طلبَتْ مِنِّي رئاسة التَّحريرِ كتابة (قصَّة قصيرة جدّاً)، فأرسلْتُ لها مُسْوَّدَتِي الأولى، اكتب فيها عن أمِّي التي ماتَتْ قهراً بعد أشهرٍ من استشهاد أخويَّ في الحرب على بلدي المُثْخَنِ بالجراح، وعن وطني العربِيِّ الكبير مقسَّماً إلى دويلاتٍ تَنْحَرُ بَعْضَهَا، وعن الحُرِّيَّةِ التي حُرِمَ منها كلُّ عربيٍّ، وعن فلسطين السَّليبَة .
أُعِيدَتْ لي المُسوَّدَةُ ، مُذَيَّلةً برفض النشْرِ، لأنَّها أطولُ من اللازم .
كَتَبْتُ مَخْطُوطَةً جديدةً عن امرأةٍ أُحِبُّها، فَحَذَفَتْهَا الرقابة .
أعَدْتُ كتابة قصَّتي، وتحدثتُ عن عذاب الضَّميرِ الحاضر المُتَكَلِّمِ، فَتَلقِّيْتُ صفعةً جديدةً .
لمَرَّةٍ أخيرةٍ، تفتَّقَ ذهني وأنجزْتُ، فقرأْتُ صباح اليوم التَّالي اِفتتاحيَّةَ رئيس التَّحرير يُشِيدُ بأقصر قصةٍ، تختصر الأدَبَ العربيَّ في كلماتٍ ثلاثٍ: (قصةٌ، قصيرةٌ ، جدّاً).
03/03/2018