إلى الأمام:
وعاء للجنون ومكان للشبق: مستشفى الأمراض العقلية..
تجلس قابعة في زاوية الغرفة.. وحيدة, مرتدية بذلة بيضاء بعد أن تناولت للتو دواءها ..
بينما كان طبيبها، يحاول أن يشرح لزوجها الذي يحدق بشراهة في مؤخرة الممرضة نوال المكتنزة أن الحل الوحيد لعلاجها من انفصام الشخصية هو أن يتحول إلى شخص واقعي يراسلها الكترونيا، عوض أن تراسل نفسها، وكأنها شخص آخر.
بريد وارد منه :
على قارعة الحياة ..
كأنه يحدق في ذاته وهو يرى زوايا الجسد تنهال على غريزته كنار مطفأة بأريج الصبح تتراقص ببلورها المضيء في مواقع الاثاره المشعة من جسدها.. تناديه بانجذابه المغناطيسي كعواء ذئب.. وهو يعزف بعينيه على وتر الحب.. فينسلخ الثوب الروحي عن مسامات الجسد.
وكان..كان شيئا عصيا مثل دموع والدي يرتدي قسوته وساديته ويغادرك مع مهب الريح ..
حين انتهيت منها .. تركتها جسدا بلا روح مضرجة بالخسارة .. أومن أن الحب ربح وخسارة على سرير الحياة .. يوم لك ويوم عليك ..
وأنا انظر إلى جسدها النحيل العاري الممدد فوق السرير اشعر أني رجل أوشكت مدة صلاحيته على الانتهاء .. ولم يبق من انتصاراتي التي كنت ازعمها غير مركب عتيق تتقاذفه أمواج الظهيرة البعيدة.. رجل مهترئ تتقاذفه أجساد النساء والأسرة .
اللعنة على الحب والجسد..
بريد صادر منها :
على قيد الحب
صار الصواب أن تكون على خطأ.. ونحن أسرى لمنطق عشقناه ، قيدنا الذي صنعناه.. وضعناه في قلوبنا كأنه أيقونة قديمة، وقمنا للحب صلاة الليل...
قياما وصياما ..
وأشعلنا لهيب المصابيح التي لا تنطفئ حتى تجد سفينه الروح مينائها، واحرقنا البخور المقدس في الإناء الزجاجي الذي كسرناه بقليل من الأنانية التي تجبرنا على كسره و توهمنا بإمكانية إصلاحه..
الصواب أن الأشياء إلتي نقوم بكسرها في الزوايا الميتة من حياتنا لا تقبل بأي حال من الأحوال منطق العودة ..................حتى لو كان اللصاق المستعمل من النوع الجيد.. اللصاق الذي يجمع جسدينا ويخلق منه ماء الحياة.. الإناء الذي لا تصلحه رقة العصافير ولا تستعيده أطياف الضوء واشعاع الشمس..
بريد مستعجل منها :
أدمنت اللذة؟؟؟؟
لا تصدق قصة قاص لا تصدقه ..
ثمة أشياء لا يمكن تجاوزها بتلك السهولة، وكما أن لكل شيء بداية لاشي ينبثق من فراغ .. كل الأشياء لها بداية ..
مازلت أهوى قضم أظافري ساعة الغضب ، أو ربما لإحساسي أني كينونة إنسانيه. كومه من مشاعر هشة مثل أعشاب الخريف، قد تحترق في لحظه حر شديد مثل كومة قش احتبست داخلها إبرة السعادة ..
بعيدة هي أحلامي عني ، ولا املك غير يقين متأخر يجري مجرى الدماء في شراييني أني قتيلة حروفه بلا إثم ولا حرج ..
هل تصدقني حين أقول لك أني اكره إدمانه التحديق في المؤخرات المكتنزة لكل من تمر بجانبي..؟ لا ادري إن كانت عقدته اللعينة هذه سبب تعاستي..؟؟
لكني أحبه أكثر حين تلتقي عينانا على إيقاع الحسرة والندم ..
بالأمس ضبطته يحدق في مؤخرة إحداهن بكل بلادة.. انتبه الكل إليه بينما كنت اسحبه بعيدا عن مكان الإثارة ..
وحدثته كثيرا في الأمر.. كان يخبرني بكل برود وهو مستمر كعادته المقيتة في التحديق إلى المؤخرات النسائية المكتنزة المارة أنها أشياء تحدث ..
اكتشفت متأخرة أن القاص الكاذب لا يمكن أن ينتج سوى قصة كاذبة وأنا احترق مثل قصته الكاذبة. أن تهوى جثمان أنثى الفخم والأجساد التي كلما تتحرك تستثير عناصر الرجولة فيه! وأنا اصهل كفرس جامحة.............
بريد وارد منه :
هل أدمنت الرغبة؟؟؟؟
تمنى.. تعلم كيف تتمنى بعيدا عن أصدقائك.. لأن الطمع بأمنياتك صار أكبر بكثير من الطمع بموتك.. تعلم كيف تطلق أمنياتك بعيدا عن الآخرين..
اللعنة.. كتبت ما يزيد عن مائة جملة وجملة لا يمكن إعادتها بأي حال من الأحوال.. لكنها ذهبت مع الريح..كما يذهب أصدقائك مع الريح .. ماذا كتبت ؟؟
نسيت ..بأي حال لا يمكن إعادة ما انمحى..أنا غاضب .. لو كان الحاسوب رجلا لقتلته.. رائع أني تخلصت منه قبل أسبوعين..سأشتاق إليه..لكن..
لا تخش أصدقائك ففي أسوء الحالات يمكنهم خيانتك ..
لا تخش شيئا.. كن قويا أقوى من الرغبة التي تعتصر أحشائك وتقتلع شرايينك الباردة..
حين يعجز اللسان عن ذكر محاسن الآخرين حتى ولو كانوا أعدائك.. تعلم أن تجعل من الصمت أبلغ لغات الكلام ..
ماذا يحصل ؟ ما سيقع في نهاية العالم ؟
الرغبة بالموت. ..الرغبة بالجوع ؟ وقواميس انتهى مفعولها مع عصر اللاحب و زمن الخيانات بأشكالها المتعددة والبعديات ما بعد الصناعة للتفاهات و المفردات الباليه ..
منبع الأمان يتحول إلى منبع للقتل..
الدود ينخر أجسادنا ونحن أحياء نشاهد مصيرنا في استكانة..
جاء السيد لعنة.. يعتقد أن النصائح من شئنها أن تغني أو تسمن من جوع .. وفي نفس الوقت الصمت الأبدي سيحرق الكلام .. كل المفردات ستحترق..
ستحترق حين تعلم أن الأصدقاء يمكنهم خيانتك في أسوء الظروف ..
تعلم أن لا تخشاهم..تعلم أن تهرطق يمينا وشمالا وتعتذر.. تعلم أن تبوح بسرك للعنكبوت ؟ للجدار ؟ للكتب ؟؟ لأي شيء إلا بني جنسك ..
في الليل العصي ..
تنفلت دمعاتنا..
تتمرد دواتنا على ذاتها في محاولة يائسة لكسر قيود الجحيم و............. أشياء أخرى لا يعلم بها إلا الله .. وقلب راكن في الزاوية التسعين كالعنكبوت ..
عش الزمن ..عش الخطيئة ..وعش الفقر الذي يصر والدي على تركنا فيه ..
كان أبوك صالحا ..
أبي لا يريد أن يأتي حتى لقضاء العيد معنا ..لا أدري لم يحملني المسؤولية..دائما..وأبدا
في الليل البهيم تغرق.. ونغرق في قاع من الصابون والوهم .. الصفعة الساخنة تأتي من أقرب الأقرباء..
هنا..ينام الألم..
سحقا لمساحيق التجميل.. وسحقا للصداقة.. وسحقا للغرور..
يأخذ مني كل شيء ..
رحلت.. ماتت..بعيدا عنها ..قالت لي ذات مساء غابر..
_ الناس معادن
الناس دموع.. أروعهم..تلك التي تخص التماسيح
سحقا لدموع التماسيح...
بها أعرف أن الحزن لا أول ولا آخر له..
على عجل هربت من البوح المندفع نحو الشوارع، من الكلام الملقى على طاولات المقاهي وبارات المدن وعالمه السفلى
اليوم ارتكبت خطا جسيما..نسيت نفسي وانجرفت في تيار رسائلكِ الموغلة في الغموض
ما أسوأ الألم الراكد في قاع الأحلام..
والأمنيات دمار
خراب ..
شيء يقول : إنا سنرحل عما قريب
إنها ساعة الموت بلا حياء .. ساعة الرعب الممزوج بمذاق القهر والغرور..وأشياء أخرى تبعدنا عن التاريخ..وتبعد التاريخ عنا..
تاريخ الحب صار مليئا بالمقابر..كل مقبرة تحمل شاهدة منذ أمد بعيد..
لولا الحب في جوانحه....
كم يوحي بالخيانة هذا البيت الشعري. ..فلتمت ؟
بريد وارد منها :
حين تنكسر ..تعلم ألا تسقط وحيدا في بئر العتمة
حين تنكسر تعلم أن تصفع نفسك عوض أن يصفعك الآخرون..لربما صفعتك احن عليك من صفعة الآخرين..
لكني لم انكسر.. اليوم شيء ما أعاد إلى ابتسامتي المفقودة
تادكت أني كنت أغبى من الغباء ذاته ..
حين أفكر قليلا أجد أن كل التفاهمات التي جعلتني ابكي ما هي إلا .........
حين تبكي..فكر ألف مرة انه لا يوجد شيء في هذا العالم يستحق أن تذرف من اجله دموعك..
لا يوجد سوى........ الحب البعيد القصي عن مقلة العين الجافة..
هنيئا لنا بانكساراتنا حين تحتال علينا ...
هنيئا لنا بانكساراتنا حين تؤكد غبائنا وبان كل الأشياء التي دمعت لها أعيننا ليست بتلك الأهمية بمكان ..
بقليل من الذكاء اكتشفت أن السعادة بين يدي وان في العالم يوجد ارق وأروع وأنبل قلب في الوجود..
بقليل من الذكاء اكتشفت غبائي .. ألأغبياء والحمقى وحدهم على يقين من أن كل ما يبوحون به هو الصدق بعينه ..
متى كان الحمقى على صواب ..ومتى كان الصائبون على خطا ؟؟
في متاهة للعشق يكون بوحنا صادما ؟؟ تكون أحلامنا كابوسا يهدد حقد الأخر..
اللعنة ..
وبعد مدة :
انتظر رسائلك دون جدوى..أين اختفيت وتركتني كالبلهاء أراسل الفراغ ؟؟ أتراه صدرك قد انفجر في وجهي ؟؟..أم انك تمارس عملية احتيال جديدة بضمير المتكلم ؟؟ انتظر رسالة منك..
بعد مدة أخرى
...
أولا .. لقد قرأت رسائلكما .. أضحكتني بعضها وأبكتني أخرى..
قرأت الرسائل الأخيرة.. اكتشفت أني سرقت الميسنجر الخاطئ، لست الشخص الذي ترسلين إليه الرسائل..أو رصاصك بالمعنى الصحيح ..أو ليست الكلمات قادرة على القتل أكثر من رصاصة باردة ؟؟
تمنيت أن أكونه غير لص يحاول أن يسطو على أوهام الناس الافتراضية في عالم عنكبوتي وهمي .. وماذا بعد ؟؟ ليس هناك بعد في هذا العالم الافتراضي النتن...
لن أعيد الميسنجر وسأدمر كل الرسائل ...
بعد شهر ...
حاولت أن تفتح بريدها كالمعتاد.. تفاجأ برسالة تنبيه :
mot de passe incorrect
تحاول مرة أخرى.. لكنها تفشل..
لقد سرق ايميلها كما سرق أيميله..
بكت كثيرا..لكنها مسحت دموعها وهمت تفتح ايميلا جديدا وتبحث عن شخص افتراضي آخر تسرد عليه واقع يومياتها...
إلى الوراء :
انسحب إلى الوراء هاربا من صفعتها مثل حروف الرسالة الباردة، وهى تذوب خجلا من سرقة الأسطر والعنوان فوق صفحتها الجافة.. كأنها سرقت نفسها..
mot de passe incorrecte
انهالت الرسائل ككرات الحصى، صارت تقتله بوابل من زخات الكلام على شبكه الهواء القادمة من بحر بعيد.يغرق في لهيبها ويهتاج غيرة من الأحرف التي تكتبها أناملها ، وصار يشعر أن لها مقاما يفوق قامته رفعة وكبرياء.
اختنق بجحافل من الاغبرة التي سكنت أنفاسه، وهو يلوذ بالصمت.. الصمت الأشد قتلا من الصراخ، أو ربما اعتبره البلاغة الأكثر تعبيرا عن جراح لا تنطق إلا بلغة الألم.. فقط ليكتشف أن الصمت هو البلاغة الوحيدة في مواقف حبها الحرجة..