد،
لم تعد تنظرُ إلا للبعيد،
والبعيد يسرقُ العمرَ ويمضي ،
تاركاً في الروح وشماً لا يحيد.

أنْ تأتي أو ترحل..،
لاشيءٌ يتبدل،
سوى إنّ الصمت الواسع وسع الهور،
ينبأ إنّ " حفيظ"4 يحول كحل البردي إلى تبرٍ في "اللجة"،
هذا ما أعتادَ الناسُ على ترديده،
و تلك هي الحجة!.    

وحدك ومسار الرحلة طال..،
كفك والمردي تحت الماء،
أعوادُ البردي عاليةٌ،
ومفاتيح الكنز القابع عند القاع...، 
في سرة أنثى البردي،
ياأنثى البردي 
يرضيك أرجعُ مهموماً مقطوع الوصل
 ـ أو منتظراً ذاك اليوم ـ
لأزرعَ فيك بذرة عمري،
فطريقي نحو "اللجة" شائك  ولا مأمون العودة. 

يهبطُ الليلُ والمتاهةُ تكبر..،
وفحيح الأفاعي بين القصب،
وقتها تفتحُ الجدةُ صندوقَ أوجاعها ،
تطوف الجدة حول الأبناء،
تسكب من إبريق وضوء الجد الماء،
ترطب جبهةَ من خانته عزيمته وأستنجدَ بالغرباء،
تفرش (جرغدها)5المعقود فوق ضريح الجد،بلا دمعٍ تبكي،
تفتحُ عقدةَ جرغدها، تُخرِجُ شيئاً لاصف،
خذوا هذه ، وأدخلو اللجةَ فجراً ،
فالكيانُ المسخ ُما زال هناك،
 ـ  خائضاً بالماء والطين ـ ومجهول النسب،
يعلك الأسماك والبردي وأعواد القصب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ألة بدائية لصيد السمك.
2ـ ما يحيط بالرقبة.
ـ طير حر لفتاة تدعى"شلوة"، حين ُيحلِّق لا يرجع إلا بالغنيمة.3
      ـ تل أو منطقة متخيلة في أهوار العراق تحوي على كنوز.4
5ـ أو العصّابة، غطاء رأس المرأة.


محمود بدر عطية
2013


 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved