مدخل:
برز أديب العرب أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ـ وهو اللقب الغالب عليه، أو الحدقي لجحوظ عينيه وبروز حدقتيه، في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري، وقد اشتهر بعلمه وأدبه، فذكروه للمتوكل لتأديب بعض ولده؛ فلما رآه استبشع لمنظره فصرفه، وأمر له بعشرة آالف درهم. وكان الجاحظ ـ مع علمه وكثرة تصانيفه ـ عاجزا عن تدبير
الأمور، فلما واله الخليفة رياسة ديوان الرسائل، بعد إبراهيم بن عباس الموصلي، اعتزل بعد ثلاثة أيام، ورجع إلى البصرة للقراءة والتصنيف .
.
وكان أديبنا الجاحظ معتزليا تتلمذ على إبراهيم النظام، واشتهر بين المعتزلة فانتسب بعضهم إليه، وهم: »الجاحظية«، وأصابه الفالج وقد نيف على التسعين، وكان بعض البرامكة قد تقلد السند ثم صرف عنها، فبلغه في طريق عودته إلى العراق أن الجاحظ عليل؛ فأحب أن يراه قبل وفاته وزاره في مرضه
.
وكانت وفاته في شهر المحرم سنة 522هـ الموافق 666م، وقد كتب الجاحظ عن المغنين؛ فكانت كتاباته من األعمال المهمة التي تلقي الضوء على هذا الجانب من الحياة المدنية المترفة.
ويحدثنا الجاحظ عن الفئة باعتبار أن الغناء أصبح فنا له أسسه العلمية، شأنه شأن الآداب والفنون الأخرى، كما كان من المعجبين بالغناء، ويرى أنه متعة فنية، وكان يدافع عن هذا الفن، ويذكر ياقوت الحموي من مؤلفات الجاحظ: كتاب أخالق المغنين، وكتاب المغنين والغناء والصنعة ويورد السيد السندوبي كتاب المغنين والغناء والصنعة، وكتاب طبقات المغنين في
مؤلفات الجاحظ .
.
غير أننا نستطيع أن نتمثل صورة كاملة لبيوت القيان وللقيان أنفسهن ومدى تأثيرهن في المجتمع الإسلامي، وذلك مما كتبه الجاحظ في رسالة القيان التي يقول فيها: "إن في المجتمع بين الرجال والقيان ما دعى إلى الفسق والارتباط والعشق، مع ما ينزل بصاحبه من الغلمة التي تضطر إلى الفجور، وتحمل إلى الفاحشة.