أن المغنين في عصر الجاحظ قد توزعوا على طبقات كما يدلنا على ذلك كتاب الجاحظ آنف الذكر، "طبقات المغنين"، ولكن ما وصلنا ليس إلا مقدمة للكتاب ألأصل، فهو يتحدث في موضوع المغنين وطبقاتهم كما هو متوقع؛ بل تنتهي كتاباته بعد
أن يبين الجاحظ خطته وهدفه وطريقته في الكتاب . وفي مقدمة الكتاب يتحدث الجاحظ عن فروع المعارف، حسب ما قسمها الفلاسفة القدماء وهي: النجوم وأبراجها وحسابها، والهندسة والكيمياء، والطب واللحون؛ ثم يتحدث بعد ذلك عن تاريخ الموسيقى منذ العصور الإسلامية، ثم يرسم خطة الكتاب تبعا إلى:
أ - تقسيم المغنين حسب آالتهم وأدواتهم، والمذاهب التي نسبوا إليها أنفسهم، وخصائصهم وشهرتهم
ب - أن يعطي لكل طبقة اسمها الخاص بها.
ج - توجيه الإهتمام إلى المغنين المعاصرين فقط، وخاصة من عاش منهم في بغداد.
د - أنه يترك فراغا عند نهاية كل فصل لمغنين ناشئين؛ لكي يضيف أسماءهم في المرتبة التي يستحقونها، أو يحذف من فقد شهرته أو تخلف عن طبقته، بأن يضعه في الطبقة التي يستحقها.
وكان من بين المغنين في عصر الجاحظ "فتية أشراف وخالن نظاف" وكانت هذه الطبقة مقربة إلى الخلفاء والوزراء حتى إننا نجد إسحاق بن إبراهيم الموصلي مقربا إلى جعفر بن يحيى البرمكي، وكان يدخل عليه دون حجاب، وكان يحظى منه ومن بعض الخلفاء بكثير من الحظوة وحسن المعاملة وجزيل العطاء؛ كما نرى في هذا النص:
ليس الحجاب بمقصٍعنك لي أملا ان السماء ترجى حين تحتجب
وكان التنافس شديدا بين المغنين من القيان ممن حذقن الغناء والشعر الفاضح المكشوف، وكانت الحاذقة منهن تروي: اربعة آلآف صوت فصاعداً يكون الصوت فيما بين البيتينالى اربعة ابيات، عدا ما يدخل لك الى الشعر، اا ضرب بعضه ببعض عشرة آلآف بيت ليس فيها كر الله الاّ غفلة، وكانت هذه اللأغاني عن حديث الزنا والفسق والشوق والغْلمة، وكان هناك من يختص بتعليم الجواري وتأديبهن وتعليمهن