أنا مثل كل الناس؛ لا أحب أن أهان أو تُمسَّ كرامتي، لكني في تلك المرة قبلت ألا أُعاملَ كرجل محترم؛ كؤوس، صحون، وكراسي تكسرت على رأسي، تشكيلة من صفعات ولكمات أمطرت وجهي، باختصار نلت ما يناله الطبل يوم عيد ولم أحرك ساكنا
ثم أشرت نحو صندوق القمامة، الذي وضعته بلدية المدينة، قبالة الأدوية الموضوعة بعناية على رفوف الصيدلية . ابتسمت الدكتورة؛ إذ ظنت أني أنتقد وجود الأزبال قرب الأدوية، ألقت نظرة بلا اكتراث نحو قمامة المكان، المفعمة بأزبال غٌضَّ عنها الطرف لأيام
أنا لا أتقبل أن أضع قدمي على صندوق ماسح الأحذية، فالأمر يشعرني بالحقارة وبأني لا أطبق مبدأ المساواة التي أدعو الناس للإيمان به، لكن هذا الشاب الملحاح جعلني أقوم باستثناء إكراما له، فتركته يلمع حذائي وانشغلت عنه بتصفح جريدة
انظر إلى وجهي جيدا، أيعقل أني؛ الأستاذ المبجل، الذي كان يقام له ويقعد ولم يعد يلتفت إلى الجهة التي يتواجد بها! أنام بجوار معتوه لا يعرفني ولا أعرفه، ولم تكن لتربطني به أية قرابة دم أو حتى ماء! يحترم ويقدر حسن الجوار، وأنا أيضا أبادله نفس الشعور بكث...
تأبط حزمة أوراق، وضع أقلاما حبر في الجيب الداخلي لمعطفه الشتوي، ثم أقفل باب داره، وتحت المظلة خطى خطوات مسرعة نحو مقهى "الواحة" المجاورة لحيه. أقفل المظلة ووضعها في ركن كان مخصصا للنباتات وقت تدشين تلك المقهى، ارتكن بعيدا عن الزبائن
ما كان لي أن أهوى حرباء/مرة بلون العشب/وأخرى كرمال الصحراء ما كان لي أن أتق/بسراب شيمته الإغواء/بامرأة بثوب الزهد/ترقص عارية للغرباء
إن ضاعت قدماك رفرف جناحاك./فإنما لا تتوقف عن المشي الأقدام، وإنما تتوقف العقول. رب امرأة خير من ألف قدم./التوقف عن المشي مسألة حتمية.
بحب السيما"! بل أنا مهووس بها؛ كل الأفلام التي دارت أشرطتها على الشاشة سواء أكانت فضية أم ذهبية، يستحيل ألا تكون قصصها غير مسجلة على شريط ذاكرتي، بل أغلب مشاهدها إن لم أقل كلها أحفظها عن ظهر عين؛ منذ أفلام "Charlie Chaplin "وكثيرا ما أستبق قاعات العر...
دون مرور سنين عمري وجدتني ما عدت شابا يافعا، بل صرت شيخا هزيلا ونحيلا، وعلى عيني نظارتين طبيتين لم أقتنيهما أبدا، ضاق نفسي وكأني مصاب بربو أو كأني بأعلى قمة بجبال "الهيملايا"، تشقق وجهي وأصبح كأرض بور، والغريب في الأمر أني فقدت أسناني في ظروف أجهلها،...
صباحي هذا ليس كباقي الصباحات، نهضت فوجدتني هكذا وبلا سابق تمهيد لا أطيق جلدي؛ غمة خيمت على سائر بدني ولم أعد أرى سوى سواد يغشاه سواد، فقررت أن أروح النفس الأمارة بالسوء، بالسفر خارج مجال مدينتي؛ التي لا شيء فيها تغير؛ المعالم ثابتة في محلها إلى أن يأ...