ارتبطت مجالس الغناء والمغنين بمجالس الشراب التي كانت تمتد إلى مطلع الفجر. ويحدثنا الجاحظ عن بعض أدوات المغنين التي كانوا يعزفون عليها لحونهم مع الرقاصين والزمارين؛ والضرب بالطبل على الإيقاع الموزون، من غير " ٍتعليم
.
وتحدث الجاحظ عن السراة، وتعتبر هذه الطائفة من األسر البغدادية التي كانت تعنى بمجالس الغناء والموسيقى عناية فائقة وكانوا يشكلون مجموعة تتمتع بالجاه وأسباب الترف.
عرف منهم من كان من أهل ذلك العصر ورجاله، كآل طاهر والمصعبيين، واسحاق بن مصعب وعبد اهلل بن طاهر، وطلحة، وكانت هذه العناية تتخذ إلى جانب هذه المجالس مظهرا علميا ونظريا، كما نرى ذلك في بعض ما يورده صاحب كتاب الأغاني من أن: "التراجمة عندهم كانوا يترجمون لهم كتب الموسيقى"التي تساعدهم بعد ذلك في الغناء وليالي السمر التي كانت تعقد في قصور الخلفاء، إضافة إلى بعض المناقشات التي تدور بينهم وبين إسحاق الموصلي حول الموسيقى ونظرياتها.
ومن هذه األسر »آل هاشم«، وكانت مجالس الهاشميين تجمع إلى جانب الغناء والسماع الحديث في أخبار الغناء وأنسب األصوات، فهذه األسر اهتمت إلى حد كبير في اقامة الحفلات الغنائية الرائعة في ذلك الزمان بالغناء والموسيقى والمغنين، وا . وقد لمعت أسماء العديد من المغنين والمغنيات، وكان لها حضورها الواسع الكبير في الأوساط الإجتماعية والفنية لدى مختلف الطبقات من الخلفاء والوزراء وأصحاب المقامات العالية في المجتمع، وقد ذكر صاحب »الأغاني« ذلك، وأورد الكثير من قصصهم وعلاقاتهم بتلك الطبقات بشيء غير قليل من التفصيل والتوضيح
.
وهذه بعض ألفاظ وآلات الطرب والموسيقى والغناء التي وردت عند الجاحظ، وعند غيره من المهتمين بهذا الجانب:
الإيقاع: من خلال حديثه عن الزنج، يقول الجاحظ: "وهي أطبع الخلق على الموق والرقص الموزون، والضرب بالطبل على الإيقاع الموزون، من غير تأديب اتعليم ولفظة إيقاع مولدة
ّك أو نقل
، وقد تطورت داللة المادة في السامية، وهي بمعنى ف
)21(
.
َ وفي »تصحيح التصحيف« ينقل »الصفدي« عن »تثقيف اللسان« للصقلي: "ويقولون: َنى
غ
ُ
ي
قاع
بالل . والصواب باإليقاع، مصدر أوقع يو قع"
)22(
.
ويورد تيمور بيتين من الشعر للشيخ أبي بكر البغدادي في هذا المعنى:
غن بىىىىىىىىىىىىىى ّىىىىىىىىىىىىى ل يقىىىىىىىىىىىىا
ُن
بيىىىىىىىىىا
* ىىىىىىىىىىى
بيىىىىىىىىىا بن من بنقىىىىىىىىى ب
فكأن ّمىىىىىىىىىىىىىىىا يىىىىىىىىىىىىىىى فىىىىىىىىىىىىىىىى
ُن
* سىىىىىىىىىىىىا
ضىىىىىىىىىىىىيب في ىىىىىىىىىىىىا ل ب
ويقول آخر:
إن ر صىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىي ع ىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى
* مقىىىىىىىىىىىىى ار إيقىىىىىىىىىىىىىا ال مىىىىىىىىىىىىىان
)23(
وفي اصطالحات الموسيقى يعرف الخوارزمي »اإليقاع« بأنه "هو النقلة على النغم في
أزمنة محدودة المقادير. والنسب أصناف، وأنواع اإليقاعات العربية أولها: الهزج وهو الذي
تتوالى نقراته نقرة نقرة، وهذا رسمه تن تن تن تن تن تن تن. والثاني: خفيف الرمل، وهو
الذي تتوالى نقراته نقرتين نقرتين خفيفتين وهذا رسمه: تن تن, تن تن, تن تن, تن تن.
و الثالث: الرمل ويسمى: ثقيل الرمل وهو الذي إيقاعه نقرة واحدة ثقيلة ثم اثنتان خفيفتان وهذا
رسمه تن, تن تن, تن, تن تن تن, والرابع: الثقيل الثاني، وهو: اثنتان ثقيلتان، ثم واحدة
خفيقة، وهذا رسمه تن تن, تن. تن تن, تن. و الخامس: خفيف الثقيل الثاني ويسمى
الماخوري وهو نقرتان خفيفتان ثم واحدة ثقيلة وهذا رسمه: تن تن, تن تن تن, تن. السادس:
الثقيل األول، وهو ثالث نقرات متوالية ثقال، ورسمه: تن تن تن, تن تن تن. والسابع: خفيف
الثقيل األول وهو ثالث نقرات متوالية أخف من نقرات الثقيل األول، وهذا رسمه: تن تن تن
)24( تن تن تن
.