يكبو فنحملُهُ على الأعناقِ

2018-09-08
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/12f13fc5-a203-486c-bf5b-a5e94dd00424.jpeg
يكبو فنحملُهُ على الأعناقِ
هذا عراقُك يا صديقُ، عراقي

يصبو فنرسلُهُ الى الأفاقِ
ومكانُهُ في القلبِ والأحداقِ

يا هاتفاً ( عيني ) اذا خاطبتَهُ
 ومردداً ( روحي)  أوانَ تلاقِ

ومكنيّاً ( عمّي )، ( أخي ) لمسافرٍ 
أو عابرٍ في شارعٍ وزقاقِ

بيتُ المضيفِ فناؤهُ رَفَدَ الورى
بالماءِ والفنجانِ والأطباقِ

بستانُ نخلٍ والتمورُ شواهدٌ
لعراقةِ الأصنافِ والأعراقِ

وضفافُ شِعرِ والجميعُ ترنحوا
من فرْطِ ما أهدى الى العشّاقِ

هذا عراقُكَ يا صديقَ عراقي
يمضي فنحضرُهُ من الأوراقِ

فالأنسُ فينا ما سعى أنسٌ بها
والجنُ فينا للقيامةِ باقِ

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ


ملاحظات

أ ـ من أدوات النداء والمخاطبة في اللهجة العراقية الشعبية في كل الأمكنة في العراق التي تتحدث في العربية ـ بل وحتى في لغات العراق الأخرى ـ هناك كلمات عيني وروحي وقلبي التي يخاطب بها العراقي ضيفه أو صديقه أو محدِّثه، ومن الواضح ان العين والقلب أعز ما يمتلك الانسان أما الروح فكلمة تعني في اللهجة العراقية الشعبية جوهر الانسان أو الأنسان كله، ومن الجدير بالذكر ان مثل هذه الحميمية في المخاطبة لا توجد عند معظم شعوب الأرض، واستطيع ان أقول انها وبهذه الدرجة العالية اختصاص عراقي .

ب ـ هناك  ظاهرة أطلاق لقب ( عمّي ) أو ( أخي ) على الغريب أو من يلتقيه العراقي في السفر أو في الشارع والمكان العام ولم يسبق له ان يعرفه، فكلمة ( عمّي )  تُطلق على الأكبر في العمر وكلمة ( أخي ) تُطلق على المقارب في العمر .. وفي هذا أِنماء للغريب الى العائلة و أقرب درجات القربى، وهذا حاصل ميراث انساني كبير حيث الجميع أخوة في الإنسانية .

ج ـ بيت الضيافة العراقي مؤسس أصلاً للكرم وتأدية وظيفة اجتماعية وأخلاقية واشتراكية فعلاً لا قولا من خلال تقديم الخدمات مجاناً  من أكل وشرب ومبيت والمساعدة في حل المشاكل لكل وافد بغض النظر عن أصله وعرقه ودينه وطائفته ومستواه الاجتماعي أو التعليمي أو المالي أو الوظيفي .

د ـ أصناف التمور في العراق عديدة ومتنوعة تنوعَ اشجار النخيل ويصل عددها الى اربعمئة صنف، وتختلف هذه التمور في الحجم واللون والشكل والحلاوة والملوحة والنكهة والصلابة ودرجة وزمن النضج ، ومن الفلاحين مَن يسمح لمتسلقِ نخلةٍ من بستانه ان يحوي من الرطب أو التمر ما يكفي لحاجته دون ان يأخذ معه ما يفيض عن الحاجة  الشخصية، وفي هذا التوجه اشتراكية ماقبل نظريات الأحزاب بقرون نهجها على أرض الواقع فلّاحون عراقيون أميّون ... ومن هذا كله نريد أعادة تعريف العراق الحضاري والإنساني والعظيم لعالم السلطة والمال الجاحد ولأبناء العراق الذين فاتهم في غمرة الفوضى والتزوير والتدجين موقع بلدهم في التاريخ الأِنساني وأهميته لبني الانسان مثلما نطمح الى صيانة الملامح العظيمة التي كوّنت الشخصية العراقية وصاغت قوام العراق النبيل، وعدم إحلال تفاهة العولمة محل الذهب الذي سبكه التاريخ وصاغته التجارب الإنسانية الكبرى، واذا كان لابد من إضافات بحكم مرور الزمن وتبدل الأحوال فلتكن أضافات جميلة وخلّاقة وبناءة ولا تهدف الى تدمير روح الانسان ومسخه تمهيداً الى تدمير ومسخ وطنه .

ه ـ زمان ومكان كتابة هذه القصيدة في يوم الثلاثين من تموز 2018 في برلين، على ان المطلع قد وافاني قبل هذا التاريخ بيوم واحد أي في يوم التاسع والعشرين من تموز .


كريم الاسدي

كاتب وشاعر عراقي يعيش في برلين

karim.asadi777@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved